09-أبريل-2023
إحسان القاضي

(الصورة: فيسبوك/ الترا جزائر)

نفت السلطات الجزائرية أية انتهاكات لحقوق الكاتب الصحفي، إحسان القاضي، الذي أدين في 26 آذار/مارس الماضي بالسجن خمس سنوات منها ثلاثة نافذة.

"الترا جزائر" اطلع على وثيقة ردّ السلطة على الهيئة الأممية التي تضمّنت تفسيرًا للتهم وإجراءات المحاكمة

وقالت السلطات الجزائرية، في وثيقة من 5 صفحات اطلع عليها "الترا جزائر" أنّ الصحفي إحسان القاضي "استفاد من محاكمة عادلة "، في القضية التي توبع من أجلها والتي تتضمن تهم "ارتكاب أعمال مخالفة للتشريع وليس بسبب نشاطه كصحفي".

وأفادت في التعقيب الموجه إلى المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، والمقرر الخاص المعني بالحق في التجمع السلمي والمقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في مكافحة الإرهاب، والذي رفع الحجب عنه في نيسان/أفريل الجاري أن المتهم "استفاد خلال فترة إيقافه على ذمة التحقيق من معاملة إنسانية طبقًا للاتفاقيات والمعايير الدولية والحقوق المعترف بها في القانون".

وضمت هذه الحقوق، وفق الوثيقة، الزيارات العائلية مرة كل أسبوعين أسوة بباقي الموقوفين، وبلغت ست زيارات (لغاية شهر آذار/مارس 2023) ومقابلة محاميه (14 محاميًا) 25 مرة والمتابعة المنتظمة من قبل أخصائي نفسي والفحص الطبي الذي يتم بناءً على طلبه أو في سياق الفحص الطبي الدوري.

محاكمة في آجال معقولة

وتعقيبًا على ما جاء في مراسلة المقررين الأمميين الثلاثة بشأن "الانتهاك المحتمل لمعايير المحاكمة العادلة أثناء توقيف إحسان القاضي واحتجازه، بما في ذلك حقه في الاتصال بمحام وحقه في إبلاغه بالتهم الموجهة إليه"، وقالت الحكومة في تعقيبها "إن المحاكمة والتحقيق مع الصحفي إحسان القاضي تم في أقل من شهرين."

واعتبرت ذلك بأنه "فترة زمنية معقولة في التشريع الجزائري وفي تشريعات أخرى مماثلة."

وتحت العنوان "حقوق الدفاع " جاء في رد الحكومة الجزائرية أن المتهم استفاد من أربعة محامين للدفاع عنه بطلب منه ثم ارتفع عدد محاميه إلى 14 محاميًا إضافيًا، ما ينفي، حسبها، المعلومات الواردة في مراسلة المقررين الأمميين،  بأنه حُرم من الحق في توكيل محام له يدافع عن حقوقه.

وذكرت أيضًا أنه كان يوقّع محاضر الجلسات بحضورهم (المحامين) "تتضمن تلك المحاضر أنه أُبلغ بالوقائع والجرائم التي اتهم بارتكابها" مما يثبت –حسبها- "على أن أقوال الشخص المعني تهدف إلى تضليل الرأي العام الوطني والدولية العامة والإضرار بمؤسسات الدولة الجزائرية".

وشددت الحكومة على أن التعامل مع ملف قاضي إحسان تمّ وفقًا لمبدأ أن كل متهم بريء حتى أن تثبت إدانته وأن متابعته تمت بقرار صادر من جهة قضائية مختصة.

وفي السياق ذاته أفادت أنه تم استجواب المتهم بحضور محاميه وأن "إجراءات التحقيق بُنيت على أساس الأدلة وعلى بيّنة البراءة طبقًا للمادة 68 من قانون الإجراءات الجنائية الجزائري."

وعلاوة على ذلك، توضح الوثيقة، التي بحوزة "الترا جزائر" أن القانون "يكفل للمتهم حق الطعن في قرارات قاضي التحقيق تطبيقاً للمادة 172 من قانون الإجراءات الجنائية"، وهو ما تحقق له حسبها.

ونفت ما جاء في المراسلة الأممية بخصوص غياب وضوح النصوص المتعلقة بالإجراءات في القضايا الجنائية، موضحة أن "الجزائر تحرص على ضمان توافق قوانينها الداخلية مع النصوص الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، اعتبارًا من تاريخ المصادقة عليها".

واستدلت في الصدد، بنص المادة 154 من الدستور التي نصت على أن "المعاهدات المصادق عليها من قبل الجزائر لها الأسبقية على القوانين الداخلية"، وكذا المادة 171 التي تنص على أن "القضاة ملزمون بتطبيق المعاهدات الاتفاقيات الدولية المصادق عليها، مما يشهد على الأهمية المعطاة لقضية حقوق الإنسان."

تهمة الأمن القومي

وقالت الوثيقة ذاتها في تبريرها للملاحقات التي استند إليها القضاء في إدانة الصحفي وإغلاق محطته الإذاعية ومنصته الإخبارية "راديو. أم" و"ماغراب إنترفاس" ومصادرة المعدات وفرض غرامة مالية، بأن "التشريع ترك هامش التفسير للقضاة فيما يتعلق بالمفاهيم المستخدمة في قانون العقوبات محدودة، وفقًا لأحكام الدستور والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها الجزائر".

وأضافت هنا أنّ "الصحفي إحسان القاضي لم يحاكم على جريمة ضدّ الأمن القومي"، وأحاطت المقررين الأمميين بملابسات الملف والخطوات التي اتخذت طيلة مسار التحقيق والتي ضمت توقيف المتهم من قبل المصالح الإقليمية للشرطة القضائية (تابعة للأمن الداخلي).

هيئة حقوق الإنسان الأممية اعتبرت أنّ "الإسكات الفعلي لصحافي ناقد" له تأثير سلبي على حرية الصحافة في الجزائر

كما شرحت لهم طبيعة التهم الواردة في ملف الادعاء الذي تمّ على أساسه متابعته ومنها استغلال مقر شركة "إنترفاس ميديا" لتسيير الموقع الإلكتروني غير المرخص "راديو. أم"، الذي يقوم من خلاله، حسبها، بـ"عرض للجمهور منشورات ونشرات من شأنها الإضرار بالمصلحة الوطنية وذلك عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي"، وتهمة "تمويل أجنبي لشركته"، بموجب المادة 95 مكرر من قانون العقوبات الجزائري.

وتتضمن هذه المادة على عقوبة بالسجن من خمس إلى سبع سنوات لـ"كل من يتلقى أموالًا أو هبة أو مزية بأي وسيلة كانت، من دولة أو مؤسسة أو أي هيئة عمومية أو خاصة أو من أي شخص طبيعي أو معنوي، داخل الوطن أو خارجه، قصد القيام بأفعال من شأنها المساس بأمن الدولة أو باستقرار مؤسساتها ".

مراسلة المقررين الأمميين

وكان المقررون الأمميون عبروا في مراسلتهم في 16 كانون الثاني/جانفي الماضي عن انزعاجهم مما وصفوه بـ "الإسكات الفعلي لصحافي ناقد واستهداف إثنين من وسائل الإعلام المستقلة، مما له تأثير سلبي على حرية الصحافة في الجزائر."

وندّدوا وقتها بـ"إساءة استخدام التدابير الأمنية فيما يبدو أنها وسائل غير متناسبة وغير ضرورية، في المقام الأول لمنع التعبير الإعلامي، وبالتالي الحد من مشاركة المجتمع الأوسع في الشؤون السياسية."

ودعا المقررون السلطات الجزائرية إلى تقديم معلومات حول الأسباب القانونية والحقيقية للاعتقال والاحتجاز والتهم الموجهة ضد إحسان القاضي.

وصدرت مطالب عن منظمات حقوقية غير حكومية دولية مطالب للإفراج عن القاضي احسان الذين اعتقل وأدين سابقا، فيم نفى محاموه تهمة الحصول على التمويل الأجنبي.