05-أكتوبر-2024
(الصورة: فيسبوك) شعار جزائري حول انتفاضة 1988

(الصورة: فيسبوك) شعار جزائري حول انتفاضة 1988

فريق التحرير - الترا جزائر

استعاد جزائريون في ذكرى انتفاضة أكتوبر 1988، أغنية رددها أنصار اتحاد العاصمة في تلك الفترة، تقول في مطلعها "ياشادلي يا بن جديد العاصمة راهي بيضا.. لي ما داش stan smith...يستنا grève جديدة"، وذيلوا منشوراتهم بالترحم على ضحايا هذه الانتفاضة، فما علاقة هذه الأغنية بالانتفاضة الشعبية وحذاء ستان سميث الشهير في تلك الفترة؟ ولماذا لا زالت الجماهير الرياضية تحيي ذكرى انتفاضة أكتوبر برسومات لحذاء ستان سميث وشعارات تلك المرحلة؟

لماذا ربطت الجماهير الرياضية في ذلك الوقت حذاء ستان سميث  بأغنية تتحدث فيها عن ذكرى انتفاضة 5 أكتوبر 1988

لقد انطلقت انتفاضة 1988 بمطالب اجتماعية وتحولت إلى مطالب سياسية، وكانت نقطة تحول "راديكالي" في التاريخ الجزائري، من مرحلة الحزب الواحد إلى التعددية السياسية والانفتاح الإعلامي والدستوري على الانتخابات والاختيار الديمقراطي، قبل أن تنحدر الأوضاع إلى أزمة حادة انتهت بحرب أهلية فيما بعد.

ولكن لماذا ربطت الجماهير الرياضية هذا الحدث السياسي بأغنية تتحدث فيها عن واقعة سرقة الأحذية من مستودع تجاري تسيره مؤسسة عمومية؟

ربما تختلف الروايات حول أحداث هذه القصة، فمنهم من يعتبرها أغنية ساخرة تُعبّر عن قساوة الوضع الاجتماعي،  انطلاقًا من إسقاط حادثة اختفاء حذاء ستان سميت من الأسواق على الوضع السياسي المتدهور، ومنهم من يشير بأنها أغنية تتحدى السلطات وتهددها بالإضرابات.

في هذا السياق يقول: حسين أكرم في منشور فيسبوكي: "كاين بزاف لي ما فهموش العلاقة بين أحداث 5 أكتوبر 1988 والحذاء الشهير Stan Smith".

ويوضح قائلًا: في فترة الثمانينات، كانت الجزائر تنتج أحذية رياضية عالية الجودة تحت علامة (أديداس)، ومن بينها الحذاء الشهير (ستان سميث)، الذي كان رمزاً للأناقة والتميز الرياضي في ذلك الوقت".

ويواصل أنه " مع وقوع أحداث 5 أكتوبر 1988، التي كانت نتيجة الغضب الشعبي من الأوضاع الاقتصادية والسياسية، تم سرقة المصانع التي كانت تنتج هذه الأحذية، ومن ثم توقفت الجزائر عن تصنيعها نتيجة لذلك".

واعتبر صاحب المنشور أن الأغنية التي أخرجها أنصار اتحاد العاصمة وقتها جاءت كتعبير ساخر عن هذا التغير المفاجئ، حيث ربطوا تدهور الأوضاع في البلاد، واختفاء منتجات ذات جودة عالمية، مثل حذاء ستان سميث، بالوضع السياسي، في إشارة إلى الرئيسين الشاذلي بن جديد والسياسات التي كانت متبعة وقتها.

إلى هنا، توجد قصة أخرى حول تداول هذه الأغنية، وهي تقول إن مظاهرات عنيفة وقعت في انتفاضة أكتوبر، وهجم الشباب على مستودعات الأسواق وعثروا على مئات الأزواج من أحذية ستان سميث.

كان هذا النوع من الأحذية نادرًا ومشتهرًا بين الشباب، ولا يحصل عليه إلا أصحاب النفوذ، فصادر محتجون تلك الأحذية وارتدوها، وقبل أن تلاحق الشرطة أي شخص ينتعل حذاء ستان سميث، أطلق الشباب هذه الأغنية "يا شادلي يا بن جديد العاصمة راهي بيضا".

ومعنى هذه الأغنية يا شادلي بن جديد (رئيس الجمهورية وقتها) إن العاصمة بيضاء، بمعنى كلنا قمنا بسرقة أحذية ستان سميث البيضاء، فأصبحت العاصمة بهذا اللون.

