تحشد الأحزاب السياسية ومختلف الفعاليات النشطة في الساحة الجزائرية، منخرطِيها ومناضليها من أجل الظّفر بمقاعد في استحقاقات المجالس المحلية (البلدية والولائية) المقرّر تنظيمها في الـ 27 من شهر تشرين الثاني/نوفمبر القادم، إذ يعدّ الموعد الانتخابي القادم في نظر المتابعين امتحان جديد وعسير في آن واحد، عقب انتخابات نيابية مبكرة جرت في يونيو/ حزيران الماضي.
كشفت عدّة أحزاب سياسية عن مشاركتها في هذه الانتخابات في وقت مبكر
وكشفت الرئاسة الجزائرية في العدد الأخير من الجريدة الرسمية، عن التعديلات البسيطة التي تمّ إدراجها في القانون العضوي للانتخابات، والذي تضمّن بندًا يتعلق بالسّماح بتجاوز مبدأ المناصفة في قوائم المرشّحين، بين النساء والرجال، بصفة انتقالية في الانتخابات المقبلة حصرًا، دون غيرها من الاستحقاقات المقبلة.
اقرأ/ي أيضًا: السلطة المستقلة تُعلن عن الأرقام التعريفية للأحزاب المشاركة في التشريعيات
وكنتيجة لهذا الاستثناء، يمكن لقوائم المترشحين المقدمة تحت رعاية الأحزاب السياسية أو القوائم المستقلة، والتي لم تتـمكّـن من تحقيق شرط المناصفة، طلب ترخيص بإعفائها من المناصفة، عل أن تتولى السلطة المستقلة للانتخابات إفادتها بترخيص يسمح له بخوض الانتخابات.
وفي سياق التسهيلات المدرجة في القانون، تضمّنت التعديلات "خفض عدد التوقيعات المطلوبة في انتخابات المجالس الشعبية البلدية والولائية، وسواءً تحت رعاية حزب سياسي أو بصفة مستقـلة، بالنسبة للبلديات إلى 20 توقيعًا بالنسبة للبلديات التي يساوي أو يقلّ عدد سكانها على 20 ألف نسمة".
فرصة أخيرة
وكشفت عدّة أحزاب سياسية، عن مشاركتها المُبكّرة في هذه الانتخابات، إذ أعلن حزب جبهة التحرير الوطني، مشاركته في الانتخابات المقبلة، وقرّر "الحزب العتيد"، حسب بيانه الأخير، فتح باب الترشّح لمناضليه إلى غاية العاشر من شهر أيلول/سبتمبر الجاري ، على أن يبدأ الحزب في دراسة ملفّات مرشحيه والانتقاء النهائي بداية من الـ 21 أيلول/سبتمبر.
وشدّد "الأفلان" على أنه "يطمح إلى تقديم أحسن الكفاءات من المناضلين والمناضلات، من ذوي الكفاءة والمصداقية والسمعة الشعبية مرتبة ريادية في المجالس المحلية المنتخبة"، خاصة بعد تحقيقه للفوز في الانتخابات النيابية الماضية، التي جرت في حزيران/جويلية الماضي.
في مقابل ذلك، باشرت بدأت هيئة الانتخابات أولى الترتيبات استعدادًا لهذه الانتخابات، بالبدء في تسجيل الناخبين الجدد، وتركيز لجانها الانتخابية المحلية.
من جهتها، بدأت قواعد الحزب عبر مختلف الولايات الجزائرية، في عمليات جمع التوقيعات لصالح قوائم الحزب، ونشر "لائحة تتضمّن الشّروط الداخلية التي سيجري تطبيقها على الإطارات والمناضلين الراغبين في الترشّح، في مكوّنات قوائم الحزب في الانتخابات المقبلة.
وبخصوص القوائم المحلية، أعلنت عنه جبهة التحرير الوطني، عن شرط الكفاءة والتجربة السياسية في الميدان، علاوة على السمعة الحسنة والالتزام بتعهّدات وتوجيهات وتعليمات الحزب".
كما يرفض الحزب تكرار تجربة الأسماء "المشكوك" في نزاهتها، تفاديا لمصداقية الحزب في الداخل الجزائري، خصوصًا وأن التجارب السياسية الانتخابية السابقة أثبتت تورط أسماء في مجموعات الفساد في المشاريع المحلية، إذ كشف بيان الحزب العتيد عن رفضه لأي "مرشح يُشتبه فيه صلته بشبكات الفساد، وعلاقته بها، إضافة إلى التورط في التهرّب الضريبي.
وعلاوة على الشروط المنصوص عليها قانونيًا من أجل الترشح لانتخابات المجالس الشعبية المحلية لاسيما، "ألاّ يكون محكومًا نهائيًا بعقوبة سالبة للحرية لارتكاب جناية أو جنحة ولم يرد اعتباره باستثناء الجنح غير العمدية"، علاوة على أن "لا يكون معروفًا لدى العامة بصلته مع أوساط المال والأعمال المشبوهة وتأثيره بطريقة مباشرة أو غير مباشرة على الاختيار الحرّ للنّاخبين وحسن سير العملية الانتخابية".
الرّهان المحلي
الملفِت للانتباه، تغيّر الخارطة السياسية في الجزائر، منذ أكثر من شهرين، وذلك ببروز واضح لكتلة المستقلّين في البرلمان للأحرار التي تعدّ ثاني أكبر كتلة من حيث عدد النواب في المجلس الشعبي الوطني ( الغرفة السفلى للبرلمان)، إذ أعلنت عن التنسيق اللازم لتقديم قوائم مستقلة في الانتخابات المحلية المقبلة.
كما أكد رئيس الكتلة عبد الوهاب آيت منقلات في تصريحات صحفية، على هامش افتتاح الدورة النيابية الجديدة، في الـ 2 أيلول/سبتمبر الجاري، عن وجود "مساعٍ للنّواب المستقلين لتأسيس حزب سياسي، يجمع كل المستقلين في كلّ المجالس المنتخبة، البرلمان والمجالس البلدية والولائية، مباشرة بعد الانتخابات المحلية".
المجالس المحلية، القريبة من المواطن، تظلّ مِضمارًا مهمّا، يتنافس فيه المرشّحون، وهو رِهان كلّ الأحزاب السياسية النّاشطة في السّاحة، لبسط نفوذها السياسي والميداني في مختلف المدن والأحياء الجزائرية، إذ تعتبر حركة مجتمع السلم "حمس" الانتخابات المقبلة إحدى أولوياتها، حيث عقدت الحركة اجتماعًا لمكتبها التنفيذي، لدراسة كيفيات المشاركة في الانتخابات المقبلة، حيث من المنتظر أن تستدعي الحركة وهي ثاني قوة سياسية في البلاد حسب بيان نشرته هيئتها الانتخابية لبدء ترتيبات المشاركة في الانتخابات في أقرب وقت ممكن.
وفي هذا الصدد، ذكر رئيس الكتلة البرلمانية للحركة أحمد صادوق، أن الحركة بدأت التحضير للمحليات منذ فترة مباشرة بعد إحرازها تقدمًا في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، لافتًا في تصريح لـ"الترا جزائر" أن "حمس" باشرت الإعداد لهذه الانتخابات المهمّة على مستويين اثنين: أولًا على مستوى الترشيحات والأسماء التي تتوفّر فيها الشروط المتفق عليها في مؤسسات الحركة لتقديم وجوه تخدم المواطن، وتضمن كسب مقاعد في تلك المجالس، وثانيا على مستوى الإعداد للبرنامج الانتخابي الجاذب لاهتمام المواطن، والتسويق له في الفترة المقبلة، في أطر متعدّدة أهمها تكوين المناضلين للمراقبة الانتخابية فضلًا عن الاستعداد لخارطة الحملة الانتخابية.
كما أعلن التجمع الوطني الديمقراطي الذي حلّ رابعًا في انتخابات البرلمان الأخيرة، عن المشاركة في الانتخابات المحلية القادمة، مؤكّدًا في بيان له، أنه مستمر في "الانخراط في العملية السياسية والانتخابات المقبلة محطّة أخرى لاستكمال البناء المؤسساتية وترسيخ التمثيل الشعبي في المجالس البلدية والولائية المنتخبة".
وفي نفس السياق، رحّبت حركة الإصلاح الوطني، بتنظيم انتخابات المجالس الشعبية البلدية والولائية، إذ أعلن رئيس الحركة فيلالي غويني في لقاء مع إطارات الحركة، عن المشاركة في هذه الانتخابات التي جاءت حسبه" لاستكمال المسار الانتخابي وتصحيح الاختلالات المسجّلة على أداء المجالس المحلية في السنوات الأخيرة، ولترميم الثقة بين المواطن وممثليه على مختلف المستويات".
اختبار القُرب والعمق
عمومًا، يعتبر أستاذ العلوم السياسية عبد العزيز محيقني من جامعة باتنة شرق الجزائر، "تجديد المجالس المحلية، استحقاق يستقطِب عادة مشاركة معتبرة من الناخبين على مستوى العمق الجزائري، مقارنة مع مختلف الانتخابات الأخرى في المركز (المجلس الشعبي الوطني)، وقال لـ "الترا جزائر" على الورق؛ "تنظُر المكوّنات السياسية، بمختلف مشاربها بأعيُن مفتوحة لهذه الانتخابات خصوصا تلك الأحزاب التي خسِرت معركة البرلمان، وفقَدت الكثير من منتسبيها أو النّاخبين –المواطنين؛ الذين راهنوا عليها في وقت سابق، لإحداث التّغيير المنتظر على المستوى المحلّي".
عبد العزيز محيقني: المحليات تعدّ فرصة للأحزاب لإثبات وجودها وبقائها في الساحة السياسي
وأضاف المتحدّث، أن تركيز المؤسسات السياسية عقب الحراك الشعبي على الانتخابات سيكون محمومًا، خصوصًا على المستوى المحلي وفي البلديات التي تعدّ فرصة للأحزاب لإثبات وجودها ثمّ بقائها في الساحة السياسية، وللمواطن أيضًا أن يتحسّس منتوج المنظومة الحزبية وانعكاسه على واقعه المعيشي واليومي.
اقرأ/ي أيضًا:
التشريعيات الجزائرية.. ماهي فرصة أحزاب بوتفليقة في دخول البرلمان؟
بعجي: قوائم "الأفلان" في التشريعيات لن تفتح أمام الفاسدين