25-سبتمبر-2024
(الصورة: فيسبوك)

(الصورة: فيسبوك)

يواصل قطاع التأمينات في الجزائر نموه المتواصل بارتفاع رقم أعماله خلال الثلاثيين الأول والثاني من العام الجاري، مقارنة بسنة 2023 التي سجلت هي الأخرى ارتفاع في نسبة نمو القطاع الذي أصبح يشكل أحد قطاعات الخدمات الرابحة ، إلا أن هذا الارتفاع لا ينعكس حسب البعض في مستوى الخدمات المقدمة، وبالخصوص السرعة في تعويض الزبائن الذين ينتظرون لأشهر في بعض المرات لاستلام أموالهم.

الخبير الاقتصادي نبيل جمعة لـ"التر جزائر": النمو المتواصل لقطاع التامينات يعود إلى يعكس تحسنا في أداء الشركات الوطنية للتأمينات وزيادة الطلب على خدمات التأمين

وساهم تنوع الخدمات التأمينية وكثرة الطلب عليها في الارتفاع المتواصل لرقم أعمال المؤسسات النشطة في مجال التأمين، بالرغم من استمرار عدة مشاكل تتعلق بمعالجة تعويضات المؤمنين، وهو الجانب الذي يجب حله لتشجيع المواطنين على المسافة في رواج الخدمات الـتأمينية.

متصاعد

 للعام الثاني على التوالي، سجل رقم أعمال القطاع الوطني للتأمينات في الجزائر ارتفاعًا لتصل نسبته خلال السداسي الأول من 2024 إلى 7% مقارنة بالفترة ذاتها من سنة 2023، حيث بلغ 89.8 مليار دينار جزائري، وفق بيانات صدرت مؤخرًا عن الاتحاد الجزائري لشركات التامين و إعادة التامين.

وأوضح اتحاد شركات التأمين أن إجمالي رقم الأعمال يتضمن أيضًا المنتجات المتخصصة على غرار تأمين القروض والتكافل، التي تستمر في دعم ديناميكية السوق، مبينًا أن هذا الأداء راجع جزئيًا إلى الارتفاع "الملموس" للقبولات الدولية التي ارتفعت بنسبة 51 % محققة 5،8 مليار دج، حيث يظهر بشكل خاص في قطاع تأمين الإضرار، الذي عرف نموا بنسبة 5% مع تعويضات قدرت بـ7.3.6 مليار دينار.

وأشار التكتل الاقتصادي ذاته إلى أن "تامين السيارات يبقى سائدا، حيث مثل أزيد من نصف الإنتاج، كما سجلت جميع الفروع الأخرى نتائج ايجابية أيضًا، فيما بلغت قيمة تأمين الأشخاص 10.28 مليار دينار، أي بارتفاع قدره 5% مقارنة بالفترة ذاتها من السنة المالية المنصرمة.

 و أرجع الاتحاد ارتفاع التأمين على الأشخاص بشكل أساسي إلى "التطور المعتبر" للمساعدة على السفر التي زادت أقساطها بنسبة 29 %.

وتظهر هذا الأرقام أن سوق التأمينات يسير في مستوىً تصاعدي، فقد سجل خلال الثلاثي الأول من العام الجاري نموا قدّر بأربعة في المائة خلال الثلاثي الأول من 2024، مقارنة بالفترة نفسها من السنة الماضية، وفق بيانات صادرة عن مجلس التأمينات الجزائري.

وقال الخبير الاقتصادي نبيل جمعة لـ"التر جزائر" إن هذا النمو المتواصل لقطاع التامينات يعكس تحسنًا في أداء الشركات الوطنية للتأمينات وزيادة الطلب على خدمات التأمين، وذلك بسب زيادة الوعي بأهمية التامين على الأفراد والمؤسسات، إضافة إلى التحسين في البيئة الاقتصادية العامة، والتوسع في عروض التامين لتشمل مجالات جديدة مثل التأمين الصحي و التأمين على الممتلكات.

وحسب نبيل جمعة، فإن استمرار هذا النمو في قطاع التأمينات من شانه أن يعزز ثقة المستهلكين والمؤسسات في الخدمات المقدمة، وكذا الدور  الذي يلعبه اقتصاد هذا القطاع في توفير حماية مالية للمواطنين وتخفيف المخاطر الاقتصادية.

وبين الخبير الاقتصادي ذاته أن نسبة النمو المتواصلة  تعود إلى تحسن الاقتصاد الجزائري بشكل تدريجي وزيادة المشاريع والطلب على التأمين لحماية الممتلكات الاستثمارية والبنية التحتية، والوعي بأهمية التأمين، حيث أصبح الجزائريون يدركون أهمية التأمين كوسيلة لحماية أنفسهم وأصولهم من المخاطر المحتملة سواء كانت مرتبطة بالصحة أو الحوادث أو الممتلكات التجارية.

 وساهم توسيع عروض شركات التأمين كالتأمين على الحياة مثلًا في جذب المزيد من العملاء والتوجه نحو الرقمنة لتحسين كفاءة العمليات وتبسيط إجراءات الاكتئاب والتعويض، مما جعل الخدمات أكثر سهولة في الوصول المستهلكين.

ويعتبر نبيل جمعة أن إلزامية بعض أنواع التأمينات كالتأمينات على السيارات،زاد عدد العملاء ووسع سوق التأمينات، إضافة إلى التحفيزات الحكومية من خلال التسهيلات المقدمة لتحسين القطاع التشريعي الذي يسّر عمل مؤسسات التأمينات وجعلها أحد القطاعات المهمة.

جهد أكبر

بالنظر إلى واقع قطاع التأمينات في الجزائر، فإنه يظل رغم نسبة النمو الإيجابية المتواصل بحاجة إلى تحسين، لأن "التطور الملحوظ لا يعني الوصول إلى الشكل الأمثل"، وفق ما أوضحه الخبير الاقتصادي نبيل جمعة لـ"الترا جزائر" الذي بين أن الوصول إلى المرحلة المتقدمة المطلوبة يتطلب توفير عدة عوامل، أولاها التغطية والشمولية، وهي الغاية التي لم تتحقق بعد، بسبب أن بعض القطاعات السكنية والاقتصادية  مثلًا تبقى غير مشمولة بشكل كاف بخدمات التأمينات، وبالخصوص في المناطق الريفية  والمجالات غير التقليدية.

 ويرى نبيل جمعة أن نوع الخدمات وجودتها بما في ذلك سرعة معالجة المطالبة ومدى شفافية السياسات تبقى مسألة حاسمة في بعض الحالات، في الحكم على أداء قطاع التأمين ، بالنظر إلى أن شركات التأمين توجه تحديات تتعلق بتقديم خدمة العملاء بطريقة فعالة وموثوقة.

ولا تتعلق هذه الجوانب بالمؤسسات النشطة في القطاع فقط ، إنما بالمستهلكين أيضا إن أن الثقافة التأمينية في الجزائر ما تزال بحاجة إلى تعزيز بين المواطنين والمؤسسات، لأن الكثير من العقود ربما قد تكون مبرمة بسبب الضرورة القانونية وليس كجزء من التخطيط المالي والوعي، حسبما أوضحه الخبير الاقتصادي ذاته الذي يرى أن التنظيم والرقابة يظلان ضروريان لضمان المنافسة العادلة وحماية المستهلكين والالتزام بالمعايير الدولية المطلوبة.

ولا حظ نبيل جمعة أنه بالرغم من التوجه نحو الرقمنة، فإن قطاع التأمين  ما يزال في حاجة تطوير أكبر بشأن استعمال التكنولوجيا  لتعزيز الخدمات مثل تقديم منتجات مبتكرة والوصول إلى التامين عبر الانترنت، مضيفًا أيضا أن الاستثمارات والموارد التي يتطلبها قطاع التامين لتلبية احتياجات السوق المتزايدة ونمو رقم الأعمال قد لا تكون كافية إذ لم يرافقها استثمار في تحسين العمليات والكوادر، وهو ما يعني أن النمو الايجابي يعكس اتجاها مشجعا وليس دليلا لوحده على التطور الكامل لخدمات التأمين.

وقال وزير المالية لعزيز فايد في أيار/ماي الماضي إن التأمين الإلكتروني الذي سيستفيد من بيئة تنظيمية جديدة وملائمة بصدور قانون التأمينات الجديد خلال هذا العام سيشهد قفزة نوعية، يشجعها الاستخدام المتزايد للرقمنة والوسائط الرقمية في مجال التأمين.

تأخر؟

رغم النمو السريع الذي يشهده قطاع التأمين في الجزائر، إلا أن الجانب الذي ما يزال يحتاج إلى تحسين حسب المستهلكين هو ملف التعويضات سواءً من حيث قيمتها أو سرعة دفعها.

وحسب إحصاءات الاتحاد الجزائري لشركات التامين و إعادة التأمين، فقد تم خلال السداسي الأول من 2024 تسوية 33.3 مليار دينار من التعويضات عن الحوادث، مسجلًا يذلك انخفاضًا بنسبة 5% مقارنة بالسنة المنقضية، وذلك بسبب الانخفاض في التأمينات ضد الأضرار والقبولات الدولية وفقًا لشركات التأمين الدولية.

وشهدت تسوية التعويضات الخاصة بتأمين السيارات والأخطار الفلاحية ارتفاعا بـ3% و 21 %.، فيما عرفت التعويضات المتعلقة بالحوادث المرتبطة بتأمين الأشخاص زيادة بـ 6% لتبلغ 3.7 مليار دينار.

ويشير الخبير الاقتصادي نبيل جمعة أن شكاوى الزبائن المستمرة من التأخر في الحصول على التعويضات خاصة المتعلقة بحوادث المرور تظهر الفجوة الكبيرة  الموجودة بين الأداء المالي لقطاع  التأمينات وجودة الخدمات المقدمة.

وبين جمعة أن سبب التأخر في التعويض البيروقراطية والإجراءات المعقدة الكثيرة المعتمدة من شركات التأمين، والتي تعتمد على عمليات إدارية طويلة لمعالجة طلبات التعويض التي تتطلب تقديم مجموعة من الوثائق والإثباتات، وبالتالي ستحتاج إلى وقت للبت في ملفات الزبائن.

نبيل جمعة لـ "الترا جزائر": سبب التأخر في التعويض البيروقراطية والإجراءات المعقدة الكثيرة المعتمدة من شركات التأمين

وأضاف أن ما يزيد  من تأخر دفع التعويضات أيضًا هو الاعتماد على النظام التقليدي رغم التوجه نحو الرقمنة تدريجيا، وهو ما يطيل فترات الانتظار بسبب الاستخدام المحدود للعمل الرقمي، لذلك ينصح بتبسيط الإجراءات لتسريع التعويض عبر منصات رقمية سريعة واستعمال التكنولوجيا في تقييم الحوادث، مع تعزيز الرقابة من طرف الهيئات الناظمة بتسليط عقوبات على التأخير في التعويض.