18-يوليو-2024
الترشح

(تركيب: الترا جزائر)

يتعرّف الجزائريون اليوم الخميس على اللاّئحة التمهيدية للمترشّحين الأساسيين للانتخابات الرئاسية المقرّرة في السابع سبتمبر/ أيلول المقبل، إذ أعلنت خمسة أسماء، أمس، عن استكمال جمعها للتوقيعات المطلوبة، وتودع اليوم ملفات ترشحها، على أن تحسم السلطة الوطنية للانتخابات قبل 24 تموز/ يوليو الجاري في ملفات المترشحين.

سلطة الانتخابات تشرع بدءًا من الجمعة في دراسة وفحص ملفات الراغبين في الترشح والتأكد من مدى استجابتها للشروط القانونية للترشح

وبخصوص الأسماء التي سلمت ملفها الانتخابي، يبدو أنها لن تتجاوز ثمانية أشخاص، بعدما حجز جميعها موعداً لدى السلطة الوطنية للانتخابات من أجل تسليم الملف رسميا، مع تبليغ الإعلام لتغطية هذه الخطوة. 

ووفقاً لذلك، تخوض حركة مجتمع السلم (حمس) الانتخابات لأول مرة، عن طريق مرشحها رئيس الحركة عبد العالي حساني شريف، وذلك منذ آخر مرة في العام 1995، إذ جمع حساني أزيد من 90.000 من المواطنين، و 2200 توقيع من المُنتخبين.

فيما يدخل أكبر حزب معارض في الجزائر (جبهة القوى الاشتراكية) غمار المنافسة الانتخابية، بعد 25 سنة من المقاطعة وترشيح السكرتير الأول، يوسف أوشيش، على خلفية العودة بقوة في المشاركة في البناء والتشييد. كما جمع مرشح " الأفافاس" 1300 توقيع من المنتخبين المحليين.

وبالإضافة إليهما، أودع الراغب في الترشح للانتخابات الرئاسية، رئيس حزب التجمع الجزائري طارق زغدود ملف ترشحه على مستوى مقر السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، كما أودع، شعبي سالم، ملفه كمترشح حر.

بالنّسبة للرئيس عبد المجيد تبون، الذي يخوض للمرة الثانية الانتخابات الرئاسية كمرشح حرّ، إذ تعهد خلال ولايته الرئاسية الأولى 54 تعهدًا في مختلف المجالات، بالإضافة إلى أنه يحظى بدعم شعبي وسياسي ومن منظمات جماهيرية واسع.

كما تشارك سيدة الأعمال ورئيسة كونفدرالية لأرباب العمل منذ 2016، سعيدة نغزة، في المعركة الانتخابية لأول مرة، خاصة وأنها من دون غطاء سياسي.

وفي المنوال نفسه، من المرجّح أن يدخل رئيس حزب (التحالف الوطني الجمهوري)، بلقاسم ساحلي، المنافسة كمرشّح مدعوم من تكتل "الاستقرار والإصلاح"، إذ يضم الأخير خمسة أحزاب سياسية أسهمت في مساندته إلى الرمق الأخير في رحلة جمع التوقيعات، مع العلم أنّ كاتب الدولة المكلف بالجالية في حكومة عبد المالك سلال (2012)، سبق له أن دعم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، قبل إلغاء المسار الانتخابي للاستحقاقات الرئاسية التي كانت مبرمجة في الـ 4 في أبريل/ نيسان 2010، ليتم تأجيلها إلى غاية نهاية السنة نفسها.

وفي سياق هذا المسار الانتخابي، تدخل العملية الانتخابية، مرحلتها الأكثر حيوية وترقبا، حيث تتوجه الأنظار إلى سلطة الانتخابات التي ستحسم في ملفات المترشحين.

ومن مجموع 35 راغبًا في الترشح، أعلنت السلطة الوطنية للانتخابات، سحبهم لاستمارات الاكتتاب منذ التاسع جزيران/ يونيو الماضي، أعلن المترشحون عن استيفاء شروط الترشح خاصة فيما تعلق بجمع التوقيعات المطلوية، واستكمال اكتتاب الاستمارات التي سنّها القانون، تعتمد أساسًا على لائحة المنتخبين في المجالس النيابية والمحلية، (نواب في البرلمان، وأعضاء في المجالس البلدية والولائية)، إذ حددها القانون الانتخابي بـ 600 توقيع من ممثلي المؤسسات الرسمية، وباشتراط أن يكونوا موزعين على مستوى 29 ولاية جزائرية، أو تستند هذه التوقيعات – من الناحية القانونية دائما، على جمع توقيعات الناخبين والتي وجب أن تصل إلى مستوى توقيع 50 ألف ناخب.

