13-أغسطس-2024
عبد القادر بن قرينة، رئيس حركة البناء الوطني (الصورة: الترا جزائر)

عبد القادر بن قرينة، رئيس حركة البناء الوطني (الصورة: الترا جزائر)

يكشف السياسي والوزير الأسبق ورئيس حركة البناء الوطني عبد القادر بن قرينة في حوار مع "الترا جزائر" عن المترشح الأقرب للفوز برئاسيات الجزائر المقبلة والسبب الذي يجعله يعتقد ذلك، ورأيه في قضية شراء التوقيعات وإدانة المتورّطين، كما يعود في هذه المقابلة إلى فترة توليه الوزارة خلال حكم الرئيسين السابقين اليمين زروال والراحل عبد العزيز بوتفليقة وهل سيشارك في الحكومة المقبلة؟، وكيف تتابع الحركة ما يحدث في الساحل؟ ورأي الحزب في الموقف الفرنسي بخصوص قضية الصحراء.

 عبد القادر بن قرينة لـ "الترا جزائر": عملت مع الرئيس بوتفليقة لفترة قصيرة جدًّا ثم قدّمت استقالتي لأسباب لا فائدة من ذكرها

السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات أعلنت عن القائمة النهائية للمترشحين المتضمن لـثلاثة مترشحين هم عبد المجيد تبون، يوسف أوشيش وعبد العالي حساني. من تروه الأوفر حظّا للفوز بكرسي الرئاسة؟

الجواب المنتظر منّا طبعًا هو القول إنّ المرشح الأوفر حظًا للفوز هو مرشحنا المواطن عبد المجيد تبون، ولكن المؤهل الحقيقي للإجابة عن هذا السؤال هو الشعب الجزائري الذي عاين خبرة هذا الرجل وعرف كفاءته لهذا المنصب، طبعًا بدون الانتقاص من المتنافسين الآخرين. هناك شبه إجماع على أنه رجل المرحلة وأنه بدون منافس، فالمنطق يقول إنّ شعبية مرشحنا قد توسعت أكثر لذلك سيفوز بأغلبية ساحقة والتنافس الآن هو المرتبة الثانية، ولقد ذكرنا في خطابات وتصريحات سابقة أن المترشح أو "الفارس" الذي تختاره حركة البناء الوطني سيكون هو الناجح بـ "الضربة القاضية".

دائمًا في إطار الانتخابات الرئاسية، مجلس قضاء الجزائر كشف عن تورط  ثلاثة راغبين في الترشح في فضيحة شراء التوقيعات قصد التزكية، كيف تلقى حزبكم هذا الخبر؟

في البداية إذا تأكد وعن طريق أحكام قضائية نهائية، أحب أن أبدي تأسفي لحدوث مثل هذا التجاوزات التي تدخل في وجهة نظري ضمن محاولات إفساد الحياة السياسية في الجزائر ومحاولات تشويه سمعة الفعل الانتخابي، وفي انتظار صدور الأحكام القضائية، أحب كذلك أن أذكر بأننا في حركة البناء الوطني قمنا حتى قبل كشف السيد النائب العام عن تورط بعض المترشحين وبعض المنتخبين في هذه المخالفات، على مستوى حركتنا بإصدار تعليمة استباقية أرسلت إلى كل مكاتبنا الولائية والبلدية وإلى منتخبينا تحذّرهم من مخاطر التورط في مثل هذه السلوكات المناقضة للقانون والمخالفة للأخلاق وللانضباط الحزبي، وحذّرنا في حينها من العواقب الوخيمة للمتورطين سواءً من جهة المتابعات القضائية، أو من جهة القرارات الحزبية الانضباطية، فأي منتخب من الحركة لا قدّر الله إذا ثبت لدينا تورطه في الموضوع فإنه سيفصل فورًا من قوائم النضال.

وعلى العموم فإن إدانة المتورّطين ستعكس عزم الدولة على أخلقة العمل السياسي وستثبت أيضا جاهزية القضاء لحماية مسار بناء الديمقراطية في الجزائر الجديدة التي لا ينبغي التسامح فيها مع أي كان يريد أن يرجعنا إلا ممارسات المال الفاسد لإفساد الفعل الانتخابي وغيره.

وإننا في انتظار التحقيقات وصدور الأحكام القضائية نؤكد على رفضنا المطلق لهذا السلوك المشين والمناقض للقانون، ونثمن عاليًا تطهير الحياة السياسية بالأدوات القانونية والقضائية حتى لا تتلوث بسلوكات كانت محل إدانة مطلقة في الحراك الشعبي الذي لا يريد عودتها.

عبد القادر بن قرينة لـ "الترا جزائر": ترشّحنا في 2019 للرئاسة كان لاستعادة الجمهورية

في رئاسيات 2019، كنتم أحد المترشحين للسباق الرئاسي وتمركزتم ثانيًا، بينما في رئاسيات سبتمبر 2024 أعلنتم مساندتكم المباشرة للمترشح الرئيس الحالي عبد المجيد تبون. لماذا؟ وما سبب هذا التحول في توجهات الحزب؟

لقد ترشحنا 2019 لأهداف كبرى سطرتها هيئات الحركة كان في مقدمتها استعادة الجمهورية وتثبيت المسار الدستوري، والحمد لله أن الشعب الجزائري زكّى مسارنا وخطابنا بقريب من مليون ونصف مليون من الناخبين الشاهدين على سلامة المسار، وهذا الرقم الذي تحصلنا عليه هو رقم "مبارك" لأنه يذكرون بمليون ونصف مليون من الشهداء الذين بفضلهم تحررت الجزائر.

والجميع يدرك أننا بعد فوز رئيس الجمهورية قمنا بالتعاون معه بشرف من أجل الوطن ومصلحته في تجديد المشروع النهضوي للجزائر ضمن مستهدفات بناء الجزائر الجديدة، وقد رأينا بعد دراسة معمقة واستشارات واسعة أن نتيح لهذا الرئيس الفرصة جديدة لاستكمال ما تم التأسيس له، لذلك رشحناه حتى قبل أن يبدي هو رغبته في الترشح واعتبرناه يمثل رجل المرحلة، ولا مجال عندنا في حركة البناء الوطني لأي مغامرة في مثل هذا المنصب.

كما أن الجميع يتفق أن بيئة رئاسيات 2024، لا توجد فيها مخاوف وتهديدات المرحلة الانتقالية فالكل مع الخيار الدستوري، كما أنه لا توجد بها مخاوف المقاطعة السياسية لأنّ الجميع مع خيار المشاركة السياسية، ونحن جزء من الأغلبية الرئاسية داخل البرلمان فموقفنا يأتي في سياق طبيعي.

عبد القادر بن قرينة لـ "الترا جزائر": رئاسيات 2024 لا توجد فيها مخاوف مرحلة انتقالية والكل مع الخيار الدستوري

ما هو تقييمكم للعهدة الرئاسية الأولى للمترشح الحالي عبد المجيد تبون؟

الملاحظة الأولى التي نسجلها على العهدة الرئاسية الأولى للرئيس عبد المجيد تبون أنها بدأت بأزمات عالمية صحية واقتصادية وأمنية لم تكن في الحسبان ولكن بفضل الحكمة والخبرة استطاعت الجزائر بتوجيه من الرئيس أن تقطع أشواطًا كبيرة في إرساء معالم الجزائر الجديدة في عدة مجالات وعلى المستوى الاستقرار المؤسساتي وهيكلة الاقتصاد الوطني والمحافظة على توازناته الكبرى، والاهتمام بالطبقة الوسطى والطبقات الهشة برفع الأجور والمنح المختلفة، وإطلاق مشاريع وانجازات ملموسة وواقعية وبعضها ستظهر ثماره التنموية في العهدة الرئاسية القادمة، وإضافة إلى سياسات الاستدراك على بعض الثغرات التي خلفتها مرحلة الفساد، وعلى الصعيد الخارجي تعزز دور الجزائر أكثر في المنطقة والعالم.

ويمكن القول إنّ العهدة الرئاسية الأولى لعبد المجيد تبون كانت إيجابية في التصدي لتحدّيات أزمة جائحة كورونا والأزمات الاقتصادية والسياسية، وخاصة مقاومة مخططات إعاقة مسار الإصلاح والتجديد الوطني.

راغبتان في الترشح شاركتا في جمع التوقيعات، لكن تم إقصاؤهما لعدم استيفائهما الشروط القانونية بحسب السلطة المستقلة للانتخابات. ما تعليقكم على مشاركتهما وهل كنتم تتوقعون في الحركة أن ينسحبا أو يقصيا؟

أولًا هن ثلاث نساء انسحبت واحدة منهن قبل أيام من دفع الملفات، وربما هناك عدد كثير من النساء الجزائريات كن راغبات في الترشح وليس فقط اثنان أو ثلاثة، وتقديرنا بأن الشعب الجزائري يرى أن منصب رئيس الجمهورية لا يمكن الوصول إليه إلا بتراكم العمل النضالي والتواصل الدائم مع الشعب.

عبد القادر بن قرينة لـ "الترا جزائر": موقف الجزائر من القضية الفلسطينية مشرّف

ونعتقد أن مرحلة جمع التوقيعات هي نتيجة طبيعية لهذا النضال وبعد صدور قرار السلطة المستقلة تبين أنهن لم يوفروا شرط تزكية المواطنين ولا المنتخبين ومعهم عدد ممن أبدوا النية في الترشح من الرجال.

هل تطمحون إلى المشاركة في الحكومة القادمة؟

طموحنا الدائم والكبير هو مصلحة الجزائر، وخيار حركتنا الاستراتيجي هو ما نعبّر عنه في كل خطاباتنا بمبدأ المشاركة الإصلاحية والمعارضة الإيجابية، ومؤتمرنا الأخير وضع أولية تحمل الأعباء الوطنية الذي يجعلنا جاهزين لتحملّ أي عبء وطني سواء كان بالمشاركة في الحكومة أو غيرها من المساهمة في أي عمل يحافظ على المكتسبات الوطن ضمن المرجعية النوفمبرية للدولة ويساهم في خدمة المواطن ورفاه المجتمع من أي موقع نكون فيه بعيدًا عن عقلية المحاصصة في المناصب والحرص على المنافع الحزبية.

لقد تقلدت سابقا منصب وزير في حكومة الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة.. ما هي مآخذك على تلك الفترة؟

لقد عملت كوزير مع الرئيس اليمين زروال أطال الله في عمره، وكانت المناصب آنذاك مغارم ومخاطر وليست مغانم، أما الرئيس بوتفليقة رحمه الله فقد عملت معه فترة قصيرة جدّا ثم قدّمت استقالتي لأسباب لا فائدة من ذكرها، وتلك أيام قد خلت سيحكم عليها التاريخ، ونحن اليوم همّنا الحاضر ونتطلع إلى المستقبل ولا نلتفت كثيرًا إلى الماضي إلاّ بقدر ما نستفيد منه من دروس وعبر، وإذا سمحت لنفسي بتقييم مرحلة بوتفليقة وبكلمة واحدة أقول لك إن طوفانًا بشريًا خرج للشارع ليضع حدًا لسلطانه وأبعاده.

عبد القادر بن قرينة لـ "الترا جزائر": رشّحنا عبد المجيد تبون للرئاسيات لأنه رجل المرحلة

على الصعيد الدولي، ما هي قراءتكم لمواقف الجزائر إزّاء القضية الفلسطينية والوضع المأساوي في غزة؟

قراءتنا لذلك صريحة ومعلنة بأن حركة البناء الوطني حين يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية وسياستي الأّمن والدفاع فإنّ الاصطفاف وراء مؤسسات الدولة يصبح واجبًا سياسيًا وقوميًا، وبخصوص موقف الجزائر من ملف القضية الفلسطينية فهو موقف مشرّف، وكانت عندنا مقولة الراحل هواري بومدين "الجزائر مع فلسطين ظالمة أو مظلومة" وأصبحت لدينا مقولات أخرى مشرفة للرئيس عبد المجيد تبون مثل قوله "فلسطين قضية وطنية" وقوله "لا للهرولة حين التطبيع" وقوله "المقاومة في غزة حق مشروع"، ولم يكتف الأمر بإنتاج المقولات بل كان هناك عمل دبلوماسي في المؤسسات الدولية لا يزال مستمرًا في الضغط على الكيان وحلفائه لإنهاء العدوان، في أروقة مجلس الأمن نعدّه في حركتنا يدخل في مسمى المقاومة الدبلوماسية.

رمال الساحل تتحرك والجزائر تتابع التطورات عن قرب، ما رأي حركة البناء ممّا يحدث في منطقة الساحل؟ وماذا تقترحون على الحكومة الحالية أو القادمة للتصرف حيال هذه القضية؟

صحيح إن منطقة الساحل والصحراء قد أصبحت ساحة تدافع وتنافس لمختلف القوى المؤثرة إقليميًا وعالميًا بأهداف وأجندات مختلفة ومتباينة ومتناقضة في إطار معركة النفوذ والصراع من أجل سرقات الثروة وإرباك السلطة وتناقض مصالح محاور ومشاريع إقليمية ودولية.

والذي نؤكده أنّ الجزائر لها عقيدة في السياسة الخارجية تقوم على احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها الداخلية، ومرافقة دول الساحل والصحراء بالتنمية ووساطة لحل نزاعاتها بالطرق السلمية، وهذه مكتسبات مشرفة للدبلوماسية الجزائرية.

عبد القادر بن قرينة لـ "الترا جزائر": فرنسا تحاول تصدير صراعاتها الداخلية إلى الخارج وتفقد نفوذها تدريجيا في أفريقيا

فرنسا دعّمت موقف المغرب في قضية الصحراء والجزائر اتخذت إجراءات أولى فورية وليست نهائية. برأيكم هل سنشهد مزيدًا من التوتر في العلاقات الجزائرية الفرنسية؟

الذي نعتقده هو أن فرنسا تعاني من صراعات سياسية داخلية، تحاول اليوم تصديرها إلى الخارج، وهي أيضًا تفقد نفوذها تدريجيًا في أفريقيا، وتحاول العودة من أي باب دون مراعاة لموقعها كعضو دائم في مجلس الأمن الدولي الذي يفرض عليها أن تعمل في إطار احترام الشرعية الدولية.