وتضيف الأغنية، من لم يأخذ حذاء ستان سميث، عليه انتظار احتجاجات جديدة، وفيها تهديد ضمني بأن الشباب يحصل على حقه بالقوة، ومن لم يحصل هذه المرة على حذاء، عليه انتظار انتفاضة جديدة.

في هذا السياق، نشرت صفحة 'التراس الجزائر" أنه "في إطار إحياء ذكرى 5 أكتوبر 1988، واستحضار الهوية التاريخية العريقة المرتبطة بنادي اتحاد العاصمة، تُعلن مجموعة العاصمة El Assima عن نيتها إصدار نسخة خاصة من الحذاء الشهير STAN SMITH".

وأضاف المنشور، أن "هذه المبادرة تأتي "ضمن جهود المجموعة الرامية إلى الحفاظ على التراث التشجيعي وتجسيد ارتباط المدينة بتاريخها الرياضي المميز".

بدورها، دونت صفحة "سيتي ديار الكاف" في منشور فيسبوكي: " 5 أكتوبر 1988 _ 5 أكتوبر 2024.. يا شادلي يا بن جديد، العاصمة كامل بيضا ولي ماداش stan Smith يستنى  La grève جديدًا ''

وختمت بالقول: "الله يرحم شباب الجزائر لي ماتوا"

سياسيًا، تفاعل نشطاء وإعلاميون وسياسيون مع الحدث كل وفق وجهة نظره، وبعيدًا عن هذه القصة، الكتب أسامة وحيد يقول: "ذكرى 5 اكتوبر 1988 أو يوم أوهموا الشعب أنه قام بثورة، لتظهر الأيام أن المخطط كان تصفية الشركات والمصانع العمومية للاستحواذ عليها بالدينار الرمزي من طرف سادة وسدنة الزيت والسكر والماقرونة والعجائن ".

وأضاف أن 5 أكتوبر كان لعبة "أكل الشوك بأفواه البسطاء" كما كان بداية للسقوط الذي حمل عنوان أن الشعب قام بثورة من وهم، على حد قوله.

من جهته، نشر الناشط فضيل بومالة، منشورًا طويلًا عنونه بـ "هكذا أفكر"، تحدث فيه أن "النظام الذي اغتال حلم ثورة التحرير وصادر استقلالها هو ذاته الذي أجهض 5 أكتوبر 1988 وأدخل الجزائر في حرب أهلية. وهو نفسه اليوم الذي يعيق إرادة الشعب عن القطيعة وحرم عليه الإقلاع والاتجاه نحو المستقبل".

وأردف بومالة أنه وبذهنية التسلطية والماضوية المنافية للحرية والعقل والشرعية ومعاني الدولة والمجتمع والديمقراطية، يجعل الجزائريات والجزائريين يعيشون يوميًا الاغتراب في وطنهم المغدور والغربة في منافيهم. لقد هدم الجزائر داخليا، قزمها وعزلها إقليميا ودوليا وها هو يخرجها شيئًا فشيئًا من التاريخ".

أما الناشط نور الدين أحمين، فكتب عن ذكرى 5 أكتوبر منشورًا أرفقه بصورة من الحراك الجزائري يقول فيه: من ميزات الحراك أنه كان يمنح فرص لقاءات بين أبناء الجزائر من مختلف المناطق، حيث أصبحت الجزائر عبارة عن عائلة كبيرة واحدة وكان هدف الجميع الذهاب نحو بناء دولة قوامها مؤسسات شرعية، هدفها حماية الوطن وإرساء جدار حماية المواطنة".

فضيل: بومالة: بذهنية التسلطية والماضوية المنافية للحرية والعقل والشرعية ومعاني الدولة والمجتمع والديمقراطية، يجعل الجزائريات والجزائريين يعيشون يوميًا الاغتراب في وطنهم المغدور

وأضاف معلقًا على الصورة المرفقة، أنه "اخترت هذه الصور ونحن على مشارف الذكرى 36 لأحداث 5 أكتوبر 1988، لأذكر الرأي العام أن في هاتين الصورتين مواطنة ومواطن من أخلص ما أنجبه الوطن الذي ننتمي إليه وهما الآن محل اعتقال لا لشيء سوى أنهما أرادا ممارسة حقهما في المواطنة وبسبب التعسف الذي طلهما، قررا الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام".