يستعد المجلس الشعبي الوطني قريبًا لمناقشة مشروع قانون التأمينات في شقه الخاص بتمديد عطلة الأمومة، وهو مشروع أثار اهتمامًا واسعًا قبل عرضه الرسمي، وجدلًا أيضًا يتعلق بالشروط التي تضمنته للحصول على هذه المنحة، وهو الأمر الذي يقترح النواب مناقشته تحت قبة البرلمان.
النائبة غمرة فريدة لـ "الترا جزائر": إذا اقتصرت عطلة الأمومة على حالات محددة سنعمل على المطالبة بتوسيع الإجراء ليشمل جميع الأمهات العاملات
إلى هنا، تضطر كثير من النساء العاملات للالتحاق بوظائفهن، بعد مرور ثلاثة أشهر يقرها قانون التأمينات، حيث أن هذا القانون لم يعدّل منذ أكثر من أربعين سنة، وتلجأ كثير من الأمهات إلى إيداع أطفالهن الرضع (خاصة الأسر النووية) في دور الحضانة، للالتحاق بمناصب عملهن، مع ما يرافق ذلك من أثار ومتاعب صحية تعود على الأم والطفل معًا، وهو ما يدفع كثيرًا منهن إلى اللجوء لعطل غير مدفوعة الأجر أو عطل مرضية للمكوث أطول فترة ممكنة في البيوت.
وحتى الآن، لم تُكشف تفاصيل المشروع بشكل كامل، باستثناء ما أعلنته وزيرة التضامن الوطني، صوريا مولجي، أمام أعضاء مجلس الأمة الأسبوع الماضي، حيث أوضحت أن التمديد المقترح قد يصل إلى 14 أسبوعًا ، لكنه سيكون مشروطًا ويقتصر على حالات خاصة، مثل ولادة طفل يعاني من إعاقة أو مرض خطير.
هذا الإعلان أثار تباينًا في الآراء داخل الأوساط الحقوقية والسياسية، حيث عبّر ناشطون ونواب في البرلمان عن أملهم في توسيع نطاق الإجراء ليشمل جميع الأمهات العاملات؛ واعتبر هؤلاء أن تمديد عطلة الأمومة تمثل خطوة إيجابية نحو تعزيز حقوق المرأة وحماية الطفل ، إلا أن اقتصارها على فئة معينة قد يحد من أثرها الإيجابي على حياة النساء العاملات وأطفالهن.
فهل سيكون تعديل قانون التأمينات خطوة شاملة لتعزز حقوق جميع الأمهات العاملات، أم أنه سيبقى محدودًا بظروف معينة قد تثير نقاشات أوسع تحت قبة البرلمان؟
مطالب بتوسيع الإجراء
وفي السياق، قالت البرلمانية غمرة فريدة إن مبادرة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون بتعديل قانون التأمينات في شقه المتعلق بتمديد عطلة الأمومة إلى 14 أسبوعًا يمثل خطوة هامة نحو تعزيز حقوق المرأة العاملة وتحسين ظروفها الاجتماعية.
وفي حديث إلى "الترا جزائر"، أوضحت غمرة أن هذا الإجراء سيعود بالنفع على صحة الأم والطفل على حد سواء، مشيرة إلى أن تعزيز حقوق الأمهات العاملات يعكس التزام الدولة برعاية الأسرة ودعم المرأة في دورها كركيزة أساسية في المجتمع.
وأضافت غمرة أن مشروع تعديل القانون الذي من المرتقب أن يُعرض قريبًا على البرلمان، يعكس توجهًا إيجابيًا نحو ترسيخ مبدأ المساواة وتوفير بيئة عمل تضمن التوفيق بين الحياة المهنية والأسرية للنساء العاملات، مشددة على ضرورة استكمال هذا التوجه من خلال توسيع نطاق الإجراء ليشمل جميع الأمهات العاملات دون استثناء.
وفيما يتعلق بتصريحات وزيرة التضامن الوطني، التي أشارت إلى أن تمديد عطلة الأمومة قد يقتصر على حالات معينة مثل ولادة طفل معاق أو مصاب بمرض خطير، أكدت غمرة أن النواب في المجلس الشعبي الوطني لم يحصلوا بعد على تفاصيل المشروع الرسمي، نظرًا لأنه لم ينزل بعد للمجلس الشعبي الوطني لكنها أكدت بوضوح أن أي اقتصار لهذا التعديل على حالات محددة سيكون بمثابة تقليص للأثر الإيجابي المنتظر من هذا الإجراء.
