30-مارس-2021

الرئيس عبد المجيد تبون ونظيره المالي (الصورة: النهار)

غادر الرئيس المالي باه نداو الجزائر، بعد زيارة عمل وصداقة استمرت يومين، سمحت "باستعراض العلاقات الثنائية الأخوية التي تجمع الجزائر ومالي وسبل تطويرها وترقيتها خدمة للمصالح المشتركة"، و"الوقوف على مدى تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة في مالي المنبثق عن مسار الجزائر"، حسب بيان لرئاسة الجمهورية.

ينتظر المجتمع الدولي أن تلعب الجزائر دورًا محوريًا في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين

 يمثل الفضاء الجغرافي لدولة مالي امتدادًا للأمن الاستراتيجي للجزائر، حيث يتقاسمان حدودًا برية طولها 1329 كيلومترًا تم ترسيمها بالكامل سنة 1985، وتحتل المنطقة الحدودية بعدًا أمنيًا وتنمويًا خاصًا، إذ يُعتبر تأمين الحدود ومواجهة الجماعات الإرهابية وكل أشكال الجريمة العابرة للحدود، إلى البحث عن وسائل التنمية الحدودية الفعالة تحديًا وانشغالًا مشتركًا يجمع البلدين.

اقرأ/ي أيضًا: أزمة مالي.. الجزائر تبحث عن مسكّن لصداعها الجنوبي

 

ويساعد تحسين ظروف معيشة السكان المحليين وإشراكهم في النشاط الاقتصادي والخدماتي على تحقيق تنمية مستدامة، تٌحقق مقاربة تلازم البعد الأمني والتنموي حيث أن الأمن والتنمية يسيران وفق خطّين متوازيين.

معلوم أن الجزائر تلعب دورًا استراتيجيًا على الصعيد الأمني في مالي، حيث تقوم بتنسيق قيادة الأركان العملياتية المشتركة في منطقة الساحل، وتقوم بربط الاتصالات بين قبائل شمال مالي والحكومة المركزية في بامكو وتنشط في مجال العمل الإنساني ومساعدة أهالي المنطقة، في مقابل ذلك، ينتظر الجانب المالي من الجزائر تفعيل مجلس الأعمال المشترك واستغلال وتنشيط الحوض النفطي في منطقة تاوديني شمال مالي.

وجهات نظر متباعدة 

في السياق ذاته، تقول الإعلامية المختصّة في الشأن الدولي سهام غديري، إنّ زيارة الرئيس المالي الانتقالي باه ندوا، تأتي بعد جولة قادته إلى كل من موريتانيا والنيجر وبوركينافاسو.

وعن أهداف الزيارة تقول محدثتنا، إنّ الوضع الأمني في مالي لا يزال يُقلق السلطات المركزية في باماكو، رغم الوجود الفرنسي الذي فشل في التصدّي للجماعات الجهادية، بل  عرفت المنطقة توسعًا في الأعمال الجهادية في دول الجوار، مضيفة أن الملف الأمني يشكّل اهتمامًا مشتركًا بين الجزائر ومالي. 

أفادت المتحدثة أن الجزائر تمتلك رؤية مغايرة في طريقة واستراتيجية التعامل مع الجماعات المتشدّدة، وكذا موضوع التدخّل الأجنبي عسكريًا في المنطقة، موضحةً أن الجزائر ترى أن معالجة الأزمة يمرّ عبر مسارات متعدّدة لا تقتصر على المقاربة العسكرية فقط؛ بل تتعداه إلى تنشيط المحور السياسي وتحقيق تنمية وتوزيع عادل للثروة.

تجدر الإشارة إلى أن الجزائر عبرت في مناسبات متعددة تحفظها ورفضها لأيّ تدخل عسكري خارجي في المنطقة، خاصّة في ملف الأزمة الليبية، حيث اعتبرت أن حلّ الأزمة يكون بوقف إطلاق النار.

 تحديات مالي

 من جانبه يرى متتبّعون أن زيارة الرئيس المالي تأتي في توقيت تعرف فيه الحكومة الانتقالية تحدّيات سياسية أبرزها "الميثاق الانتقالي" الذي يهدف إلى وضع خارطة طريق تسير وفقها نحو الذهاب إلى انتخابات رئاسية وتشريعية، ويشكّل الوضع الأمني غير المستقرّ أبرز تلك التحدّيات، ما يتطلب التنسيق والتقارب السياسي والأمني مع الجزائر، والتي تمتلك أورق سياسية على أرض الواقع، ويشكّل المرور نحو البناء المؤسّساتي رغبة كل من الجزائر ودول الجوار.

في السياق نفسه، تُشرف الجزائر على لجنة متابعة تطبيق اتفاق السلام و المصالحة المنبثق من عملية الجزائر خلال أيّار/ماي 2015 بين الحكومة المالية والجماعات المسلحة لشمال مالي، ويهدف الاتفاق إلى سلام نهائي في المنطقة بعد تمرّد حركة طوارق. 

في هذا الصدد تقول سهام غديري، إنّ الجزائر تمكنت من عقد اجتماع الدورة 42 للجنة متابعة الاتفاق في كيدال منتصف شبّاط/فيفري الماضي بعدما تم اختراقه، مضيفة أن الجزائر استطاعت لمّ شمل الماليين وإدخال ديناميكية جديدة في مسار المصالحة.

ومن بين الملفات المعقدة، أشارت محدثنا مسألة إدماج عناصر الجماعات المسلّحة داخل المؤسّسات الأمنية، وجمع الأسلحة المنتشرة في منطقة غاو كيدال وتوميكتو، إضافة إلى قضية التمثيل السياسي في مختلف أجهزة الدولة، حيث يتباين موقف سكان شمال مالي والحكومة المركزية في باماكو.

أبعاد زيارة الرئيس المالي بدت واضحة المعالم في ظل أزمة سياسية وأمنية تعيشها الجارة الجنوبية

أبعاد زيارة الرئيس المالي بدت واضحة المعالم في ظلّ أزمة سياسية وأمنية تعيشها الجارة الجنوبية، وينتظر المجتمع الدولي أن تلعب الجزائر دورًا محوريًا في تقريب وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين، وتقديم الدعم اللوجستيكي والتكوين والتعاون العسكري للتحقيق الاستقرار الأمني، والمرور إلى مرحلة جديدة نحو تمكين بناء دولة مؤسسات موحدة في جمهورية مالي موحدة.    

 

اقرأ/ي أيضًا:

الجزائر ترفض "انقلاب مالي"

أطماع فرنسية في ليبيا.. يدٌ مع الوفاق وأخرى على النفط