16-يناير-2025
حسني عبيدي

حسني عبيدي (صورة: فيسبوك)

يرى الباحث حسني عبيدي مدير مركز الدراسات حول العالم العربي والمتوسط، أن الأزمة الدبلوماسية الراهنة بين الجزائر وفرنسا مختلفة عن سابقاتها وهي ليست مجرد حدث معزول، بل نتيجة تراكمات طويلة. 

الباحث: الجزائر أصبحت أحد الملفات الأساسية في الأجندة السياسية الداخلية الفرنسية

وأكد عبيدي في حديث مع "الترا جزائر"، أن ما يجعلها مختلفة عن سابقاتها هو إدخال قضايا حساسة كقضية الكاتب الجزائري بوعلام صنصال، التي ترتبط بأبعاد فكرية وإعلامية وسياسية ذات تأثير كبير على القرارات السياسية الفرنسية والدولية.

هذه القضية، إلى جانب ملف ترحيل المؤثر الجزائري دواليمن بقرار من وزير الداخلية الفرنسي، زادت من تعقيد الأزمة، حيث كان يمكن، وفق الباحث، حل القضيتين عبر قنوات دبلوماسية أو إجراءات إدارية وقضائية، لكن تدخلات أخرى ساهمت في تصعيد الوضع.

توقيت حسّاس

وأشار عبيدي إلى أن الأزمة تجاوزت مستويات صنع القرار التقليدي في فرنسا، لتطال أبعادًا أوسع داخل المجتمع الفرنسي، مما جعلها تتجاوز رئيس الجمهورية نفسه ورئيس الحكومة.

كل ذلك يأتي، حسبه، في وقت يحاول فيه اليمين المحافظ واليمين المتطرف فرض نفوذهما على السياسة الخارجية الفرنسية، مستغلين هذه الملفات لتعزيز مكاسبهما السياسية.

كما تتزامن الأزمة مع وجود الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في حالة ضعف ضعف سياسي ملحوظ بعد حل البرلمان، ما يجعله يواجه ضغوطًا متزايدة، بما في ذلك مطالبته بالتنحي.

لذلك، يعتقد عبيدي أن ماكرون من مصلحته السياسية أن تستمر هذه الأزمة، حيث يسعى لتقديم نفسه كقائد أكثر اعتدالًا وتفهمًا مقارنة بالأحزاب الأخرى، كما أنه يستخدم الأزمة الجزائرية كوسيلة لإشغال الرأي العام الفرنسي عن المشكلات الداخلية.

واليوم وفق هذه المعطيات تأكد، بحسب الباحث، أن الجزائر أصبحت أحد الملفات الأساسية في الأجندة السياسية الداخلية الفرنسية، حيث يستخدم اليمين المتطرف واليمين المحافظ موضوع الهجرة والعلاقات مع الجزائر لتعزيز مواقعهما. كما يعتبر هذا الملف جزءًا من الرهانات السياسية والأمنية الداخلية في فرنسا.

من يقوم بأول خطوة؟

وفيما يتعلق بالحلول، يرى عبيدي أن الخطوة الأولى يجب أن تأتي من كلا الطرفين، دون أن يفقد أي منهما كرامته أو مكانته.

ويؤكد هنا، على أهمية مبادرة مشتركة بعيدة عن تدخل وزارات الداخلية أو العدل، لأن العلاقة بين البلدين ذات طبيعة سيادية، ما يستدعي أن يكون الحل عبر قنوات دبلوماسية وعلى مستوى وزراء الخارجية.

كما شدد على ضرورة كبح الأصوات التي تدعو لإلغاء اتفاقيات 1968 أو إعادة النظر فيها، مشيرًا إلى أن الحوار المتوازن والقائم على الاحترام المتبادل يمكن أن يكون أساسًا لحل الأزمة.

أما على مستوى الجزائر، اعتبر عبيدي أن الغياب الدبلوماسي في باريس أضعف الموقف الجزائري في الساحة الفرنسية وترك انطباعًا بتراجع تأثيرها.

ويشير الباحث هنا إلى قرار السلطات سحب السفير الجزائري من باريس، قبل أشهر، بعد قرار فرنسا تبني مقترح الحكم الذاتي لحل القضية الصحراوية.

ودعا إلى أن تكون هذه الأزمة درسًا تستفيد منه الجزائر لإعادة النظر في سياساتها الإعلامية والدبلوماسية، خاصة في ما يتعلق بخطابها وأدائها الدبلوماسي، الذي كشف عن محدودية في التعامل مع أبعاد هذه الأزمة.

و ختم عبيدي بأهمية أن تتحول الأزمة إلى فرصة لإصلاح النهج الدبلوماسي والإعلامي، بما يعزز حضور الجزائر على الساحة الدولية ويضمن احترام مصالحها في العلاقات الثنائية مع فرنسا.