وأردفت غمرة: "في حال كانت التعديلات المقترحة تقتصر على بعض الحالات فقط، سنعمل كنواب على المطالبة بتوسيع الإجراء ليشمل جميع الأمهات العاملات، لأن فترة الأمومة تُعتبر مرحلة حيوية ومهمة لتربية الطفل بشكل سليم وتوفير العناية اللازمة له في بداية حياته، وهي مسؤولية تستحق الدعم والتقدير
وأضافت المتحدثة: "نلتمس من رئيس الجمهورية أن يوسع هذا الإجراء ليشمل جميع الأمهات العاملات، لأن توفير عطلة أمومة ملائمة ليس فقط حقًا للمرأة، بل هو استثمار في مستقبل المجتمع بأكمله، حيث ينمو الطفل في بيئة صحية وآمنة تعزز بناء أجيال قوية".
وأضافت صاحبة مبادرة تعديل القانون:"إن توسيع عطلة الأمومة ليشمل جميع الأمهات العاملات يُعد خطوة مهمة ،حيث يعكس دعم الدولة لحقوق المرأة العاملة التزامًا بمبادئ العدالة الاجتماعية".
كما أن توفير وقت كاف للأمهات لرعاية أطفالهن يعزز من جودة الحياة الأسرية، مما ينعكس إيجابا على الصحة النفسية والجسدية للأمهات، وعلى التنشئة السليمة للأجيال المقبلة.
عدالة اجتماعية
من جانبها، أوضحت الناشطة الحقوقية والاجتماعية عائشة زميت، أن قرار تمديد عطلة الأمومة، الذي أعلنه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون خلال اجتماع مجلس الوزراء، يشكل خطوة نوعية ومهمة نحو تعزيز العدالة الاجتماعية وتحقيق التوازن بين الرجل والمرأة في سوق العمل.
وأوضحت المتحدثة لـ "الترا جزائر " أن هذا الإجراء يندرج ضمن رؤية شاملة تهدف إلى تمكين المرأة من ممارسة أدوارها المتعددة بشكل متكامل، حيث يجمع بين تعزيز مكانتها كعنصر فاعل في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وضمان استقرارها الأسري.
وأشارت زميت إلى أن تمديد عطلة الأمومة لا يعكس فقط التزام الدولة بتخفيف الأعباء عن المرأة العاملة، بل يحمل رسالة واضحة حول أهمية توفير بيئة عمل عادلة تضمن للنساء حقوقهن دون التأثير على مسؤولياتهن الأسرية.
وأضافت أن هذا القرار يعزز شعور الأمهات العاملات بالأمان والطمأنينة تجاه رعاية أطفالهن والاهتمام بتنشئتهم، مما يدعم في الوقت نفسه قدرتهن على الابتكار والإنتاجية في مواقع العمل.
في هذا السياق، دعت زميت إلى ضرورة استكمال هذه الخطوة بتدابير إضافية تدعم المرأة، مثل تحسين آليات تطبيق القوانين المتعلقة بحماية حقوق الأم العاملة، وتوفير بيئة عمل مرنة تشمل إنشاء دور حضانة ملحقة بمقرات العمل.
الناشطة عائشة زميت لـ "الترا جزائر": هذا التوجه يُعد استثمارًا بعيد المدى في الأسرة الجزائرية، التي تشكل النواة الأساسية لبناء مجتمع قوي
وأضافت زميت أن هذه المبادرة قد تكون بداية لسياسات أوسع تعترف بالدور غير المرئي الذي تقوم به النساء في رعاية الأسرة والمجتمع، مشيرةً إلى أهمية إقرار منحة للمرأة الماكثة في البيت كحق يعكس تقدير الدولة لدورها الكبير. واعتبرت أن هذا التوجه يُعد استثمارًا بعيد المدى في الأسرة الجزائرية، التي تشكل النواة الأساسية لبناء مجتمع قوي لتضيف :" تعزيز حقوق المرأة وتمكينها ينعكسان إيجابًا على المجتمع بأسره".