سياسة

ساقية سيدي يوسف.. كيف دفع التونسيون ثمن دعمهم للثورة الجزائرية؟

14 فبراير 2025
أحداث ساقية سيدي يوسف  بتونس.jpg
أحداث ساقية سيدي يوسف جرح الاستعمار الفرنسي المفتوح ( صورة: أرشيف)
بوبكر بلقاسم
بوبكر بلقاسم

في الثامن من فيفري/شباط من العام 1958، صنع الشعبان الجزائري والتونسي أحد ملاحم تاريخهما ونضالهما المُشترك، حينها كانت تونس لم تحتفل بعد بالعام الثاني لاستقلالها، امتزج فيها الدمّ الجزائري والتونسي أمام عدو واحد بعد قصف قرية صغيرة تقع على حدود البلدين.

 ساقية سيدي يوسف الحدودية بين تونس والجزائر كانت المعبر الخفي لدخول المؤونة والأسلحة من تونس دعمًا للثورة التحريرية الجزائرية

شكّلت ساقية سيدي يوسف الحدودية بين تونس والجزائر، المعبر لدخول المؤونة والأسلحة من تونس دعمًا للشعب الجزائري في ثورته ضد المستعمر الفرنسي.

تمكّن الشعبان من إزالة تلك الحدود الوهمية بنضالهما من أجل التحرر من براثن الاحتلال الفرنسي، وتظل اليوم أحد عناوين الجرائم التي اقترفها الاستعمار الفرنسي .

ما حدث ذلك اليوم كان انتقامًا من فشل المستعمر أمام التلاحم الكبير الذي لم يستطع رغم محاولاته العديدة أن يضع له حدًا، فالعلاقات بين الشعبين عريقة وضاربة في التاريخ، بحكم الماضي المشترك والموروث الحضاري والثقافي للبلدين الشقيقين.
 

جريمة الاستعمار الفرنسي في ساقية سيدي يوسف بتونس

معبر الدعم خلال الثورة التحريرية

تقع قرية "ساقية سيدي يوسف" على الحدود الجزائرية-التونسية، على الطريق المؤدية من محافظة سوق أهراس في الجزائر إلى محافظة الكاف في تونس.

في الثامن فيفري 1958 أوقعت طائرات المستعمر الفرنسي 68 شهيداً من بينهم 12 طفلًا من تلامذة المدرسة الابتدائية، بالإضافة إلى 87 جريحاً 

شكّلت القرية منطقة استراتيجية حيث تدخل منها المؤونة والأسلحة من تونس دعمًا للشعب الجزائري في ثورته المستمرة ضد المستعمر الفرنسي. كما كانت قاعدة خلفية لنقل المصابين وعلاجهم داخل تونس، تفطنت فرنسا إلى الأمر فاستعملت أسلوب الانتقام الجماعي وقررت قصف القرية الهادئة.

صباح الجريمة  

صباح يوم السبت الثامن من شباط/فبراير من عام 1958، كان يوم سوق أسبوعية في القرية، وكان من عادة الجزائريين المستقرين على التراب التونسي القدوم إلى السوق من أجل اقتناء أغراضهم.

كما صادف ذلك اليوم تواجد كبير لأفراد من جيش التحرير الوطني، الذين قدموا في مهمة استلام بعض المساعدات من الهلال الأحمر التونسي والصليب الأحمر الدولي، كان يومًا هادئًا كما اعتاد أهل القرية.

لكن المفاجأة كانت كبيرة، حيث داهمت القرية أسراب من الطائرات الحربية، وراحت تدك القرية الصغيرة دكًا، مستهدفة المباني الحكومية ومنازل المدنيين، وقامت بمطاردة العزل الهاربين من جحيم القصف إلى خارج القرية.

جريمة الاستعمار الفرنسي في ساقية سيدي يوسف بتونس

تواصل القصف نحو ساعة من الزمن، مما حوّل القرية إلى خراب، حيث أوقعت طائرات المستعمر الفرنسي 68 شهيداً من بينهم 12 طفلًا من تلامذة المدرسة الابتدائية، بالإضافة إلى 87 جريحاً، وتهاوت العديد من المباني الحكومية، وتحطمت الكثير من الدكاكين والمساكن.

لقد كان أحد مندوبي الصليب الأحمر الدولي متواجدًا هناك ذلك اليوم، فقد كان من عادته القدوم من أجل توزيع المساعدات للاجئين الجزائريين المتواجدين هناك، وقد صرح في شهادته أنّ القاذفات الفرنسية حطمت ثلاث عربات شحن تابعة لمنظمته، وواحدة تابعة للهلال الأحمر التونسي وكلها كانت مشحونة بالمساعدات الغذائية.

 من جانبها؛ ندّدت الصحافة العالمية بذلك العُدوان الغاشم، فما كان حصاد فرنسا إلاّ إدانة العالم لتلك الجريمة النكراء.

جرح الاستعمار المفتوح بساقية سيدي يوسف

جُرح الاستعمار المفتوح

تعود ذكرى أحداث ساقية سيدي يوسف على وقع ظروف صعبة تعيشها تونس والجزائر، تتجلى بوضوح في المناطق الحدودية التي تعاني نقصًا فادحًا في التنمية:

"أحداث الساقية" كانت موعدًا مع التاريخ، وتُجسِّد فيه النّضال المغاربي في أسمى معانيه، كما كان مُنعرجًا في تاريخ الدولتين، إذ طلبت تونس الجلاء الكامل للقوات الفرنسية من أراضيها بعد تلك الأحداث فيما اتخذت الثورة داخل الجزائر شكلًا آخر وتجسّد التضامن أكثر بعد إنشاء جبهة الدفاع المشترك، بموجب لائحة صادقت عليها جبهة التحرير الجزائرية، وحزب الاستقلال المغربي، والحزب التونسي في ندوة احتضنتها طنجة في نيسان/أبريل 1958 والتي توجت ببيان مشترك يؤكد دعم تونس والمغرب للثورة الجزائرية.

 

 

الكلمات المفتاحية

البرلمان الجزائري

مشروع قانون تجريم الاستعمار.. من الأدراج إلى الواجِهة

تتّجه الأنظار نحو عمل اللجنة المكلفة بصياغة مشروع قانون تجريم الاستعمار، التي تضمُّ ممثلين عن مختلف المجموعات البرلمانية، إذ ستباشر عملها خلال هذا الأسبوع وفي آجال محدّدة.


الأزمة الجزائرية الفرنسية

ملف الهجرة بين الجزائر وفرنسا.. ماذا عن اتفاقية 1968 المُهدّدة بالإلغاء؟

تتطور الأزمة السياسية بين الجزائر وفرنسا نحو أكثر الملفات حساسية بين البلدين، أهمها: ملف الهجرة وحركة تنقُّل الأشخاص، حيث تسعى حكومة فرانسوا بايرو إلى إنهاء العمل باتفاقية الهجرة لعام 1968، لكونها تتضمن بنوداً كانت تمنح امتيازات للرعايا الجزائريين فيما يخص الهجرة والعمل والإقامة والتجميع العائلي.


محرقة غار "أوشطوح" بولاية باتنة

جرائم الاستعمار الفرنسي.. شهادات حية عن مِحرقة "غار أوشطوح" بولاية باتنة

هرب أهالي منطقة وادي "تارشوين" بأعالي منطقة باتنة شرق الجزائر إلى مغارة "أوشطوح" للاحتماء من القصف، لكنهم تعرضوا لاختناق بالغازات السامة التي استخدمها الجيش الفرنسي. ظلّت هذه المجزرة محفورة في ذاكرة الناجين الجريحة وفي قلوب من كُتِب لهم العيش بعطب الماضي الاستعماري.


قمة الاتحاد الأفريقي في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا

الجزائر تُعزّز المساعي القانونية الأفريقية لتصنيف الاستعمار كجرائم حرب

تعملُ أربع دول أفريقية، هي الجزائر وجنوب أفريقيا وغانا ونيجيريا، على تطوير آليات سياسية وقانونية لتنفيذ القرار الأفريقي الذي يطالب بـ "تصنيف الاسترقاق، الترحيل والاستعمار كجرائم حرب ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية".

(الصورة: فيسبوك)
ثقافة وفنون

المخرج عباس فيصل: تمثيل الجزائر في مهرجان "العودة" الفلسطيني شرف لا يقدّر بثمن

عباس فيصل ممثل مسرحي ومخرج سينمائي صاعد متخصص في صناعة الأفلام الوثائقية، حاصل على شهادتي تقني سامي في المحاسبة والتسيير، وليسانس في علم المكتبات والمعلومات، يترأس نادي الفن السابع بالجزائر العاصمة، شارك في عدد من المهرجانات الدولية وسيكون له حضور في مهرجان فلسطيني قريبا، سيتحدث عنه وعن تيمته وعن فيلمه الذي سيعرض ضمن هذه الفعالية، كما سيتطرق عبر حواره مع "الترا جزائر" إلى السينما…

مباراة الخضر
رياضة

الأمن يحذّر من اقتناء تذاكر مزوّرة خاصة بلقاء الجزائر وموزمبيق

دعت المديرية العامة للأمن الوطني، مناصري المنتخب الوطني المتنقلين إلى ملعب حسين آيت أحمد بتيزي وزو، لمتابعة مباراة الخضر وموزمبيق، لتفادي اقتناء التذاكر المطروحة للبيع من قبل أشخاص مجهولين أو عبر منصات التواصل الاجتماعي.


عدل 03.jpg
أخبار

كشف راتب جوان 2024 في ملفات عدل 3 يجرّ بلعريبي لمساءلة برلمانية

وجّه النائب في المجلس الشعبي الوطني، مواز أحمد، سؤالًا كتابيًا لوزير السكن محمد طارق بلعريبي حول تعذّر توفير كشف راتب شهر جوان 2024 لبعض الفئات.

الزي النسوي التقليدي الجزائري
ثقافة وفنون

الزي النسوي الجزائري في الطوابع البريدية.. احتفاء بالتراث

يُدوِّن الطابع البريدي قصة وأحداث أيضاً ويُروّج لثقافات أو شخصيات بارِزة تركت بصماتها في التاريخ، كما أنه ناقل للموروث الثقافي الجزائري المادي واللامادي، فكيف احتفت "ورقة البُوسْطة" بالزي النسوي الجزائري؟