حلم "شبكة بلا انقطاعات".. هل يُنقذ الجيل الخامس الإنترنت في الجزائر؟
14 أبريل 2025
مع اقتراب إطلاق شبكة الجيل الخامس في الجزائر، تلوح في الأفق وعود بتقنيات اتصال متطورة، لكن في المُقابل يظلّ الواقع اليومي للكثير من المواطنين محفوفًا بالإحباط بسبب ضعف شبكات الهاتف النقال والإنترنت.
يعكِس هذا الواقع أزمة تستدعي التفكير مليًا في مدى استعداد البنية التحتية الحالية لاستقبال قفزات تكنولوجية مستقبلية.
على الرغم من التوجه نحو إدخال تكنولوجيا الجيل الخامس في الجزائر، لا يزال واقع خدمات الهاتف النقال والإنترنت يمثل تحديًا كبيرًا للمواطنين
بالرغم من التوجّه نحو الرقمنة والتحول التكنولوجي، تبقى خدمات الجيلين الثالث والرابع دون المستوى، خاصة في العديد من المناطق التي تشهد تغطية ضعيفة وانقطاعات متكرّرة في الشبكة، ما يزيد من معاناة المستخدمين ويطرح تساؤلات حول جاهزية البنية التحتية لاستقبال تقنيات أكثر تقدماً.
يُثير هذا الواقع تساؤلات جدية حول مدى استعداد القطاع لتحسين البنية التحتية الحالية قبل الانتقال إلى تقنيات أكثر تطوراً.
رياض، شاب في العقد الثالث من العمر، يقطن في منطقة برج البحري، شرق الجزائر العاصمة، ورغم أنّ الحي الذي يسكنه لا يبعد كثيراً عن قلب العاصمة، إلاّ أنّه يواجه صعوبات مستمرة في الاستفادة من خدمة الهاتف المحمول التي اشترك فيها منذ سنوات.
"أحياناً أضطر للخروج من البيت أو الصعود إلى سطح العمارة لأتمكن فقط من إجراء مكالمة بسيطة"، يقول رياض، مُتسائلاً: "كيف يمكن الحديث عن الجيل الخامس ونحن لم نتجاوز بعد مشاكل الجيل الرابع؟".
تجربة رياض ليست حالة معزولة، بل تُمثّل شريحة واسعة من المستخدمين الذين يشعرون أن وعود التكنولوجيا المتقدمة لا تزال بعيدة عن واقعهم اليومي.
في ظلّ استمرار معاناة المستخدمين من مشاكل أساسية في خدمات الجيلين الثالث والرابع، يثير هذا الواقع تساؤلات جوهرية حول أولويات قطاع الاتصالات ومدى جاهزية البنية التحتية لاستيعاب تقنيات مستقبلية.
الجيل الخامس وواقع الشبكات الضعيفة
هل البنية التحتية للاتصالات في الجزائر مستعدة حقاً للانتقال إلى الجيل الخامس؟ أم أنّ الأولوية يجب أن تُعطى لتحسين الخدمات الحالية قبل التطلع إلى المستقبل؟
معاناة المستخدمين من مشاكل في خدمات الجيلين الثالث والرابع تثير تساؤلات حول أولويات قطاع الاتصالات ومدى جاهزية البنية التحتية لاستيعاب تقنيات مستقبلية
لا تقتصر مشكلة ضعف الشبكة على رياض وحده، بل هي معاناة مشتركة بين العديد من سكان المنطقة، إذ يواجه المواطنون صعوبة كبيرة في إجراء المكالمات الهاتفية أو استخدام الإنترنت بشكل فعّال.
"في بعض الأحيان، أضطر للخروج من المنزل للبحث عن مكان أفضل للاتصال، ولكن حتى في الأماكن العامة، لا أتمكن من الحصول على خدمة جيدة. هذا يؤثر بشكل كبير على حياتي الشخصية والمهنية"، يروي رياض بصوت ملؤه الإحباط.
