كشفت عدّة صحف ومنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، عن تزايد نسبة العنف المنزلي تجاه الأطفال بشكلٍ كبير، تزامنًا مع انتشار وباء كورونا، وما ترتّب عنه إجراءات شملت غلق للمدارس والالتزام بالحجر المنزلي.
ڨهار صبرينة: الحجر الصحّي ليس عطلة مدرسية
في حوار مع "الترا جزائر"، دقّت الباحثة في علم النفس العيادي ورئيسة المجلس العلمي لمرصد حقوق الأطفال، ڨهار صبرينة، ناقوس الخطر حول تصاعد هذا العنف ضدّ الاطفال، وهي تتحدّث عن أسباب هذه الظاهرة في ظل أزمة كورونا، مُحاوِلةً الوصول إلى الحلول المناسبة، وطرح سبل الحماية.
اقرأ/ي أيضًا: حوار | الفنان حكيم دكار: هذا الوباء هو الوجه الجديد للشرّ
ماهي انعكاسات أزمة كورونا على الأطفال والمراهقين؟
كلّنا ندرك أن الطفل يمتلك طاقة هائلة، تظهر على مستوى سلوكه ونشاطه، ويحتاج الطفل إلى الحركة والنشاط والتنقل بشكلٍ مستمرٍّ، وهو بحاجة إلى الفضاءات المفتوحة ومساحات لعبٍ، وتفريغ طاقته، وبالتالي فإن إجراء الحجر المنزلي جراء أزمة كورونا، يجعل الطفل غير قادر على استيعاب ما الهدف منها، وما هي غايتها، فهي وضع وتجربة جديدة عليه لم يعيشها من قبل. ينظر إليها أنها حرمان من المدرسة والتسلية والترفيه، ويستمرّ في طرح أسئلة كثيرة تمتد إلى نمو شخصيته.
أمّا المراهقون، فالوضع يختلف تمامًا، فالشاب خلال فترة المراهقة، يستثمر في الأصدقاء والأقران، ويربط علاقات اجتماعية في النوادي الرياضية أو المدرسية، أو في المناطق السكانية، وعليه إجراءات الحجر الصحي هي بمثابة تقييد لحرّيته ونمط حياته، وقطع لشبكات التواصلية التي تربطه مع الآخرين، ويمكن القول إن الحجر الصحي يضاعف من متاعب المراهقين النفسية والحياتية، ويزيد من متاعب الوسط العائلي والأسري.
كيف يمكن التأقلم مع تعليق السنة الدراسية؟
المؤكّد أن أزمة كورونا تهدّد التعليم بأزمة خطيرة وطويلة، لكن هناك مغالطة على مستوى الخطاب الإعلامي، الذي يعتبر هذه الأزمة عطلة مدرسية، وبالتالي على الأولياء والتلاميذ إدراك أن التعليق الدراسي ما هو إلا حالة استثنائية، يجب التعامل والتكييف معها، عبر التحضير النفسي والذهني للطفل، وعدم تركه يستسلمُ للكسل والنوم، وينصح بتهيئة البيت على إيقاع المدرسة. ورغم الظروف والصعوبات لابدّ من وضع استراتيجية ومخططٍ يوميٍّ، يفرض على الطفل تتبّعه والالتزام به، علمًا أن توفر التعليم عن بعد، والدروس على يوتيوب، عوامل تساعد الأولياء والتلاميذ على التمدرس بشكلٍ طبيعيٍّ.
يتجه الأطفال نحو شبكة الإنترنت كمخرج من ضيق الحجر المنزلي، ما رأيك؟
تجد الإشارة، أنه في ظلّ الحجر المنزلي، أصباح الفضاء الترفيهي الوحيد المتوفرة بالنسبة إلى الطفل، موجود في الفضاء الإلكتروني، وطالما نصحنا الأولياء بإبعاد الأطفال عن شبكة الإنترنت، خوفًا من الإدمان على مواقع الألعاب، سواءً المتاحة في البيت أو "أونلاين،" لكن نظرًا إلى وضعية الحجر الصحي وتعليق المدرسة، يحتاج الطفل إلى ممارسة الترفيه والتسلية الافتراضية، شرط أن يلعب الأولياء أدوارًا تشاركية ورقابية، على غرار اختيار نوعية الألعاب، وتحميل بعض البرامج التثقيفية، ونشاطات التنمية الفكرية والنقدية، إضافة الى مساهمة الوسط العائلي في ترقية قدرات الطفل، عبر المشاركة في مسابقات جماعية عبر شبكة الإنترنت، بدل ما يترك وحيدًا.
أما محاولة قطع الإنترنت عن الطفل نهائيًا، فقد يمكن أن تكون هناك انعكاسات سلبية على تنميته الفكرية وقدراته التحليلية، لذلك نقول لأولياء مشاركة الأبناء ومراقبتهم أفضل من الحرمان.
نشهد تفشّي ظاهرة العنف ضدّ الاطفال، في رأيك هل هذا بسبب الحجر الصحي؟
لابدّ من الإشارة أن ظاهرة العنف ضدّ الأطفال، كانت دائمًا موجودة في الوسط العائلي والأسري، حيث لا يُمكن أن نجزم أن الحجر المنزلي هو المتسبّب بدرجة الأولى عن العنف ضدّ الأطفال.
لكن يمكن القول، إن الابتعاد الجسدي والمادي بين الطفل والعائلة، خلال فترة التمدرس، كان يقلّل من التصرفات العنيفة لبعض الأولياء، فوجود الطفل الدائم في البيت في مساحة مغلقة وضيّقة لفترات طويلة، يسبب في ارتفاع الضغط العصبي، ما يولد سلوكات عنيفة تجاه الطفل، علمًا أن الطفل بحاجة إلى الاهتمام والرعاية العائلية، وهي الوضعية التي تُجهد كثيرًا الأولياء، وينتج عنها سوء المعاملة وتصرفات عنيفة بقصد أو دون قصد تجاه الاطفال.
تجدر الإشارة أيضًا، إلى أن وصول عدّة إخطارات للهيئة الوطنية للحماية الطفولة، كشفت عن تزايد حالات الاعتداء على الاطفال خلال فترة الحجر الصحّي، لهذا لا بدّ من التنبيه ودق نقوس الخطر.
ما هي آليات حماية الأطفال من العنف الأسري؟
حماية الطفولة هي مسؤولية جماعية مشتركة، تقع على عاتق كل مواطن وقف عن حالة اعتداء ممارس على الطفل؛ سواءً كان جسديًا أو معنويًا، وقانون حماية الطفولة، يحمي هوية كل من يعلن ويخبر عن حالات العنف العائلي.
ڨهار صبرينة: لا يُمكن أن نجزم أن الحجر المنزلي هو المتسبّب في العنف ضد الأطفال
زيادة على وجود قانون ردعي ووقائي لحماية الطفولة، وفرت السلطات رقم(11-11)، وهو رقمٌ مجانيٌّ يمكن الاتصال به عبر جميع متعاملي الهاتف النقال، إضافة إلى ضرورة تكثيف العمل التحسيسي والتوعوي، الذي تقوم به مختلف الهيئات والجمعيات المدنية للحدّ من ظاهرة العنف ضدّ الأطفال.
اقرأ/ي أيضًا:
كورونا "تؤسّس" لمشهد ثقافي افتراضي في الجزائر
عروضٌ افتراضية.. هل يملك الفنّ القدرة على كسر الحجر؟