18-يوليو-2023
كلاب متشردة

كلاب متشردة تنام في الشارع (الصورة: Getty)

قبل أيام توفي شاب في الثلاثينات من عمره في مستشفى بولاية باتنة شرق الجزائر، متأثرًا بإصابته بداء الكلب، في حادثة أعادت الحديث عن هذا المرض الخطير والمعدي، الذي تريد الجزائر القضاء عليه نهائيا مع حلول سنة 2030.

وزارة الصحة أعلنت تسجيل نحو 15 حالة وفاة سنويًا في الجزائر جراء داء الكلب

لدى داء الكلب شهرة خاصة في الجزائر، فاسمه يتعدى الأعراض الجسدية التي يسببها، إذ يتم توظيفه في المخيال الجماعي لوصف سلوكات اجتماعية تصدر عن الأشخاص، لذا يأخذ الحديث عنه في كل مرة صدى مضخمًا.

وفي تلك الحادثة الأليمة، كان الشاب الثلاثي قد وصل إلى المستشفى متأخرًا وهو في حالة حرجة،  بعد أن انتقل إليه المرض عبر عضة قطة مصابة بهذا الداء في حي دوار الديس ببلدية باتنة، وهو ما أثار حسرة كبيرة في المدينة.

وفي حديثهم لوسائل الإعلام، أكد أفراد الحي أن القطة المصابة عضت أيضًا ثلاثة أطفال على الأقل، تم تلقيح اثنين منهم باللقاح المضاد للكلب، في انتظار التأكد من عدد الحالات الاجمالية التي لامست القطة، حيث بدا الجميع في حالة استنفار لتفادي انتشار المرض أو تطوره لحالات خطيرة لدى المصابين.

وتداول رواد التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يؤكد العثور على القطة المصابة بداء الكلب ميتة في الحي نفسه. وقد سارعت المصالح المختصة بمعية السكان لعزلها ودفنها بعيدًا وتعقيم المنطقة، تفاديًا لتحول الحي إلى بؤرة وباء قاتلة.

مرض منتشر بكثرة

ومع أن الحديث عن داء الكلب ليس دارجًا بكثرة، إلا أنه في الواقع منتشر، إذ تسجل إحصائيات وزارة الصحة 120 ألف إصابة بداء الكلب سنويًا، نتيجة  عضات الكلاب التي تأتي في المرتبة الأولى ثم القطط، مع تسجيل نحو 15 حالة وفاة سنويًا جراء الداء، أزيد من 40 بالمائة من بينها لدى الأطفال دون سن 14 عامًا.

وخلال اليوم العالمي لمكافحة داء الكلب في 28 أيلول/سبتمبر 2022 الذي تحييه الجزائر كل سنة، أكد وزير الصحة أن الجزائر أطلقت مخططًا وطنيًا استراتيجيًا لمكافحة الداء يمتد ما بين 2023 و2027 من أجل القضاء على الداء نهائيًا مع حلول 2030، ذلك لأنه يشكل مشكلة حقيقية بالنسبة للصحة العمومية، إذ أن هذا الداء غالبا ما يكون قاتلا بمجرد ظهور "الأعراض السريرية".

لكن ما هو داء الكلب وما هي أعراضه؟ يقول الدكتور كواش محمد، طبيب مختص في الصحة العامة، في حديث لـ"الترا جزائر"  إن هذا المرض هو من  الأمراض المعدية وهو مرض فيروسي خطير وقاتل،  يصيب الإنسان والحيوان، والحيوانات الناقلة لهذا المرض هي الحيوانات المفترسة مثل الذئاب والحيوانات الأليفة مثل الكلاب والقطط.

وينتقل هذا الفيروس، وفق المختص، عن طريق الدم سواءً بالخبش أو العض من حيوان مصاب، أو عن طريق اللعاب إذا لعق الحيوان المريض الأغشية المخاطية مثل الفم والعين أو الجروح الجلدية الحديثة، لذلك هو مرتبط أساسًا بالحيوانات.

أعراض الإصابة

أما عن أعراض الإصابة بداء الكلب، أوضح كواش أنه مباشرة بعد العض وانتقال الفيروس، فإنه يبقى في الدم لمدة تصل إلى 45 يومًا بأعراض أولية مثل الحمى والألم والشعور بالوخز أو الآلام الحارقة في موضع العض وفرط إفراز اللعاب وصعوبة في البلع، ثم ينتقل إلى  الجهاز العصبي المركزي أين تظهر أعراض حادة للإصابة، مثل فوبيا الماء والضوء والهواء، وإصدار أصوات تشبه نباح الكلاب، التشنجات العضلية التي تعطي حركات الافتراس، وهي علامات تشخيص مرض الكلب بالإضافة إلى سوابق احتكاك مع هذه الحيوانات، وتكون الوفاة بعدها مباشرة خلال 48 ساعة كحد أقصى، وهو ما يبرز حسبه حجم خطورة المرض.

وأبرز الدكتور أن داء الكلب ليس له علاج دوائي للقضاء على المرض، ولكن هناك علاج وقائي حتى لايصل الفيروس إلى الجهاز العصبي في حال كان هناك شك بعد عض أو خدش أو لعق، وهو الغسل الجيد بالماء والصابون لمكان التلامس لمدة 15  دقيقة ثم تعقيمه، وبعدها التوجه مباشرة الى المستشفى لأخذ التطعيم ضد داء الكلب والذي يعتبر فعالًا ضد المرض.

وعن الوقاية من داء الكلب، أكد الدكتور أن التطعيم هو الوسيلة الأساسية، كما يجب تطعيم الحيوانات المنزلية مثل الكلاب والقطط منذ الولادة ضد داء الكلب عند الطبيب البيطري، وذلك للقضاء على المرض من المصدر الرئيسي، وكذا الانتباه لسلوك الحيوانات الغير العادي وعدم تركها تجول خارجا لأن المرض ينتقل بين الحيوانات، وتفادي العض والخبش واللمس من حيوانات لا نعرفها، وابلاغ السلطات بالكلاب والقطط الضالة خاصة تلك التي تظهر عليها علامات الكلب.

وأضاف الطبيب، أن داء الكلب ينتشر بكثرة في المدن الداخلية والمناطق الريفية والمعزولة، وذلك لغياب ثقافة التطعيم والعلاج خاصة أن التلقيح يأخذ عدة جرعات متباعدة، وكما ينتشر أكثر في الصيف التي تعد فترة ذروة الإصابة بداء الكلب وفي فترة التزاوج والولادة للحيوانات.

ضرورة التحسيس

وفي سياق مكافحة هذا الداء، يتم التفكير في كيفية تنظيم وتقنين امتلاك الكلاب وكيفية تربيتها ومتابعتها صحيًا وتلقيحها مع إنشاء محاشر خاصة بها، مما سيعزز البرنامج الوطني القطاعي لمكافحة داء الكلب الذي تشارك فيه وزارات الفلاحة والصحة وكذا المجتمع مدني و وسائل الاعلام.

طرح مختصون أهمية تحسيس الأطفال خاصة في المدارس بهذا المرض القاتل 

كما طرح مختصون أهمية تحسيس الأطفال خاصة في المدارس بهذا المرض القاتل عن طريق تخصيص دروس إضافية، لا سيما وأن الأطفال أكثر ضحايا هذا المرض.