رياض، الذي يُعيل عائلته ويعتمد بشكل أساسي على الهاتف المحمول للتواصل مع عملائه، لا يشعر بأنه الوحيد الذي يواجه هذه المشكلة. فقد أصبح يلاحظ أن العديد من سكان المنطقة يعانون من نفس الوضع. ويقول: "أنا لست الوحيد هنا، كل من حولي يعاني من نفس المشكلة. كثيرون يفضلون استخدام شبكات Wi-Fi فقط لأن شبكة الهاتف غير مستقرة."
ويضيف رياض ملاحظته التي تثير قلقه أكثر: "ما يزعجني أنني في منطقة العاصمة، فكيف الحال مع سكان المناطق البعيدة الذين يعانون من نفس المشكلات، بل وأحياناً بشكل أكبر وأكثر سوءًا؟"
ضعف الشبكة
في تصريح خاص لـ"الترا الجزائر"، عبّر النائب بالمجلس الشعبي الوطني عبد الرحمان صالحي عن استيائه الشديد من تدهور خدمات الهاتف النقال في ولاية ورقلة (جنوب).
وأوضح النائب أنه تلقى العديد من الشكاوى من مواطني الولاية في مختلف المناطق، الذين يعانون من انقطاع متكرر للخدمة وضعف التغطية. وقال: "هذه المشكلة تؤثر بشكل كبير على حياة المواطنين اليومية، خاصة في ظل الاعتماد الكبير على الهواتف المحمولة في العمل والتواصل الاجتماعي".
النائب عبد الرحمان صالحي لـ"الترا جزائر": على شركات الهاتف النقال توفير تغطية الإنترنت وضمان جودة خدمة تناسب جميع المواطنين
وأشار النائب إلى أنّه قام بإبلاغ وزير البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية عن هذه الإشكاليات في مرات عديدة، مطالبًا بضرورة اتخاذ إجراءات فورية لتحسين التغطية وتعزيز جودة الخدمة.
وأضاف: "لقد أصبحت شبكة الهاتف النقال في ورقلة أسوأ من أي وقت مضى. المعاناة اليومية أصبحت مألوفة للمواطنين هنا، ولذا من الواجب على الحكومة أن تتحمل مسؤولياتها وتعمل على معالجة هذه المشكلة بشكل سريع".
وفي السياق نفسه، أكد صالحي أنّ شبكة الهاتف النقال أصبحت من الأساسيات في الحياة اليومية للمواطنين، وأنّه من غير المقبول أن يعيش الناس في مناطق حيوية مثل ورقلة بهذه الطريقة.
ولفت إلى أنّ الشركات المتعاملة بشبكات الهاتف النقال كان من المفترض أن تلتزم بتوفير التغطية المناسبة والجودة المطلوبة لجميع المواطنين، خاصة في مناطق كبيرة كالولاية التي شهدت تطورًا كبيرًا في السنوات الأخيرة.
كما وجّه النائب انتقادات لاذعة للسلطات المعنية لعدم تنفيذ تعهدات سابقة بتحسين خدمات الشبكة.
وقال: "انقطاع الشبكة وتقطع المكالمات لا يزالان يؤرقان الأهالي بشكل متكرر"، إذ طالب النائب وزير البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية بالإسراع في تنفيذ المشاريع المُقرّرة لتوسيع شبكة التغطية في الولاية.
وفي ردّ من وزير البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، تلقت "الترا جزائر" نسخة منه، أوضح أنّ توفير التغطية بشبكات الهاتف النقال يتم وفقا لدفاتر شروط ملحقة برخص تمنح للمتعاملين لإنشاء واستغلال شبكات الجيلين الثالث والرابع.
وأشار الوزير إلى أن هناك مشروعا لتوسيع شبكة التغطية في ولاية ورقلة، حيث برمجت الشركات الثلاث "موبيليس، أوريدو، وجازي" توسيع محطاتها بتركيب محطات قاعدية جديدة.
كما أكد أنّ لجنة متعددة القطاعات قد وافقت على إدراج 7 مناطق من ورقلة ضمن برنامج الخدمة الشاملة للاتصالات، لضمان التغطية في المناطق النائية.
كما تطرق الوزير إلى أنّ سُلطة الضبط قامت بحملة مراقبة لقياس جودة التغطية والخدمات، وأسفرت النتائج عن وجود خلل في بعض المناطق، ما دفعها إلى إصدار إعذارات للمتعاملين المعنيين لتسريع تحسين الخدمة والأمر لا يشمل ولاية ورقلة لوحدها بل العديد من ولايات الوطن.
الجيل الخامس.."ثورة" في عالم الاتصالات
في وقت تتسارع فيه التقنيات الحديثة حول العالم، تواصل الجزائر استعداداتها لإطلاق شبكة الجيل الخامس (5G)، التي يُتوقع أن تكون ثورة حقيقية في عالم الاتصالات.
الخبير يونس قرار لـ" الترا جزائر": يجب تحسين خدمات الجيلين الثالث والرابع وتأمين تغطية شاملة وعالية الجودة في كافة أنحاء البلاد لبناء قاعدة قوية نحو الجيل الخامس
وفي هذا السياق، تحدث الخبير في تكنولوجيات الاتصالات، يونس قرار، عن الآفاق المستقبلية لهذه التقنية والتأثيرات المنتظرة على حياة المواطن الجزائري.
وقال قرار: "إنّ الجيل الخامس سيكون المحرك الرئيسي لتطور قطاع الاتصالات في الجزائر، حيث سيتجاوز سرعات الإنترنت الحالية بشكل كبير، مما سيوفر فرصًا جديدة للمواطنين والشركات على حد سواء."
وأضاف في تصريحات لـ" الترا جزائر" أنّ هذه التقنية ستفتح أفقًا واسعًا لمجموعة من التحولات في مجالات متعددة، ليس فقط في الاتصال بالإنترنت، بل في تطوير العديد من القطاعات الحيوية في البلاد.
وأشار الخبير إلى أنّ شبكة الجيل الخامس لن تقتصر على تحسين سرعة الإنترنت فقط، بل ستُحدث نقلة نوعية في عدة مجالات، مثل المدن الذكية، والرعاية الصحية عن بُعد، والصناعة الرقمية.
وأضاف: "هذه التقنية ستتيح تواصلاً أسرع وأكثر فعالية بين الأجهزة، مما سيكون له تأثير إيجابي في مجالات متعددة، مثل التعليم، والتجارة الإلكترونية، وحتى الرعاية الصحية، مما سيساهم في تحسين حياة المواطنين."
وأوضح الخبير أنّ التأثيرات المرتقبة للجيل الخامس ستكون شاملة وملحوظة في مختلف جوانب الحياة اليومية، حيث من المتوقع أن تُسهّل التحول الرقمي وتوفر إمكانيات كبيرة للابتكار، مما يعزز القدرة التنافسية للجزائر على الصعيدين الإقليمي والدولي.
ورغم التفاؤل الكبير حول إطلاق شبكة الجيل الخامس في الجزائر، شدد الخبير في الاتصالات يونس قرار على ضرورة التركيز أولاً على تحسين خدمات الجيلين الثالث والرابع في بعض المناطق التي لا تزال تعاني من ضعف التغطية وجودة الخدمة.
وأشار إلى أنّ "النجاح الحقيقي للجيل الخامس يتوقف على تأمين تغطية شاملة وعالية الجودة في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك المناطق النائية. فالمواطنون يجب أن يشعروا بتطور ملموس في خدمات الاتصال قبل أن ننتقل إلى تقنيات أكثر تقدماً."
وأضاف أنّ تحقيق هذه الأهداف يتطلب تحسين البنية التحتية للاتصالات بشكل متوازن، حيث يتمكّن الجميع من الاستفادة من التطورات التكنولوجية بغضّ النّظر عن مكان إقامتهم.
وأكد أنّ تحسين خدمات الجيلين الثالث والرابع يجب أن يكون الأولوية الأساسية لضمان قاعدة صلبة يمكن الانطلاق منها نحو الجيل الخامس بكل كفاءة وفعالية.
الكلمات المفتاحية

مشروع قانون المناجم في طريقه للتمرير.. مخاوف المعارضة تتوسع من "رهن الثروات الوطنية" و"التبعية للخارج"
تصاعد الجدل السياسي في الجزائر حول مشروع قانون المناجم الجديد، وسط تزايد مطالب المعارضة بسحبه وفتح نقاش وطني موسع حوله، في مقابل دفاع حكومي مستميت يؤكد أن القانون يهدف إلى تطوير قطاع حيوي ظل لسنوات دون استغلال أمثل.

ثروة من القُمامة.. جمع البلاستيك وجه آخر للاقتصاد الدائري
في أطراف المُدن وزوايا الشوارع، يتحرّكون بصمت، يجمعون ما يرمى في القمامة من بلاستيك، ويُحوّلونه إلى مورد. إنّهم جامعو البلاستيك، "أبطال الظلّ"ّ الذين يُسهمون يومياً في حماية البيئة من التلوث، وبين أكياس النّفايات وعبوات المياه الفارغة، تبدأ قصصهم.

فرنسا تفقد 20 بالمائة من حصتها السوقية في الجزائر.. ورونو وهران تتحسر على ضياع 120 مليون يورو
تشهد العلاقات الاقتصادية بين الجزائر وفرنسا مرحلة غير مسبوقة من التوتر، انعكست بشكل واضح على التبادل التجاري بين البلدين، حيث بدأت باريس تشعر فعليا بفقدان حصصها السوقية في الجزائر.

تغييرات مصيرية في مسار كيليا نمور تحضيراً لأولمبياد 2028.. وخط الرياضة يسير مع الفن والتأثير
أعلنت البطلة الأولمبية الجزائرية كيليا نمور عن مرحلة جديدة في مسيرتها الرياضية، تتمثل في تغيير ناديها ومدربها استعدادًا لدورة الألعاب الأولمبية المقررة في لوس أنجلوس عام 2028، حيث ستخوض هذا التحدي الكبير تحت الراية الجزائرية.

قضية منع الصحفي رؤوف حرز الله من السفر تتفاعل.. منظمات حقوقية تندد ووزير الاتصال يلجأ للقضاء
أكدت منظمة شعاع الحقوقية أن قرار منع الصحفي الجزائري عبد الرؤوف حرز الله من السفر، دون إشعار رسمي أو إجراءات قضائية معلنة، يعدّ انتهاكاً صارخاً للضمانات القانونية والدستورية التي تكفل حرية التنقل وحقوق المواطنين الأساسية.

دومينيك دوفيلبان يهاجم "الخطاب الحربي" لبرونو روتايو ضد الجزائر.. ويشيد بجورجيا ميلوني
انتقد رئيس الوزراء الفرنسي الأسبق، دومينيك دو فيلبان، بشدة الخطاب العدائي تجاه الجزائر الذي تبناه بعض السياسيين الفرنسيين، وعلى رأسهم وزير الداخلية برونو ريتايو، محذرًا من العواقب الخطيرة لهذا النهج الذي وصفه بـ"الخطاب الحربي" وغير الواقعي.

إصلاح نمط تكوين الدكتوراه.. هل هي خُطوة لتصحيح المسار الأكاديمي؟
تنجه وزارة التعليم العالي والبحث العلمي على إحداث تغيير جوهري في نمط التكوين في طور الدكتوراه، من خلال اعتماد نموذج "مضاف الدكتوراه"، الذي يهدف إلى ربط التكوين بالاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية.