10-يوليو-2024
استقبال شعبي

الرئيس عبد المجيد تبون (صورة: فيسبوك)

منذ وصوله للرئيس للحكم سنة 2019، انتظر الرئيس عبد المجيد تبون نحو 3 سنوات ليبدأ أول زيارة له داخل الوطن، اختار أن تكون في وهران عاصمة الغرب الجزائري، وهو اليوم يختم عهدته بولاية تيزي وزو قبل إعلان ترشحه رسميا لعهدة ثانية.

الرئيس تبون تعرّض لانتقادات في بداية حكمه بسبب عدم زيارته للولايات

في بداية حكمه، انشغل تبون بالمسائل التشريعية والمؤسساتية، حيث أطلق ورشة تعديل الدستور ومشاريع قوانين اقتصادية أبرزها قانون الاستثمار، كما كان الانشغال منصبا على كيفية تجاوز تعقيدات مرحلة الحراك الشعبي، وما فرضته من ضغط كبير على السلطة. بيد أن غياب تواصل الرئيس تبون الميداني في بدايات فترته، طرح عدة تساؤلات وعلامات استفهام، جعلت عددا من السياسيين ينتقدون أسلوبه في الحكم واقتصاره فقط على الظهور التلفزيوني المكثف.

وتحدث البعض عن وجود أسباب سياسية في الواقع، كانت تحول دون إتمام هذه الخرجات الميدانية، فالزيارات الرئاسية في العرف الجزائري تأتي إما لتدشين مشاريع كبيرة أو إطلاق أخرى في الولايات، بينما لم يتوفر للرئيس في سنوات رئاسته الأولى هذه الإمكانية، بسبب سياسة التقشف التي عطلت من مشاريع التنمية المحلية جراء الأزمة المالية التي عاشتها الجزائر بعد انخفاض أسعار البترول منذ سنة 2014.

 إلى جانب ذلك، زادت أزمة الجائحة الصحية التي عرفها العالم والتي تزامنت مع وصول تبون للحكم، من تعقيدات نشاطه الميداني، فقد فرض على الجزائريين حجر صحي صارم، توقفت معه تماما النشاطات والمهرجانات في كل المناطق. ونال الرئيسَ نفسه المرضُ في تلك الفترة، ما أخضعه لفترة علاج طويلة في ألمانيا ثم فترة نقاهة، منعته حتى من القيام بحملة انتخابية لصالح الدستور الجديد الذي طرحه على الجزائريين للاستفتاء في تشرين الثاني/نوفمبر 2020.

أول زيارة

ولكسر هذا الجمود، وقع اختيار الرئيس على حدث خاص ذي بعد دولي "افتتاح الألعاب المتوسطية"، ليدشن به زياراته الرئاسية للولايات. وهكذا، جاءت أول زيارة لوهران التي احتضنت الألعاب، في 22 حزيران/جوان 2022، حيث قام تبون بتدشين القرية الأولمبية وزيارة منشآت لشركة سوناطراك وتدشين عدة مشاريع، وأدلى من هناك بعدة تصريحات، كان هدفها بعث الأمل من جديد بعد تحسن مداخيل النفط.

وبعد أكثر من عام عن ذلك الحدث، عاودت الزيارات الميدانية الظهور في أجندة الرئيس بمناسبة ذكرى الاستقلال سنة 2023، بتفقد ولايات الجزائر العاصمة تيبازة وبومرداس دفعة واحدة، شمال وسط البلاد، مع التركيز على تدشين محطات تحلية المياه التي تمثل أبرز مشاريع عهدته الرئاسية. بالإضافة إلى إعلان افتتاح مستشفة الحروق الكبرى المتخصصة بالعاصمة ووضع حجر الأساس لإنشاء المدينة الإعلامية بالجزائر.

وتبع ذلك بأسابيع، في تشرين الأول/أكتوبر 2023، قيام الرئيس بزيارة لولاية الجلفة، دشن فيها الخط الحيوي للسكك الحديدية بين بوغزول والجلفة الرابط بين عدة ولايات، وهو المشروع الذي يدخل في إطار برنامج السكة الحديدية شمال جنوب، والذي كان تبون قد تعهد في حملته الانتخابية بإتمامه إلى غاية ولاية تمنراست في أقصى الجنوب الجزائري.

أبعاد تنموية وسياسية

وفي نهاية تشرين الثاني/نوفمبر من نفس العام، حل الرئيس، بولاية تندوف في أقصى الجنوب الغربي في زيارة بأبعاد سياسية وجيواستراتيجية في هذه الولاية الحدودية، تفقد فيها موقع غارا جبيلات الذي يتوفر على احتياطي بحوالي 3.5 مليار طن من الحديد، ووضع حجر الأساس لمشروع إنجاز مصنع المعالجة الأولية لخام الحديد وإنشاء سكة الحديد بين بشار وتندوف لنقل خام الحديد. وعاد الرئيس لنفس الولاية، هذا العام مستقبلا نظيره الموريتاني محمد الغزواني، لوضع حجر الأساس لتدشين طريق تندوف الزويرات وإعلان بدء تنفيذ مشروع المنطقة الحرة بين البلدين.

وفي أيار/مايو الماضي، زار تبون ولاية خنشلة التي وضعها في بداية عهدته كنموذج للتهميش الذي طال بعض الولايات في الفترة السابقة، متعهدا بتدارك ذلك. وسبق ذلك تكليفه مجلس الحكومة بالانعقاد في ولاية خنشلة والخروج من العاصمة، للاقتراب أكثر من المواطنين في الجزائر العميقة.

واليوم تبدو زيارة ولاية تيزي وزو ذات الخصوصية السياسية والثقافية، جامعة لكل الرسائل من وراء الزيارات الرئاسية، فعدا ملف التنمية الذي يعني الحياة اليومية للسكان، تحاول السلطة إزالة الوضع الاستثنائي الذي شهدته الولايات خلال الانتخابات السابقة من خلال المقاطعة الشاملة، بالإضافة إلى تأكيد معاني الوحدة الوطنية ودحر التنظيم الانفصالي الذي يتاجر بمنطقة القبائل بدعم أطراف أجنبية منها "إسرائيل"، وفق ما كشفته التحركات الأخيرة لزعيم هذا التنظيم فرحات مهني.