21-يونيو-2021

تمثيل المرأة في البرلمان الجزائري تراجع إلى 34 مقعدًا (تصوير: مصعب رويبي/الأناضول)

أظهرت نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت يوم 12 حزيران/جوان الماضي تراجعًا كبيرًا للتمثيل النسوي داخل قبة البرلمان، فاق 70 بالمائة مقارنة بما كان عليه الحال في العهدتين البرلمانيتين لتشريعيات 2012 و2017.

 الهيئة الناخبة الجزائرية تضمّ 11 مليون امرأة أي ما يمثل 46 بالمائة من العدد الكلي للناخبين

وبعد أن كانت النسبة التمثلية للمرأة الجزائرية في البرلمان يُستشهد بها في خطابات السلطة عن المساوات والديمقراطية، رغم الانتقادات التي كانت توجه محليًا عاد الحال إلى حاله بتمثيل منخفض لا يتناسب وعدد المترشحات ونسبة التمثيل النسوي في المجتمع الجزائري.

اقرأ/ي أيضًا: "الفراولة المُنتقاة".. تسليع المرأة في الخطاب السياسي

نسبة هزيلة

حسب الأرقام التي قدمتها السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، فلم تحجز النساء في العهدة البرلمانية الجديدة سوى 34 مقعدًا، وهو ما يمثل 8 بالمائة فقط من العدد الكلي لنواب المجلس الشعبي الوطني البالغ 407 نائب.

وترشّحت للتشريعيات الفارطة 5744 امرأة، وهو ما يجعل عدد 34 مقعدًا التي حصلت عليه النساء قليلًا، بالنظر إلى عدد المترشحات الكبير.

ورغم أن الهيئة الناخبة الجزائرية تضمّ 11 مليون امرأة، أي ما يمثل 46 بالمائة من العدد الكلي للناخبين، إلا أنها لم تصوت لصالح المترشحات من النساء، خاصّة وأن مشاركة المرأة في العملية الانتخابية كان واضحًا خاصة في الفترة المسائية.

وفي العهدة البرلمانية الماضية، كانت النساء تستحوذن على 120 مقعدًا في المجلس الشعبي الوطني بنسبة 26 في المائة، وكان هذا الرقم في انتخابات 2012 عند 146 مقعدًا برلمانية بنسبة 31 بالمائة، ما يعني أن التراجع في انتخابات 2021 كان كبيرًا وقياسيًا.

تبعات القانون

أرجع مراقبون التراجع الواضح للتمثيل النسوي في البرلمان إلى قانون الانتخابات الجديد الذي لم يستطع ضمان حصµة المرأة في المؤسسة التشريعية رغم إقراره نظريًا مبدأ المناصفة، إلا أن تطبيق ذلك ميدانيًا لم تحترمه معظم القوائم المترشحة سواءً من المستقلين أو الأحزاب السياسية.

ونصّت المادة 202 من قانون الانتخابات على المناصفة في القوائم الانتخابية، غير أن هذه المادة 317 سمحت باستثناءات في تشريعيات 12 حزيران 2021 بعد أن نصت على أنه " بصفة انتقالية، وفقط بالنسبة لانتخابات المجلس الشعبي الوطني التي تلي صدور هذا الأمر المتضمن القانون العضوي، يمكن قوائم المترشحين المقدمة تحت رعاية الأحزاب السياسية أو القوائم المستقلة في الدوائر الانتخابية  التـي لم  تتــمــكــن مــن تحقيق شرط المناصفة المطلوب بموجب المــادة 191 من هذا القانون العضوي، أن تطلب من السلطة المستقلة إفادتها بترخيص لشرط المناصفة. وفي هذه الحالة، توافق السلطة المستقلة على هذه القوائم وتصرح بقبولها."

وجعل هذا الاستثناء عديد الأحزاب تتخلّى عن العمل بمضمون المادة 202، ولا تجتهد على تحقيق المناصفة في القوائم التي قدمتها للترشح حتى في الولايات الكبرى التي قد يكون فيها التصويت لصالح المرأة مفهومًا اجتماعيًا، مقارنة ببعض المناطق الأخرى التي لا يتم بها اختيار النساء المترشحات لاعتبارات مجتمعية.

سمعة سيئة

لا يقتصر السقوط الحرّ الذي تعرض له التمثيل النسوي في البرلمان فقط بمضمون قانون الانتخابات الجديد، وضياع كوطة 30 بالمائة التي كان يضمنها قانون الانتخابات لعام 2012 في المجالس المنتخبة، فالنظرة المجتمعية لتبوء المرأة لمناصب المسؤولية تبقى نمطية، وتصبّ في عدم التصويت لها، بالرغم من تجربة عهدتين برلمانيتين التي كرسها نظام بوتفليقة عن طريق نظام المحاصصة.

وكشفت تشريعيات 2021 أن الصورة البراقة التي حصدها نظام بوتفليقة عالميا حول عدد النساء البرلمانيات كانت مجرد ديكور للاستهلاك الخارجي، بالنظر إلى الفشل الذريع  للمرأة في الوصول إلى البرلمان بعد التخلي عن نظام "الكوطة".

ورغم أن مشاركة المرأة في برلمان نظام بوتفليقة كان صوريًا فقط، إلا أن المبالغة في انتقاده، وتسميته بـ"برلمان الحفافات" (الحلاقات) ساهم بشكلٍ كبير في عدم تحمس المواطنين لاختيار النساء حتى ولو كن ذوات كفاءة وأثبتن تفوقهن في مجالهن وفي مناصب المسؤولية التي تبوأنها.

وساهم الجدل الذي صاحب الحملة الانتخابية بعد وصف رئيس حزب الحكم الراشد النساء المترشّحات بـ "الفراولة المنتقاة" في تكريس النظرة الدونية لمشاركة المرأة في السياسة والمجالس المنتخبة التي لا تخرج عن مجرد ديكور للاستهلاك الإعلامي لا يقدم وجودها ولا يؤخر شيئًا.

 السلطة في الجزائر مطالبة بإعادة النظر في طريقة تطبيق مبدأ المناصفة بين الجنسين في المجالس المنتخبة

وبما أن الانتخابات المحلّية المقبلة ستجري قريبًا مثلما أعلن الرئيس تبون، فإن السلطة في الجزائر مطالبة بإعادة النظر في طريقة تطبيق مبدأ المناصفة بين الجنسين في المجالس المنتخبة، إذا كانت لها نية جادة حقًا في ترقية مشاركة المرأة في العمل السياسي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

التشريعيات الجزائرية.. ماهي فرصة أحزاب بوتفليقة في دخول البرلمان؟

بعجي: قوائم "الأفلان" في التشريعيات لن تفتح أمام الفاسدين