القانون الأساسي لقطاع التربية.. مفاوضات حاسمة بعد سنوات من الجدل
11 أبريل 2025
جولة مُفاوضات جديدة انطلقت الثلاثاء بين وزارة التربية ونقابات القطاع، محورها تعديل القانون الأساسي والنظام التعويضي، في محاولة لاحتواء التوترات القديمة وبحث حلول توافقية.
راوح هذا القانون بين المدّ والجزر منذ عام 2008، فهل تصل رحلة مراجعة القانون الأساسي للتربية محطتها الحاسمة؟
تهدف هذه اللقاءات إلى التوصل إلى صيغة توافقية تُنهي حالة عدم الاستقرار التي شهدتها المدرسة الجزائرية خلال السنوات الماضية.
وفي ظلّ طول أمد مراجعة القانون الأساسي، الذي صدر نهاية العام الماضي بنسخة قوبلت بتحفّظ من النقابات، يأمل الشركاء الاجتماعيون أن تُشكّل هذه الجولة من المفاوضات مع الوزارة الوصية المحطة الأخيرة في مسار تحديث التشريعات الخاصة بعمال التربية، بمختلف درجاتهم وأسلاكهم.
لقد راوح هذا القانون بين المدّ والجزر، منذ عام 2008، فهل تصل رحلة مراجعة القانون الأساسي للتربية محطتها الحاسمة؟ وما هي الإجراءات التي ينبغي على الحكومة اتخاذها لإغلاق هذا الملف نهائيًا، والتفرغ بعدها لتطوير المنظومة التعليمية، بما يخدم مستقبل أكثر من 12 مليون تلميذ؟
ثلاثة لقاءات
في الرابع من شهر نيسان/أفريل الجاري، أعلنت وزارة التربية الوطنية في الجزائر عن استئناف جلسات النقاش المتعلقة بالمقترحات الخاصة بالقانون الأساسي والنظام التعويضي، اللذين صادق عليهما مجلس الوزراء نهاية عام 2024.
محمد شيهوب لـ" الترا جزائر": نطالب بتوحيد تصنيف جميع الأساتذة في الصنف 14، وتخفيض الحجم الساعي إلى 15 ساعة لجميع الأطوار
وأوضحت الوزارة أنّ هذه الجلسات ستخصَّص للاستماع إلى ملاحظات واقتراحات مسؤولي المنظمات النقابية المعتمدة لدى القطاع، وذلك في إطار دراسة وتدقيق النصوص المقترحة قبل اعتمادها بصيغتها النهائية.
وقال رئيس المنظمة الجزائرية لأساتذة التربية "مجال"، بوجمعة محمد شيهوب، لـ"الترا جزائر"، إنّ اللقاء الذي شاركت فيه 13 نقابة ممثِّلة لأساتذة القطاع، كان بمثابة جلسة أولية لمراجعة القانون الأساسي والنظام التعويضي الجديدين، واللذين أثارا ردود فعل غير راضية من قبل الأساتذة، عقب صدورهما في الجريدة الرسمية مطلع العام الجاري، ودخولهما حيّز التنفيذ.
وأشار بوجمعة محمد شيهوب إلى أنّ عدم رضا الأساتذة عن الصيغة الجديدة للقانون الأساسي يعود إلى تجاهل الوزارة لمقترحاتهم السابقة، مؤكدًا أن الوزير السابق، عبد الحكيم بلعابد، لم يلتزم بالوعود التي أطلقها، ما دفع الوزير الحالي، محمد صغير سعداوي، إلى محاولة تصحيح هذه النقائص من خلال استئناف جلسات الحوار.
وأوضح شيهوب أنّ الوزير سعداوي التقى بممثلي النقابات في شهر شباط/فيفري الماضي، وشكّل لجنة برئاسة مدير ديوان الوزارة، استقبلت خلالها مقترحات الشركاء الاجتماعيين المتعلقة بتعديل القانون الأساسي. وقد خُصصت الجلسة، التي شاركت فيها 13 نقابة، لعرض هذه المقترحات بشكل كامل وتأكيدها من قبل الحاضرين.
وأضاف أنّ بعض النقابات طلبت مهلة إضافية لتقديم مقترحات جديدة، يُرجّح أنها أُودعت لدى الوزارة اليوم، الخميس 10 نيسان/أفريل، إما يدويًا أو عبر البريد الإلكتروني.
ومن المنتظر أن تعمل اللجنة الوزارية على تصنيف المقترحات ضمن محورين: مقترحات محلّ توافق، وأخرى غير متوافق عليها، على أن تُعرض وتُناقش خلال جلسة ثالثة تُعقد يوم الإثنين المقبل، بحُضور النقابات الـ 13 الممثّلة لسلك التعليم.
مطالب نقابية مُتعدّدة
صرّح الأمين العام للنقابة الوطنية لعمال التربية، قويدر نجيب يحياوي، لـ"الترا جزائر" أن جلسة الثلاثاء جاءت في إطار وعود وزارة التربية بمعالجة الاختلالات المسجلة في القانون الأساسي، مشيرًا إلى أن فئة المدرسين تُعدّ الأكثر تضررًا والمعنية الأولى بالتعديلات، نظرًا لكونها تضم أكثر من 700 ألف أستاذ.
من الضروري توحيد تصنيف أساتذة الأطوار الثلاثة (الابتدائي، المتوسط، الثانوي) في الرتبة القاعدية 14، باعتبار أنّ الأساتذة يتقاسمون التكوين والمؤهلات نفسها
وأوضح يحياوي أن النقابة قدّمت مقترحات "واقعية"، مستندة إلى مطالب القواعد العمالية، أبرزها ما تضمنته العريضة المرفوعة إلى الوزارة، والتي شددت على ضرورة "توحيد تصنيف أساتذة الأطوار الثلاثة (الابتدائي، المتوسط، الثانوي) في الرتبة القاعدية 14، باعتبار أنّ الأساتذة يتقاسمون التكوين والمؤهلات نفسها فضلا عن الشهادات العلمية، وهو ما يستوجب توحيد التصنيف بينهم".
تُواصل النقابات التربوية تقديم مقترحاتها بشأن مراجعة القانون الأساسي والنظام التعويضي، حيث تطالب النقابة الوطنية لعمال التربية "أسنتيو" بجملة من التعديلات الجوهرية، على رأسها الإدماج التلقائي دون قيد أو شرط في الرتب الموالية، وإيجاد حلّ للأساتذة حملة شهادة الدكتوراه بالتنسيق مع وزارة التعليم العالي لتمكينهم من التدريس في الجامعات، وفي حال تعذر ذلك، تقترح إدماجهم في أعلى تصنيف مهني (أستاذ مميز).
كما شددت "أسنتيو" على ضرورة تخفيض الحجم الساعي حسب الرتبة والأقدمية، ليكون 18 ساعة لأستاذ قسم 1، و16 ساعة لأستاذ قسم 2، و14 ساعة لأستاذ مميز. وطالبت كذلك بـإلغاء المادتين 58 و59 من النظام التأديبي، اللتين اعتبرتهما النقابة مجحفتين في حق الأساتذة.
كما دعت إلى تحيين المنح والعلاوات لتحسين القدرة الشرائية، واحتساب الأثر المالي الرجعي للقانون الأساسي والنظام التعويضي ابتداءً من 1 كانون الثاني/يناير 2024.
توحيد التصنيف
أمّا المنظمة الجزائرية لأساتذة التربية "مجال"، فقد ركّزت على مطلب توحيد تصنيف جميع الأساتذة في الصنف 14، وتخفيض الحجم الساعي إلى 15 ساعة فقط لجميع الأطوار، مبررة ذلك بتغير طبيعة التلاميذ وحاجتهم إلى مجهود أكبر من طرف المعلمين.
سنّ منح جديدة ورفع قيمة العلاوات الحالية، بما من شأنه تعزيز القدرة الشرائية وتحسين الظروف المعيشية للأستاذ
كما شددت المنظمة على ضرورة إسناد المواد الدراسية لأساتذة التخصص، لا سيما مادتي التربية الإسلامية والتربية المدنية، اللتين تُدرسان في التعليم المتوسط حاليًا من قبل أساتذة اللغة العربية والاجتماعيات.
وفي السياق نفسه، قال بوجمعة شيهوب، رئيس منظمة "مجال"، إنّ نقابته تطالب بـإدماج الأساتذة في الرتب العليا دون الحاجة إلى تكوين إضافي أو خبرة 4 سنوات، كما هو معمول به لدى فئات إدارية أخرى، مؤكدًا على ضرورة تثمين شهادة المدرسة العليا للأساتذة باعتبارها تكوينًا جامعيًا متخصصًا يمتد لخمسة أعوام. وطالبت النقابة أيضًا بـصرف مخلفات النظام التعويضي بداية من 2024، بالإضافة إلى إلغاء المادتين 58 و59، اللتين اعتبرتهما تعاملاً "عقابيًا" مع الأستاذ، وكأنّه متهم.
وأشار شيهوب إلى أنّ هذه المرة تُعدّ الأولى التي يُفتح فيها نظام المنح والتعويضات للنقاش من قبل النقابات، وهو ما شجّع "مجال" على اقتراح سنّ منح جديدة ورفع قيمة العلاوات الحالية، بما من شأنه تعزيز القدرة الشرائية وتحسين الظروف المعيشية للأستاذ.
من جهته، لفت الأمين العام للنقابة الوطنية لعمال التربية، قويدر نجيب يحياوي، إلى أنّ أحد أبرز الإشكالات المرتبِطة بنظام التعويضات هو عدم تحيين قيمة المنح منذ عقود، مستشهدًا بمنحة المرأة الماكثة في البيت التي تعود إلى سنة 1963، ومنحة المنطقة المقرّة سنة 1989. وأكد أن الاقتطاعات تُحتسب وفق الأجر الحالي، بينما لم تُراجع قيمة المنح، ما اعتبره "منطقًا غير عادل".
ورغم توافق النقابات حول بعض النقاط الأساسية، مثل توحيد التصنيف، والترقية الآلية دون قيد أو شرط، وإلغاء النظام التأديبي الصارم، بالإضافة إلى احتساب الأثر الرجعي ابتداءً من 1 يناير 2024، إلا أن الاختلافات بين التنظيمات حول بعض المطالب الأخرى قد تعيق الوصول إلى صيغة توافقية شاملة.
ملفات أخرى
أعرب النقابي قويدر نجيب يحياوي عن أمله في أن تكون هذه الجلسات هي آخر حلقة في مسلسل مراجعة القانون الأساسي الذي بدأ منذ عام 2008، وظل موضعًا للجدل والتأجيل حتى عام 2025، رغم تعاقب عدة وزراء على قطاع التربية.
نجيب يحياوي لـ" الترا جزائر": نطالب إدماج الأساتذة في الرتب العليا دون قيد أو شرط، بما في ذلك الأساتذة حملة شهادة الدكتوراه.
ودعا يحياوي إلى ضرورة التوصل إلى إجماع على الأقل بشأن المحاور الرئيسية في القانون، مثل تحديد المهام، التصنيفات، وتحقيق العدل بين الأطوار التعليمية، معتبرًا أن هذه النقاط يجب حسمها من أجل أن يصبح القانون الأساسي بالفعل أداة توفر الاستقرار للمدرسة الجزائرية، وبالتالي الانتقال من المطالب المهنية إلى مرحلة التفرغ لوضع برامج ومناهج جديدة قادرة على تحسين المستوى التعليمي في المؤسسات التربوية.
من جانبه، عبّر بوجمعة محمد شيهوب عن أمله في التوصل إلى طي ملف القانون الأساسي قبل الدخول المدرسي الجديد، ليتمكن القطاع من التركيز على القضايا الأكثر أهمية مثل تحسين مستوى التعليم، مراجعة المناهج الدراسية، وتخفيف البرامج الدراسية بما يسهم في تحقيق الجودة في التعليم.
الكلمات المفتاحية

الخطوة الأولى لبشرة صحية في الربيع.. واقي الشّمس ضرورة
بالرّغم من المخاطر الصحية المترتبة على التعرُّض المُفرِط للأشعة فوق البنفسجية، لا يزال الوعي باستخدام واقي الشمس محدُودًا، ممّا يستدعي تعزيز الثقافة الوقائية لتفادي أضرار الشمس المختلفة.

التبليغ وكسر الصّمت عن التحرّش والاغتصاب.. حِماية لا فضيحة
تُرتكب جرائم التحرش الجنسي والاغتصاب في الخفاء ويُقابلها في كثير من الأحيان صمت ثقيل ومرعب في الآن نفسه؛ يفرِضه الخوف من الفضيحة أو الوصمة " البصمة التي تلتصق بالضحية مدى الحياة".

حماية الأطفال من الاغتصاب.. من الصدمة إلى التعافي.. من المسؤول؟
في الجزائر، حيث عادت جرائم الاغتصاب لتتصدر المشهد، يُواجه الطفل الضحية تحديًا مضاعفًا: كيف يتعافى من صدمة الاعتداء، وكيف يواجه نظرة مجتمع قد يفضّل الصمت على المواجهة؟

تغييرات مصيرية في مسار كيليا نمور تحضيراً لأولمبياد 2028.. وخط الرياضة يسير مع الفن والتأثير
أعلنت البطلة الأولمبية الجزائرية كيليا نمور عن مرحلة جديدة في مسيرتها الرياضية، تتمثل في تغيير ناديها ومدربها استعدادًا لدورة الألعاب الأولمبية المقررة في لوس أنجلوس عام 2028، حيث ستخوض هذا التحدي الكبير تحت الراية الجزائرية.

قضية منع الصحفي رؤوف حرز الله من السفر تتفاعل.. منظمات حقوقية تندد ووزير الاتصال يلجأ للقضاء
أكدت منظمة شعاع الحقوقية أن قرار منع الصحفي الجزائري عبد الرؤوف حرز الله من السفر، دون إشعار رسمي أو إجراءات قضائية معلنة، يعدّ انتهاكاً صارخاً للضمانات القانونية والدستورية التي تكفل حرية التنقل وحقوق المواطنين الأساسية.

دومينيك دوفيلبان يهاجم "الخطاب الحربي" لبرونو روتايو ضد الجزائر.. ويشيد بجورجيا ميلوني
انتقد رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق، دومينيك دو فيلبان، بشدة الخطاب العدائي تجاه الجزائر الذي تبناه بعض السياسيين الفرنسيين، وعلى رأسهم وزير الداخلية برونو ريتايو، محذرًا من العواقب الخطيرة لهذا النهج الذي وصفه بـ"الخطاب الحربي" وغير الواقعي.

إصلاح نمط تكوين الدكتوراه.. هل هي خُطوة لتصحيح المسار الأكاديمي؟
تنجه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي على إحداث تغيير جوهري في نمط التكوين في طور الدكتوراه، من خلال اعتماد نموذج "مضاف الدكتوراه"، الذي يهدف إلى ربط التكوين بالاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية.