15-سبتمبر-2024
(الصورة: Getty) باعة المفرقعات في أحد شوارع العاصمة

(الصورة: Getty) باعة المفرقعات في أحد شوارع العاصمة

عشية احتفالات المولد النبوي الشريف، قرر الأب الأربعيني أحمد زيارة متجر الأدوات المدرسية، وتأمل أسعار الدفاتر والأقلام التي سيشتريها لأبنائه الثلاثة، فهو الأب المثابر الذي اعتاد في كل عام أن يُسعد أطفاله بشراء المفرقعات والألعاب النارية، وجد نفسه هذه المرة في موقف مختلف، مع اقتراب موعد الدخول المدرسي، وتزايد المصاريف، قرر بحزم أن يوفر المال لتجهيز أبنائه للعام الدراسي بدلا من إنفاقه على ألعاب قد تسبب ضررا لهم وللآخرين.

بينما تزدحم الشوارع بالألعاب النارية التي تجذب الأطفال، رغم تراجع نسبة دخولها السوق الوطنية هذه السنة، كانت مسؤولية الأب تتنامى، فهو يدرك أن الإنفاق في هذه المناسبة يجب أن يكون حكيما، خاصة مع تحذيرات الأئمة المتكررة من خطورة هذه الألعاب واعتبارها بدعة لا تليق بقيم الإسلام النبيلة

وبينما تزدحم الشوارع بالألعاب النارية التي تجذب الأطفال، رغم تراجع نسبة دخولها السوق الوطنية هذه السنة، كانت مسؤولية الأب تتنامى، فهو يدرك أن الإنفاق في هذه المناسبة يجب أن يكون حكيما، خاصة مع تحذيرات الأئمة المتكررة من خطورة هذه الألعاب واعتبارها بدعة لا تليق بقيم الإسلام النبيلة. وفي أعماق أحمد، كان الصراع بين رغبته في إرضاء أطفاله وبين واجبه تجاه تأمين مستقبلهم الدراسي، ولكنه اختار في النهاية ضرورة توفير مدخراته لشراء اللوازم المدرسة الأسبوع المقبل، خاصة في ظل ارتفاع الأسعار.

مخطط أمني لتأمين احتفالات الجزائريين

رغم أن بيع واستيراد وصنع المفرقعات والألعاب النارية ممنوع قانونا في الجزائر، إلا أن استمرار الترويج غير الشرعي لهذه المنتجات دفع المصالح الأمنية إلى تجنيد كافة مصالحها للحد من استخدامها وملاحقة المتاجرين بها.

وفي هذا السياق، وضعت المصالح الأمنية مخططًا أمنيًا خاصًا عشية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، بهدف تأمين الأجواء العامة، ويشمل هذا المخطط تعزيز التواجد الأمني في الأماكن العامة، الشوارع، والأسواق، لمحاربة التجارة العشوائية للمفرقعات والألعاب النارية، بالإضافة إلى تكثيف الدوريات الأمنية.

وفقًا للمعطيات التي تحصلت عليها "الترا جزائر"، أسفرت العمليات الأمنية خلال شهر سبتمبر/ أيلول الجاري عن الإطاحة بعدة شبكات إجرامية متخصصة في تخزين الألعاب النارية بهدف بيعها وترويجها.

كما خصصت المصالح الأمنية روابط تواصلية للتبليغ عن أي نشاط مشبوه يتعلق ببيع أو ترويج المفرقعات والألعاب النارية، حيث وضعت رقمًا أخضرا (48-15) تحت تصرف المواطنين للتبليغ عن مثل هذه العمليات.

وفي السياق، جدد المدير العام لضبط النشاطات وتنظيمها بوزارة التجارة وترقية الصادرات احمد مقراني في إفادة لـ" الترا جزائر " تأكيده على أن قرار منع استيراد هذه المنتجات حد من استعمالها حيث شهدت السنوات الماضية تراجعا كبيرا لظاهرة بيع المفرقعات والألعاب النارية .

وأوضح مقراني أن المصالح الأمنية بالتنسيق مع مصالح وزارة التجارة وترقية الصادرات تقوم بمراقبة صارمة لكل النشاطات التجارية التي تتضمن بيعا للمفرقعات من خلال دوريات أمنية متنقلة في الأحياء والشوارع لمصادرة السلع المحظورة.

الدخول المدرسي على رأس الأولوية

من جهته، أكد رئيس المنظمة الوطنية لحماية المستهلك، مصطفى زبدي أن الأسواق الجزائرية شهدت تغيرا ملحوظًا عشية احتفالات المولد النبوي الشريف، حيث لوحظ اختفاء شبه كامل للطاولات التي كانت مخصصة لبيع الألعاب النارية والمفرقعات، والتي عادة ما تنتشر خلال هذه الفترة، أي الأيام التي تسبق الاحتفال بذكرى المولد.

وأشار زبدي، في تصريح لـ "الترا جزائر"، إلى أن طاولات بيع الأدوات المدرسية أصبحت هي السائدة، تزامنا مع التحضيرات للدخول المدرسي، مشيرا إلى أن هذا التغيير جاء نتيجة الجهود التي بذلها الجميع، من تجار ومستهلكين، للحد من التجارة غير القانونية بالمفرقعات والألعاب النارية.

كما أوضح زبدي أن السنوات الأخيرة شهدت تراجعًا في تسويق هذه المنتجات، بفضل القوانين الصارمة التي تحظر المتاجرة بها، وازدياد وعي التجار والمواطنين بالمخاطر الصحية والاقتصادية التي تنجر عليها.

رئيس المنظمة الوطنية لحماية المستهلك، مصطفى زبدي لـ "الترا جزائر": الأسواق الجزائرية شهدت تغيرا ملحوظًا عشية احتفالات المولد النبوي الشريف، حيث لوحظ اختفاء شبه كامل للطاولات التي كانت مخصصة لبيع الألعاب النارية والمفرقعات

وأشار زبدي  إلى أن من بين العوامل التي ساهمت في تراجع انتشار هذه المنتجات في الأسواق، الإجراءات التي اتخذتها السلطات العمومية لمنع استيرادها وتشديد الرقابة على المهربين والمتاجرين بها بطرق غير قانونية، بالإضافة إلى ندرة هذه المواد في السوق، ما أدى إلى ارتفاع أسعارها وانخفاض الإقبال عليها.

وخلال الجولة التي قامت بها المنظمة الوطنية لحماية المستهلك في الأسواق الشعبية، لوحظ يقول المتحدث أن الطاولات التي تبيع هذه المنتجات أصبحت نادرة، وإن وجدت، فإن أسعارها مرتفعة للغاية، حيث بلغ سعر كيس صغير يحتوي على بضع مفرقعات 700 دينار جزائري.

صفحات فايسبوكية تروج للمفرقعات والألعاب النارية

من جهته ، أكد عصام برديسي، الأمين الوطني والناطق الرسمي للاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين، في تصريح لـ:" الترا جزائر " أن 95 بالمائة من التجار الشرعيين ملتزمون بالإجراءات التي أقرتها السلطات العمومية بشأن حظر المتاجرة بالمفرقعات والألعاب النارية. كما حذر برديسي من صفحات على "فيسبوك" تروج لهذه المنتجات مع اقتراب احتفالات المولد النبوي الشريف.

وأوضح برديسي أن التجار الجزائريين يدركون تمامًا مخاطر بيع مثل هذه المنتجات التي تُسوق بطرق غير قانونية في الأسواق وعلى الطاولات العشوائية المنتشرة في الشوارع والأزقة، مشيرا الى أن نسبة انتشار الألعاب النارية خلال المناسبات، وخاصة في احتفالات المولد النبوي الشريف، انخفضت بنسبة 70 بالمائة مقارنة بالسنوات السابقة، وذلك بفضل الجهود التي تبذلها السلطات بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية ومصالح وزارة التجارة قائلا : "هناك وعي متزايد لدى التجار حول الأضرار التي تسببها هذه التجارة غير الشرعية على الاقتصاد الوطني وصحة المواطنين".

وأشار برديسي إلى أن التقارير الأولية التي تلقاها الاتحاد نهاية هذا الأسبوع من مختلف المكاتب الولائية تؤكد تراجع تسويق هذه المنتجات في الأسواق، وإن وُجدت فهي بنسبة ضئيلة وبأسعار مرتفعة. أما التجار الشرعيون، فهم يكتفون- حسبه -بتسويق الشموع وبعض الألعاب التي لا تشكل خطرًا على صحة المواطن أو الاقتصاد الوطني، مضيفا : "نعمل على ترسيخ أخلاقيات العمل التجاري بالتعاون مع مصالح وزارة التجارة والجهات الأمنية، وعلى رأسها الجمارك والأجهزة الأمنية".