تسعى حكومة الوزير الأوّل عبد العزيز جرّاد، عبر قانون المالية الجديد لسنة 2021، إلى تنويع الموارد المالية والبحث عن مصادر تمويل الاقتصاد، من خلال إيجاد بدائلَ حديثةٍ، حيث أكد وزير المالية أيمن عبد الرحمان، اللجوء إلى وضع آلياتٍ لسياسية نقدية عصرية تهدف إلى تثمين دور السوق المالية.
دفع العجز في الميزان التجاري الحكومة إلى اللجوء إلى احتياطي الصرف الذي يعرف تراجعًا منذ عدّة أشهر
تتأتّى خطّة وزير المالية، من خلال تنشيط بورصة الجزائر وتنويع المنتجاتِ البنكيةِ وتطوير المنظومة المصرفية قصد مرافقة الاستثمار ودعم المؤسّسات الصناعية والخدماتية، حيث وعد الوزير عبد الرحمان، خلال عرضه لقانون المالية2021، بفتح رأس المال البنوك العمومية وفتح بنوك خاصّة جديدة.
اقرأ/ي أيضًا: إعداد بطاقية وطنية للخاضعين للضريبة على الثروة
من جهته، ستعتمد الحكومة على ترشيد النفقات التجهيز، وإعطاء الأولوية للمشاريع الجارية والمتوقّفة، والتركيز على مشاريع استثمارية مهيكلة ذات أهميّة اقتصادية على غرار ميناء الحمدانية ومركّب الزنك ببجاية في الشمال الشرقي للبلاد، ومركّب الفوسفات في شرق البلاد أيضًا، وهي مشاريع ذات قيمة مضافة اقتصادية، ستسمح بخلقِ مناصب عمل وثروة وطنية.
في السياق ذاته، ستُواصل الحكومة وضع آليات لتحسين مناخ الأعمال والاستثمار في البلاد، والتوجّه إلى تكثيف الصادرات خارج المحروقات من خلال اطلاق الشباك الموحد للاستثمار.
عجز الميزان التجاري في الارتفاع
في المقابل، يتوقّع خبراء اقتصاديون أن الموازنة العامة مشرحة للارتفاع هذه السنة، ويعود سبب تعميق العجز نتيجة تراجع في صادرات البترول والغاز كمًا وقيمًا، وهذا بسبب انخفاض الطلب العالمي على المواد النفطية، وتَروح مُعدل سعر البترول لهذه السنة حولي 42 دولارًا للبرميل، علمًا أن إيرادات النفطية تغطي 75 في المائة من الواردات.
ويدفع العجز في الميزان التجاري الحكومة إلى اللجوء إلى احتياطي الصرف، الذي يعرف تراجعًا منذ عدّة أشهر، إذ يتوقع أن يصل إلى 46.84 مليار دولار في 2021.
يجدر التذكير أن العجز في الميزان التجاري للسداسي الأوّل من السنة الجارية يقارب 6 مليار دولار، وفي ظلّ تراجع اسعار المحروقات يبقى مستوى العجز مرتفعًا.
صندوق النقد العالمي
وأمام اشتداد الأزمة الاقتصادية بسبب تداعيات أزمة كورونا، وهشاشة الوضع السياسي، تؤكّد الحكومة على عدم اللجوء إلى الاستدانة الخارجية بدواعي المحافظة على القرار السياسي السيادي، وعدم التنازل عن سياسة الدعم الاجتماعي، علمًا أن 25 في المائة من الميزانية يتّجه نحو دعم المواد واسعة الاستهلاك، و المواد الطاقوية كالبنزين، وسياسة العلاج المجاني، ودعم السكن الاجتماعي.
في مقابل ذلك يقترح صندوق النقد الدولي سنويًا على السلطات الجزائرية جملة من الإصلاحات لتجاوز مخاطر الأزمة الاقتصادية والمالية، والمتمثلة أساسًا في إعادة النظر في السياسية الاجتماعية للدولة، مع تخفيضٍ معتبر للنفقات العمومية وإعادة الهيكلة وتشجيع القطاع الخاص ودعمه.
التحويلات الاجتماعية من المستفيد؟
في سياق الموضوع، تشكّل التحويلات المالية أو سياسة الدعم المالي التي تمثل 17 مليار دولار من الموازنة، إخفاق في الغاية والهدف، ويؤكد كثير من المتتبعين أن سياسية الدعم لم تنعكس بشكل ايجابي وملموس على المواطن، بل يستفيد منها الاغنياء وأصحاب المؤسسات الاقتصادية والتجارية.
وقصد ترشيد الدعم الاجتماعي تعمل الحكومة بمرافقة البنك العالمي على وضع آليات خاصة تسمح باستهداف العائلات والفئات الاجتماعية المعنية بالدعم الاجتماعي.
تراجع قيمة الدينار
ويبلغ سعر صرف الدينار الجزائري مقابل الدولار 142 دينار لسنة 2021، ويتوقّع لجوء البنك المركزي إلى تخفيض مركزي في قيمة العملة الوطنية بنحو خمسة في المائة سنويًا، ليبلغ وفق التوقعات 149 دينار في عام 2022، و156 دينار في سنة 2023.
توقعات متشائمة
تجدر الإشارة إلى أن الحكومة اعتمدت السعر المرجعي لبرميل النفط 40 دولارًا في إطار إعداد قانون المالية لسنة 2021، ويبدي كثير من المحللين تخوّف من انخفاض سعر البترول إلى ما دون 35 دولار في الفترة المقبلة، بسبب تشبع السوق النفطية وانخفاض الطلب العالمي بسبب تداعيات أزمة كورنا، ومن غير المستبعد أن تلجأ الحكومة إلى إعداد قانون مالية تكميلي في السداسي الأول من السنة القادمة.
عرض مناقشة قانون المالية 2021 أمام غرفة البرلمان جرى وسط قاعة شبه فارغة
غرفة البرلمان فراغة
من جهته ورغم أهمية مناقشة قانون المالية لسنة 2021، إلا أن عرض الوزير أمام غرفة البرلمان جرى وسط قاعة شبه فارغة، يُضاف إلى ذلك عدم اهتمام النوّاب بمحتوى القانون، وعلى العموم يعكس حالة اللامبالاة النوب الوضع السياسي في الجزائر ما بعد اقتراع على الدستور الجديد، وغياب الرئيس الجمهورية الذي يتعافى بمستشفى بألمانيا.
اقرأ/ي أيضًا:
بن عبد الرحمان: قانون المالية 2021 يُحارب التهرّب الجبائي وتضخيم الفواتير
جدلٌ جديد حول قانون التقاعد وصندوق إطارات الدول