يُحلّل الخبير الأمني والعسكري، أكرم خريف، في حوار مع "الترا جزائر"، المقاربة النوعية والجديدة، التي تنتهجها المقاومة الفلسطينية ضدّ الكيان الصهيوني في غلاف قطاع غزّة، منذ سبت السابع من تشرين الأول/أكتوبر الجاري.
الخبير العسكري استبعد، في الوقت الراهن، مرور الكيان لعملية برية بسبب خسارته لمواقع عسكريّة
ويستشرِف خريف تأثيرات "طوفان الأقصى"، التي أطلقتها "كتائب القسام"، منذ السبت الماضي، ومدى تأثيرها على الوضع الميداني، بما ينعكس على جاهزية المقاومة لخوض غمار الحرب أبعد من حدود المناطق المحتلة والتغلغل إلى داخل الأراضي المحتلة.
عملياتيًا وعسكريًا، كيف يمكن قراءة عملية "طوفان الأقصى"، التي أطلقتها "كتائب القسام" السبت الماضي؟
يمكن القول إنّ "طوفان الأقصى"، عملياتيًا وعسكريًا، كانت احترافية بامتياز، كما أنّه هناك الجانب التحضيري الميداني، الذي امتدّ تقريبًا من سنة إلى سنتين في الشقّ التحضيري.
وثانيًا، الجانب الاستعلاماتي والاستخباراتي، الذي قامت به فصائل المقاومة بشكل دقيق، والذي حدّد بأدق التفاصيل المواقع العسكرية للكيان المحتل، مع دراسة عميقة للدور العملياتي لتلك المواقع العسكرية الإسرائيلية.
كيف جرت عملية الاقتحام؟
العملية جرت عبر مراحل دقيقة ومحسوبة، كشفت عن قوّة تنظيم "كتائب القسام"، فكانت مرحلتها الأولى مباغتة عبر سلاح المدفعية، بعدها الهجوم على الأبراج بواسطة مُسيّرات تحمل متفجرات.
كما رافقت الهجومات تفجير مراكز الأسلاك الهوائية، وقطع وتشويش شبكة الاتصالات بشكل كامل، لقطع أي تواصل محتمل بين عناصر الكيان.
ومنها عزل المواقع العسكرية الإسرائيلية بشكل كامل في غضون دقائق، هنا، تمكنت الفرقة الهندسية التابعة للكتائب من تحطيم الجدار العازل واقتحام الثكنات والمواقع المجاورة لمدينة غزة، باستعمال الدراجات النارية، تَلاها رتل من السيارات رباعية الدفع كسندٍ لوجستيكي وعسكري.
وكُلّفت الفرقة الأولى بالقتال والمواجهة النارية، والدفعات أخرى باختطاف الجنود، ومن كلّ هذا، العملية كانت ناجحة وتؤشر إلى التحضير النفسي والمادي والتنظيمي النوعي والقوي.
ما هي انعكاسات عملية "طوفان الأقصى" على نفسية الكيان المحتل؟
هو انهيار تام لمعنويات المنظومة العسكرية الإسرائيلية، تَوغل "كتائب القسام" امتد لأكثر من 40 كلم داخل الأراضي المحتلة (غلاف غزة)، انهارت فيه القدرات العسكرية الإسرائيلية، واتضح أنّ الكيان لا يملك القدرة على الدفاع عن النفس أو التحكم في العتاد العسكري المتطور، زيادة إلى ذلك مقاتلي "كتائب القسام" مُطّلِعون بشكل جيّد على نفسية الجندي الإسرائيلي المهزوزة.
أمّا استخباراتيًا فيمكن القول إنّ ذلك انهيار لأسطورة "شاباك"، التي أخفقت في الاستعلام بعملية كبيرة بحجم "طوفان الأقصى".
هل تتوقع توسع دائرة المواجهة بين فصائل المقاومة والاحتلال الصهيوني؟
من الصعب التكهن بتوسع دائرة المواجهة، ربما سيكون هناك فتح جبهة مع حدود لبنان، وتدخُّل فصائل لحزب الله، مع توترات على جبهة الجولان.
لماذا يتردد الكيان في شنّ عملية برية داخل قطاع غزة؟
أولًا هناك صعوبة في استعادة واسترجاع الأراضي والمواقع التي اقتحمتها "كتائب القسام"، لابد من وقت لاستعادة وتقييم الخسائر وتعويض المواقع العسكرية.
ثانيًا؛ عملية "طوفان الأقصى" أبانت عن قدرة الفصائل الفلسطينية في اسقاط وتحييد الطائرات المروحية. والمعروف أنّ هذه الطائرات سندٌ رئيسي في أي توغل على الأراضي.
خريف: "كتائب القسام" ترمي من خلال نقل حربها ضدّ الكيان إلى محور غلاف غزة لإستراتيجية جديدة بأهداف محلية وإقليمية
وهنا أعتقد بأنّ الكيان يحتاج إلى فترة طويلة لاستعادة الأنفس والمرور إلى "الضربة القوية"، لهذا حاليًا يقتصر الهجوم على ضربات جوية عالية الارتفاع.
ربما ستكون هناك مداهمات لجيوب المقاومة، لكن هذا صعب في ظل حالة الاستنفار عند مقاتلي الكتائب الفلسطينية.
هل تحاول المقاومة الفلسطينية استدراج العدو إلى داخل غزة؟
لا أعتقد ذلك، لو أرادت "كتائب القسام" استدراج العدو إلى داخل غزة، لشنت هجومًا محدودًا مكانيًا واختطفت عددًا محددًا من المستوطنين، وهذا قصد استفزاز قوات المحتل واستدراجها، لكن العملية النوعية سيطرت على كامل غلاف غزة وهذا سابقة في تاريخ المقاومة.
وبشأن نقل المعركة إلى محور غلاف غزة هو إستراتيجية جديدة اعتمدتها حركة حماس، من أجل أهداف محلية وإقليمية مدروسة.
كيف تقرأ ردة الفعل الهمجية للعدوان الصهيوني، التي طالت ضحايا من أطفال ونساء؟
ردّ الفعل الإسرائيلي يُعبّر عن العقيدة العنصرية الصهيونية، والمتمثلة في الانتقام العشوائي واستهداف المدنيين من الأطفال والنساء، بَحثًا عن استعادة الكرامة المفقودة.
أما من الناحية العسكرية، فيمكننا وصف ذلك (الرد) بعدم القدرة على السيطرة، وفشل كامل للمنظومة السياسية والأمنية والعسكرية الإسرائيلية.