كل ما سبق ذكره، يُبرز الصعوبات الكبيرة التي واجهها المترشحون لجميع التوقيعات لأسباب مختلفة؛ ترتبط بعضها للمشاكل التقنية في البلديات واللجان الانتخابية التابعة للسلطة الوطنية للانتخابات، أو لضعف الاستجابة الشعبية نحو الراغبين للترشح وعدم وجود حماس تجاه بعض الأسماء، في هذه المرحلة.

تجربة جديدة

ماعدا الرئيس عبد المجيد تبون، تبرز اللائحة التمهيدية للمترشحين الذين أودعوا ملفاتهم، أنّ جميعهم يخوضون المنافسة الانتخابية الرئاسية لأول مرة، إذ لم يسبق لهم أن خاضوا هذه التجربة السياسية الانتخابات، وبأقل من ذلك، قدم ساحلي نفسه للترشح في 2014، إلا أنه لم يتمكن من جمع التوقيعات آنذاك..

وهذا يفسره البعض، بأنه عملية "تطعيم المشهد الانتخابي بوجوه جديدة"، على الرغم أن ترشح الرئيس تبون وتوفّره على دعم حزام سياسي ومدني واسع، قد يغطّي على هؤلاء، ويحسم الانتخابات لصالحه، هذا بالنّظر إلى مرتكزاته السياسية ومشروعه منذ اعتلاءه سدة الحكم في 2019.

ولكن بالعودة إلى هذا السباق الإحصائي، فإن العامل التقني في خضم هذه الخطوة، وانتهاء الجولة الأولى، هو استكمال العدد وإكمال النصاب الانتخابي، في علاقته بالمنتخبين، إذ ليست من السهل أن تتم العملية دونما " خلفية سياسية" مدعومة من القواعد سواء على مستوى مكونات سياسية من أحزاب، أو من خلال القاعدة الشعبية، وهو ما يفسره المتابعين للشأن السياسي في الجزائر بالعمل السياسي في الميدان، ما يطرح تساؤلات عدة أهمها: هل اشتغلت هذه الأسماء على صورتها في الشارع الجزائري؟ وهل دفعت ثمن ابتعادها عن الساحة السياسية؟ وهل بيئة الممارسة السياسية في الفضاءات المتاحة كان أثر على عملية جميع التوقيعات؟ أسئلة وكثير سواها، يمكن أن تلقى الأجوبة من خلال المنافسة الانتخابية، في صورة الحملة الانتخابية ومدى استجابة المواطن لبرامج المرشحين، إلى غاية يوم الانتخاب.

إجراءات ميدانية

خلال 40 يومًا من عملية جمع التوقيعات وتحضير الملف بحسب الشروط الترشح، حاولت العديد من الوجوه الاستفادة من مواقعها السياسية في الولايات من أجل جمع الاستمارات، وهي عملية كانت صعبة بالنسبة للبعض، وخلال هذه المدة، فتحت السلطة المستقلة للانتخابات خلايا المصادقة على استمارات اكتتاب التوقيعات الفردية.

وبداية من يوم غد الجمعة، يبدأ عمل غربلة المترشحين ودراسة ملفاتهم، وفحص مدى استجابتهم للشروط القانونية للترشح، والمضي إلى السرعة القصوى للإفراج عن الأسماء التي تمكنت من جمع التوقيعات، التثبت في مدى صحة الملفات، التي يمكن لها أن تخوض المغامرة الانتخابية بعد القرار النهائي للمحكمة الدستورية، غير القابل للطعن.

تبرز اللائحة التمهيدية للمترشحين الذين أودعوا ملفاتهم، أنّ جميعهم يخوضون المنافسة الانتخابية الرئاسية لأول مرة

وكحدّ أقصى وفي غضون سبعة أيام، تبلّغ سلطة الانتخابات المعنيين بالترشح بالموافقة أو الرفض وتسلم بعد ذلك القائمة إلى المحكمة الدستورية، حيث يمكن لأي مترشح رفض ملف ترشحه، تقديم طعن لدى المحكمة الدستورية، التي تتولى دراسة ذلك، تحسبًا لانطلاق جولة ثانية من التقييم من قبل الهيئة الرسمية لدراسة ملفات المتقدمين للترشّح لأعلى منصب في الدولة. ثم بدورها تعلن عن القائمة النهائية الرسمية التي ستخوض الانتخابات في غضون 7 أيام أيضا، أي قبل الثالث آب/ أغسطس المقبل.