30-سبتمبر-2021

أولياء التلاميذ في طوابير الانتظار (فيسبوك/الترا جزائر)

 

تثبت وزارة التربية في الجزائر مرة أخرى إخفاقها في ضمان دخول مدرسي عادي، رغم الوعود التي تطلقها كل سنة، فالطوابير التي تشهده عدة مكتبات في مختلف الولايات، لاقتناء الكتاب المدرسي تعيد التساؤل أين الخلل في قطاع يتحدث عن الرقمية وهو لا يزال غير قادر على التحكم في توزيع وضمان أدنى لوازم التعليم السليم للتلاميذ.

 المؤسسات التربوية تخلت عن بيع الكتاب المدرسي وأسندت المهمة للخواص وهو ما فتح المجال للسمسرة والمضاربة في الأسعار

ورغم أن المقررات الدراسية والكتب لم يتم تغييرها هذا الموسم الدراسي، رغم الوعود السابقة بالتخلص من تركت الوزيرة السابقة نورية بن غبريت وما أحدثته من تخريب في المنظومة التربوية، إلا أن الوزارة لم تستطع توفير الكتاب المدرسي بنقاط بيع كثيرة لتفادي انعكاسات مقاطعة المديرين لعملية بيعه بالمؤسسات التربوية.

اقرأ/ي أيضًا:  المدرسة تعود إلى كتب الجيل الأوّل.. إصلاحات بن غبريط في خبر كان

طوابير طويلة

 تشهد عدة مكتبات وفروع الديوان الوطني للكتاب المدرسي في عدة ولايات اصطفافًا يوميًا للتلاميذ والأولياء منذ الساعات الأولى في طوابير طويلة لليوم لعلها وعسى أن تظفر بكتاب مدرسي، بسبب تخلي المؤسسات التربوية عن بيعه، وإسناد المهام للخواص، وهو ما فتح المجال للسمسرة والمضاربة في الأسعار.

ونقلت وسائل الإعلام المحلية  ومواقع التواصل الاجتماعي شهادات لاستهجان مواطنين قصدوا المكتبات منذ الساعات الأولى للنهار من أجل الظفر بكتبهم لأوليائهم، ومنهم من تنقل من مسافات تزيد عن 20 كلم، بالنظر لعدم توفر نقاط بيع للكتب ببلدياتهم، في وقت كان من الأولى توفيرها بالمدارس الابتدائية والمتوسطات والثانويات التي يدرس بها أبنائهم.

وحذر الأساتذة والأولياء من انعكاس النقص في توفير الكتاب المدرسي على انطلاق الدروس، خاصة لبعض المواد التي لا يمكن الاستغناء فيها عن هذه الوسيلة الضرورية للتعليم، في ظل فشل الوزارة في توفير اللوحات الرقمية لجميع التلاميذ، واقتصارها على مؤسسات نموذجية.

ووجد التلاميذ أنفسهم مجبرين على اقتناء الكتب المدرسية من المكتبات والانتظار في طوابير لا تنهي، أو شراءها بسعر أعلى إلكترونيًا عبر تطبيق إحدى المؤسسات الإلكترونية المختصة في البيع عبر النترنيت التي منحتها وزارة التربية لأول مرة بيع الكتاب المدرسي، لكن ذلك يتطلب دفع 150 دينار إضافية للطلب الواحد، وهو ما لا يستهوي معظم العائلات خاصة ذات الدخل الضعيف، بالنظر إلى أن تكاليف ارتفاع الأسعار في مختلف المجالات وفاتورة الدخول المدرسي أثقلت كاهلها.

مقاطعة

ليست المرة الأولى التي يواجه فيها التلاميذ صعوبة في الحصول على الكتاب المدرسي، رغم حديث الحكومة سنويا عن طباعة ملايين النسخ، إلا أنها المرة الأولى الذي تعرف فيه عملية التوزيع هذه المشاكل التي تسببت في حدوث طوابير طويلة ذكرت الجزائريين بطوابير الحصول على كيس الحليب الذي تعرفه المدن الكبرى.

وكان هذا المشكل منتظرا بعد أن أعلنت النقابة الوطنية لمديري المدارس الابتدائية في شهر نيسان أفريل الماضي مقاطعة عملية بيع الكتاب المدرسي للسنة الدراسية 2021/2022، بالنظر إلى أن مدير المدرسة الابتدائية لا يحوز صفة الأمر بالصرف، ولا يملك أية حماية قانونية له ولا للأموال المحصلة من عملية البيع.

وتقول النقابة إن عملتي بيع وتوزيع للكتاب المدرسي مسؤولية الديوان الوطني للمطبوعات المدرسية، وفقا لما تنص عليه المراسيم والتشريعات سيما القرار رقم 38 المؤرخ في 26/11/2009، والذي يمنح الديوان احتكار تسويق الكتاب المدرسي.

وبالنسبة للطورين المتوسط والثانوي، فقد سار موظفو المصالح الاقتصادية على المنحى ذاته الذي قرره المديرون بعد أن تجاهلت الوزارة مطالبهم المتعلقة بإقرار منحة بيع الكتاب المدرسي التي يطالبون بها منذ سنوات، لكن دون أن يلقى انشغالهم استجابة من الوزارة الوصية، ما جعلهم هذا الموسم الدراسي يتوقفون عن أداء العمل الذي كانوا يقومون به دون مقابل لعدة سنوات.

دون نتيجة

في 25 سبتمبر أيلول الجاري، ترأس وزير التربية الوطنية عبد الحكيم بلعابد أشغال ندوة وطنية حضرها إطارات من الإدارة المركزية ومديرو التربية للولايات رفقة رؤساء المصالح، للوقوف على المعطيات الميدانية المرتبطة بالدخول المدرسي الجديد، أشار إلى الجهود المبذولة لتنويع مصادر اقتناء الكتاب المدرسي.

وشدد بلعابد على ضرورة تفعيل كل الآليات الكفيلة بضمان حق التلميذ في الحصول عليه، غير أنه بعد نحو 10 أيام من بداية السنة الدراسية الجديدة يتضح أن وعود الوزارة في ضمان هذا الحق لأكثر من 10 ملايين تلميذ يبقى غير مكرس في عدة بلديات من الوطن.

وقال المدير العام للمطبوعات المدرسية محمود يخلف في مقابلة مع صحيفة "الشروق اليومي" إن مصالحه طبعت 54 مليون كتاب مدرسي في جميع المستويات التعليمية، إضافة إلى استغلال مخزون الكتب المسترجعة بعنوان الموسم الدراسي الفارط 2020/2021، والمقدر بـ 26 مليون كتاب، ليصل إجمالي الكتب لهذه السنة 80 مليون كتاب مدرسي، إضافة إلى طبع 38 ألف كتاب بتقنية "البراي" موجه لتلبية احتياجات 2400 مكفوف متمدرس.

تزيد هذه الأرقام في ورطة وزارة التربية، كونها عجزت في توزيع هذه الكميات الكبيرة بشكل سلس وعادل 

وتزيد هذه الأرقام في ورطة وزارة التربية، كونها عجزت في توزيع هذه الكميات الكبيرة بشكل سلس وعادل على جميع الولايات والمؤسسات التربوية، بالنظر إلى أن بعض المناطق والمدارس لم تشهد مشكلة في التوزيع، لذلك على الوصاية المسارعة في معالجة هذه المشكل، وأولاها تلبية مطالب المديرين وموظفي المصالح الاقتصادية لأن التجربة أثبتت أنهم الأفضل للقيام بهذه العملية.