07-سبتمبر-2024
(الصورة: فيسبوك) مرشحو الرئاسيات الجزائرية 2024

(الصورة: فيسبوك) مرشحو الرئاسيات الجزائرية 2024

منذ أكثر من أربعة أشهر، عرفت الساحة السياسية الدخول إلى مرحلة المسار الانتخابي منذ حزيران/ جوان الماضي بنوعٍ من الحيوية على المستوى السياسي-التقني، وذلك بانطلاق التجربة الأولى في علاقة بمحطة جمع التوقيعات وتقديم ملفّات المرشّحين للسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات.

شهدت هذه الفترة بعض الصعوبات لجميع الرّاغبين في الترشّح للرئاسيات، ومنها فترة البحث عن إيفاء الإجراءات القانونية

شهدت هذه الفترة بعض الصعوبات لجميع الرّاغبين في الترشّح للرئاسيات، ومنها فترة البحث عن إيفاء الإجراءات القانونية،  وفعلًا تقدم 16 راغبًا في الترشّح للانتخابات بملفاتهم للسّلطة، التي بدورها درستها جيدا، لتُبقي على ثلاثة فقط من الملفات التي استوفت الشّروط القانونية، وأُحِيلت الملفّات بعد ذلك للنّظر والدراسة والمراجعة من قِبَل المحكمة الدستورية.

غير أنّ رّاغبين في الترشّح لمنصب الرئيس أقدموا على الطعن في قرارات المحكمة على غرار سيدة الأعمال، سعيدة نغزة ورئيس حزب التحالف الجمهوري، بلقاسم ساحلي، إلا أن تلك الخطوة لم تأتِ بنتيجة، بل أكثر من ذلك، أحيلت القضية في سياق شراء التوقيعات، وأدخلها إلى رواق القضاء في إطار "الفساد الانتخابي".

من منطلق أنّ السياسة لا تتجاوب مع المنطِق، فالمعادلة الحسابية والمقارنات يمكنها أن تُعطي مؤشرات وتوقّعات عامة، فتجربة كل من مرشّح جبهة القوى الاشتراكية (الأفافاس)، يوسف أوشيش، ومرشّح حركة مجتمع السلم (حمس)، عبد العالي حساني شريف، هي الأولى من نوعها لكليهما، بينما يتفوّق تبون بنقاط كثيرة، لعلاقته بمراكز السلطة.

أوشيش.. المُغامرة بعد 25 سنة مقاطعة

أعطى مرشّح جبهة القوى الاشتراكية (الأفافاس)، يوسف أوشيش (41 سنة)، صبغة خاصّة لهذه الانتخابات من دافع قوة؛ بداية من كونه شاب يخوض المنافسة كأول أصغر مرشح في الانتخابات الرئاسية في الجزائر منذ عهد التعددية (1990).

هذا المعطى انعكس على المرشح؛ إذ يُكّرس المطلب المرتبط بتمثيل الشباب في العمل السياسي والمشاركة في الانتخابات وحتى لمنصب رفيع جدًا، برسم الرئاسة، فضلًا عن انخراط الشباب في العمل السياسي، هذا من جهة.

كذلك، يستند مرشح "الأفافاس" إلى حزب تاريخي لديه رصيد محترم في الساحة السياسية، بالرغم من تمركزه لسنوات في تيار المعارضة، إلا أنّ ذلك الرصيد يخدم أوشيش من عدة نواحي، أهمها استناده للخطاب الثابت في علاقة بالحريات والمسألة الديمقراطية، وخطاب "التغيير الممكن"، كما قال.

ودخل أوشيش، الحملة الانتخابية من بوابة رصيد انخراطه في الفعل السياسي تحت غطاء الأفافاس منذ 22 سنة.

ويتّضح جليًا أنّ طموح مرشح جبهة القوى الاشتراكية،  يرمي إلى التوسّع في كامل الولايات وضخّ دم جديد لحزب قاطع الرئاسيات لمدة 25 سنة، ولا يحوز تمثيلًا في الغرفة السفلى في البرلمان الحالي.

لكن ما يعوز مرشّح جبهة القوى الاشتراكية، نقص عامل الخبرة في الإدارة، فضلا عن تداعيات تلك المقاطعة، والتي أدّت إلى " ضعف تواجد الحزب جغرافيا" ما يفيد بضرورة العمل على إعادة التأسيس لهيكلة الحزب لاحقاً.

وبعبارة أخرى، فإنّ سياسات المقاطعة التي انتهجتها الجبهة، أدّت إلى غيابها عن الساحة والوصول إلى المتلقّي رغم أنّ حملته الانتخابية كان لها صدى لدى الكثير من الأوساط -حسب مداومته خلال الحملة-.

