22-نوفمبر-2021

البرلمان صادق بالأغلبية على قانون المالية (الصورة: البلاد)

 

يُشكّل القانون المالية في البلدان الديمقراطية، محور اهتمام الطبقة السياسية ونُقطة انشغال الأوساط النقابية وأرباب العمل ومختلف الفئات المجتمعية، إذ يُعتبر القانون المالية خارطة الطريق تٌحدد فيه الأولويات الاقتصادية، وتُرسم الخطوط العريضة للسياسة الاجتماعية، وتُسطّر ميزانيات كل القطاعات بحسب الأهمية والأولوية، وقد ينعكس تمرير أيّ قانون مالية ارتدادات اجتماعية وإضرابات نقابية نظرًا إلى ارتباطه بالقدرة الشرائية والمعيشية للمواطن.

رغم إجماع الكتل النيابية على الانعكاسات السلبية لإصلاحات نظام الدعم الاجتماعي إلا أن الغرفة النيابية صادقت على جلّ مواده

في السياق، صوت نواب المجلس الشعبي الوطني الأربعاء الفارط على مشروع قانون المالية لسنة 2022 بالأغلبية الساحقة، وعرفت عملية التصويت قبول ستة مواد جديدة و21 تعديلًا تقدّمت به لجنة المالية والميزانية، وتمكّنت الحكومة من تمرير المواد الأكثر أهمية وانشغالًا على الصعيد الاجتماعي والمتعلقة بـ "إعادة النظر في سياسة الدعم الاجتماعي واستهداف الدعم لمستحقيه".

اقرأ/ي أيضًا: 55 تعديلًا مقترحًا على مشروع قانون المالية 2022

وتُعد المادة التي تثير مخاوف أوساط محدودي الدخل والفئات الاجتماعية الهشة هي الأولى من نوعها في تاريخ الجزائر المستقلة، رغم تطمينات أيمن عبد الرحمان وزير الحكومة وزير المالية على الطابع الاجتماعي للدولة الجزائرية، مؤكدًا أن قانون المالية رَصد قيمة مالية معتبرة قدرت بنحو 14 مليار دولار للتحويلات الاجتماعية.

ورغم إجماع الكتل النيابية على الانعكاسات السلبية لإصلاحات نظام الدعم الاجتماعي إلا أن الغرفة النيابية صادقت على جلّ مواده.

أحزاب المعارضة

في المقابل، أبدت بعض الأحزاب السياسية سواءً الممثلة في البرلمان أو الموجودة خارج قبة زيغود يوسف، مخاوفها من تأثر القدرة الشرائية للمواطن وزيادة الضغوط على الفئات المحرومة والفقيرة بعد رفع الدعم عن عدد من المواد الاستهلاكية ذات الاستهلاك الواسع على غرار مادتي السكر والزيت والقمح.

بدوره اعتبر مختصّون في الشأن الاقتصادي والمالي أن استحداث جهاز لتوجيه الدعم الاجتماعي يحمل تساؤلات واستفسارات، لم توضّح حكومة أيمن عبد الرحمان بشكل كافي ماهي آلياته القانونية والتنظيمية والميزانية، وما هي الفئات المستهدفة و ما هي طبيعة المواد ذات الاستهلاك الواسع، كما لم ترسل الحكومة رسائل طمأنة في هذا الشأن، ما أثار حفيظة الأوساط العمالية والنقابية.

مخطط اقتصادي واضح

وفي هذا الإطار، قال لخضر بن خلاف، القيادي في جبهة العدالة والتنمية، إن قانون المالية لم يحمل تطلعات الفئات المجتمعية، ولا يستجيب إلى التحديات القائمة، مضيفًا في اتصال مع "التر جزائر" أن قانون المالية الحالي ما يزال يعتمد على الجباية البترولية والضرائب العادية في تصريف الأعمال.

وتابع أن القانون لم يَحمل أي رؤية إصلاحية عميقة، تبادر إلى حل الأزمة الاقتصادية، وإيجاد حلول جدية للخروج من الأزمة المالية، وأوضح أن رفع الدعم الاجتماعي يشكّل خطرًا على الجبهة الاجتماعية، الهشة جراء ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائية، مشددًا في الوقت نفسه على ضرورة وضع مخطط اقتصادي يحدد الأهداف ويضع الإمكانيات بدل ضبابية الرؤية.

نواب حمس يصوتون بـ "لا"

من جانبه، قرر نواب حركة مجتمع السلم التصويت بـ "لا" على قانون مشروع المالية 2022، وأرجع أحمد صادوق، رئيس المجموعة النيابية للحركة قرار نواب "حمس"، إلى رفض كل التعديلات التي تقدم بها نواب المجموعة البرلمانية لحركة مجتمع السلم، رغم أنها ارتكزت على حماية الاقتصاد الوطني دون المساس بالقدرة الشرائية.

يوضّ صادوق موقف حزبه، أن التوجه إلى الضغط الضريبي سيؤثر بشكل مباشر على المستوى المعيشي للمواطن الجزائري على غرار الرسم على القيمة المضافة المفروضة على مادة السكر وتزويد العائلات بالماء الصالح للشرب، موضّحًا أن ما جاء في المادة 187 باستحداث جهاز لتوجيه الدعم الاجتماعي يحمل مخاطر في ظل غياب قاعدة معطيات ودون توافق اجتماعي.

هنا، يدعو النائب البرلماني إلى فتح حوار شامل حول هذا التحول الاجتماعي الذي ينهك القدرة الشرائية للجزائريين، إذ لا يوجد، حسبه، انسجام وتناسق بين قانون المالية 2020 مع ما جاء من أهداف في مخطط عمل الحكومة.

مغالطات

في سياق الموضوع، توقع مشروع قانون المالية لعام 2022 نموًا اقتصاديًا في حدود 3.3 في المئة مقابل 3.8 في المئة في موازنة 2021، هنا، يقول زهير رويس، نائب رئيس جيل جديد، إن المؤشّرات الاقتصادية والمالية التي أُعلن عنها لا علاقة لها بأي تحسن هيكلي في قدراتنا الاقتصادية، واصفًا المؤشّرات الاقتصادية والمالية بـ "الخدعة".

يعتقد رويس أن التحسن الدوري يعود إلى ارتفاع أسعار النفط الأخيرة، مضيفًا أن ارتفاع الأسعار لا يعتمد حتى على ارتفاع حجم الإنتاج بل على سعر البرميل، ويستشهد المتحدث بأن "انعكاسات ارتفاع الأسعار ستقلل آليًا العجر في ميزان المدفوعات، ويزداد الفائض في الميزان التجاري، بينما يواصل سعر صرف الدينار في الانهيار وكذا العجز في الموازنة".

سيتم تفعيل صندوق تنظيم الإيرادات من أجل تقليل هذه الاختلالات، مطالبًا إلى معالجة الإصلاحات الأساسية وخلق مناخًا صحيًا لجلب الاستثمارات والأعمال، والابتعاد على الاعتماد على المحروقات وفتح المجال أمام قطاع الخدماتي والطاقات المتجددة.

 العجز في الموازنة للسنة المالية لعام 2022 يقدر بـ 4100 مليار دينار أي ما يعادل 30 مليار دولار

تجدر الإشارة إلى أن العجز في الموازنة للسنة المالية لعام 2022 يقدر بـ 4100 مليار دينار أي ما يعادل 30 مليار دولار، وهو عجز تاريخي، ويحتاج الاقتصاد الوطني إلى إصلاحات هيكلية وتنظيمية والانتقال من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد الصناعي والخدماتي وليست تقليص فاتورة الدعم الاجتماعي من يوفّر القفزة المالية في مقابل زيادة مصاريف أجهزة الدولة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

مشروع قانون المالية 2022.. الدولة تتخلى عن أرباح "سوناطراك" و"سونلغاز"

الوزير الأول يوضّح تفاصيل مشروع منحة البطالة الجديدة