حساني.. من قيادي إلى رئيس حركة فمرشّح رئاسيات

كرئيس حركة بحجم مجتمع السلم (كبرى الأحزاب الإسلامية)، دخل عبد العالي حساني شريف (58 سنة)، مباشرة في غمار الانتخابات الرئاسية 2024، بمغامرة جديرة بالانتباه، دُون أن يأخُذ وقتًا ليشكّل صوتًا وصورة لواجهته السياسية لخوض المنافسة الرئاسية.

ومن دون أن يُشكِّل رصيدًا في القيادة، إذ استلم عهدته في رئاسة الحركة في آذار/ مارس 2023، ثم يُفصل بعد ذلك لترشيحه للرئاسيات في أيار/ ماي 2024.

يستنِد مرشّح حمس إلى قوة التنظيم السياسي الذي ينتمي إليه، الذي يعود إلى أكثر من ثلاثة عقود من الزمن على اعتبار تجربة الحركة السياسية في الميدان ترجع إلى سنة 1990، وهو مرتكز قوة بالنسبة لحساني، إذ يعتمد على صفّ مهم من رجالات الدولة من وزراء سابقين نحو (الهامشي جعبوب، عبد القادر سماري، وأبو جرة سلطاني وإطارات أخرى.

وبالإضافة إلى هذه النقطة، يرتكِز حساني على كتلة برمانية قوية (المجلس الشعبي الوطني-الغرفة السفلى)، إذ قدّمت أداءً جيّداً على المستوى الأُفقي برسم فترة التشريعيات التاسعة، بـ 65 نائباً، وعلى المستوى العمُودي من خلال خدمة المواطن في الولايات، فللحركة مداومات نيابية مفتوحة على المستوى المحلي، ما جعلها تهتمّ بانشغالات المواطنين وتقريبهم من مركز القرارات، واستقطابهم في الآن نفسه.

هذه المعطيات الأخيرة، يُمكن أن تفسّر إلى حدّ ما حجم التجمّعات الشعبية لمرشّح حمس الذي كان لافتًا خلال الحملة.

ومما لا يمكن إغفاله في المناسبات الانتخابية، أنّ الرصيد التاريخي للحزب يخدم المرشحين على العموم، من ناحية، كما يخدم المناسبة الانتخابية فيما يتعلق بالمشاركة والإقبال الانتخابي، من ناحية أخرى.

كما يُهيئ-حسبه- الأجواء للحركة بأن تخوض الاستحقاقات السياسية القادمة بنوع من "الأريحية" في علاقتها بجسّ نبض الشارع منذ الحراك الشعبي (شباط/فيفري 2019)، وفي خضم الاستحقاقات التشريعية والمحلية في الفترة الماضية.

تبون.. خبرة بمكاسب مُسبقة

في العام 1974، تقلد عبد المجيد تبون منصب أمين عام ولاية الجلفة، وهو ما يعني أن المرشح الحرّ قضى ما يقارب 50 سنة في دواليب الإدارة وتدرّج بين مناصبها إلى اعتلاءه سدة الحكم في 2019، ليكون رئيسًا للجمهورية.

يرتكز تبون على ثلاث أرصدة: التجربة والخبرة والمُنجزات، وهي نقاط تُعطيه مكاسب مسبقة على المنافسين الآخرين، وذلك بالنّظر لسيرته المهنية، فهو تداول على عدة مناصب منها كوالي، ثم وزير ثم رئيس وزراء فرئيس جمهورية، وهي مناصب أكسبته التفرّد والخبرة في تسيير الشأن العام للبلاد.

كما تقدّم المرشح الحرّ لرئاسيات 2024، من محصّلة العُهدة الأولى من حُكمه (2019-2024)، التي تحقّقت فيها عدّة منجزات، خاصة في علاقة بملف مكافحة الفساد واسترجاع الأموال المنهوبة والمؤسسات والمصانع وإعادة تشغيلها، فضلاً عن إقرار بعض القرارات الفِئوية التي استفادت من زيادات في الأجور والمنح، والعلاوات، بالإضافة إلى تحسين خدمات النقل والسكن.

راغبون في الترشّح لمنصب الرئيس أقدموا على الطعن في قرارات المحكمة على غرار سيدة الأعمال، سعيدة نغزة ورئيس حزب التحالف الجمهوري، بلقاسم ساحلي،

كما ينطلق تبون من رصيد مواقف عزّزت صورته كقائد سياسي، منها ما تعلّق بالقضية الفلسطينية، ومناكفته مع فرنسا، وتقديم المساعدات لمختلف الدول الشقيقة والصديقة.