03-أغسطس-2024
إيمان خليف (الترا جزائر)

إيمان خليف (الترا جزائر)

مساء اليوم السبت،  تدخل نزال ربع نهائي الألعاب الأولمبية الجارية بباريس، ضدّ المجرية هاموري لوكا، وسط موجة من "العنصرية" والتنمّر والتشويه والسخرية التي تطالها في الصحافة الغربية وعلى منصّات التواصل، بل دخل على الخط سياسيون معروفون أمثال رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني والرئيس الأميركي السابق والمترشح للرئاسيات القادمة دونالد ترامب.

الحملة ضد إيمان خليف بدأت قبل الأولمبياد، وازدادت حدّتها على منصات التواصل الإجتماعي بعد 46 ثانية فقط من نزال انتهى بلكمة واحدة

"التراجزائر" ارتأت أن تعود إلى حياة ومسيرة إيمان خليف البطلة الجزائرية التي تواجه ظلم العالم بقفازات الفن النبيل. كيف عاشت؟ وكيف توهجت؟.

لكمة للمشككين

الحملة ضد إيمان خليف بدأت قبل الأولمبياد، وازدادت حدّتها على منصات التواصل الإجتماعي بعد 46 ثانية فقط من نزال انتهى بلكمة واحدة، بين خليف وخصمتها الإيطالية أنجيلا كاريني، الأخيرة انسحبت وبكت واعتذرت لخليف لعدم مصافحتها، لكن اللجنة الأولمبية أنصفتها طالبت بالكف عن  الإساءة للجزائرية، وطالبت الرياضيين الذين تنمّروا عليها بسحب إساءاتهم لها عبر حساباتهم بمنصات التواصل الاجتماعي.

"إيمان خليف عاشت طفولة طبيعية جدًا، عاشت حياتها أنثى ولاكمت كأنثى ولديها جواز سفر أنثى وهذه ليست قضية تحوّل جنسي".. بهذه العبارات الصادقة للمتحدث باسم الأولمبياد ماركز أدامز، نسرد سطورًا عن حياة إيمان خليف المصارعة التي تهابها المنافسات فوق الحلبة.

من هي إيمان خليف

ولدت إيمان خليف (سفيرة اليونسيف) بولاية الأغواط 400 كلم عن الجزائر العاصمة، في الثاني من شهر أيار/ماي 1999، ثم انتقلت إلى للعيش مع عائلتها إلى ولاية تيارت غربي البلاد، تحديدا إلى منطقة نائية ذات طابع فلاحي تسمى بيبان مصباح.

درست إيمان خليف في مرحلة الطفولة بمنطقتها بيبان مصباح، متحملة ظروف الفقر والمعاناة لكونها من عائلة فقيرة، ولم يكن من السهل البتة ولوجها إلى عالم الملاكمة "الفن النبيل" في ظل تلك الظروف التي كانت تعيشها، إضافة إلى نظرة الناس إلى بنت "الريف" ومجال رياضي قد يبدو غريبًا بالنسبة لهم، بحيث يصعب أن يفهموا ذلك، وبالتالي كانت مسيرتها صعبة، حتى أنّ والدها كان يرفض أن تغادر البيت من أجل الذهاب لممارسة الرياضة التي تحبها "الملاكمة" حتى يتفادى "كلام الناس"، وبالمقابل كان والدها يحب أن تواصل دراستها. بحسب ما صرّحت به في لقاء تلفزيوني على قناة البلاد (خاصة).

إيمان خليف و"الملاكمة"

بحكاية طريفة بدأ حب إيمان خليفة للفن النبيل، من خلال معلم الرياضة بالمتوسطة التي كانت تدرس بها، فكثر الحديث عن تفوقها، فبلغ الأمر مسامع مدرب يسمى محمد شعوة الذي وجه لها دعوة لتشارك في منافسة بمركز المدينة، كانت قد تحدثت مع والدها فمازحها قائلًا "سينكسر أنفك".

بينما لقاؤها مع مدربها فكان دهشة له، منحها 100 دج وطلب منها أن تقوم بالتقاط صور شخصية، لكنها غادرت دون رجعة، ليس طمعًا، ولكن غريزة الطفولة، أرادت أن تشتري بها ما يلزم من بعض الأدوات المدرسية، أو تجمع معها نقودًا أخرى لتشتري أشياء أخرى، لا لشيء سوى أنّ والدها عامل بسيط ويعيل ستة أطفال. فحياتها كانت صعبة، غير أن مدربها تواصل معها مرّة أخرى ومنحها بذلة رياضية حتى تشرع في التدريبات، وكان يرى فيها مشروع بطلة أولمبية وفق ما سردت.

حاربت إيمان خليف الحياة وقسوتها، باعت إيمان خليف الخردوات المعدنية، البلاستيك، وباعت أيضًا الخبز التقليدي (الكسرة والمطلوع)، على قارعة الطريق، لتوفر مصاريف تنقلها إلى قاعة الملاكمة، وتساعد والدها العاطل عن العمل في إعالة إخوتها، أي إصرار ورغبة وصبر وقوة كانت إيمان خليف التي كان مدربها بمثابة سندٍ حقيقي لها، أرادها أن تكون بطلة، وهو ما حدث عندما شاركت في البطولة الوطنية بولاية تلمسان (صنف الأوساط)، وفازت باللقب الأول أمام ملاكمة من المنتخب الوطني معروفة.. ومن هنا بدأت رحلة البحث عن الذهب.

والد إيمان خليف قال إنّ ابنته البطلة منذ صغرها تحب الرياضة، كانت تمارس كرة القدم مع بنات القرية، حتى وصلت المرحلة المتوسطة، أين التحقت بالملاكمة مع مدربها محمد شعوة (ما يزال مدربها إلى يومنا هذا)، وكانت منضبطة في عملها، ومع توالي المنافسات صارت معروفة، وطالبها برفع العلم الجزائري عاليًا، متمنيًا لها العودة بالذهب.

حلم الأولمبياد..

واصلت ابنة الأغواط التي ترعرت وكبرت في تيارت، السير نحو حلمها خاصة وأنّها وجدت من يساعدها، بحيث ساعدها انضمامها للنادي الرياضي للحماية المدنية الذي وفر لها كل الوسائل رغم الميزانية الصغيرة، فاستمرت في إجراء المنافسات وتوجت تسع مرات بالبطولة الوطنية، ودخلت المنافسات القارية من بوابة الفريق الوطني في 2018، فشاركت في تربصات ودورات دولية خارج البلاد، وأيضا سجلت حضورها في منافسات دولية.

والمفاجأة التي صنعتها إيمان خليف هي تأهلها للألعاب الأولمبية طوكيو 2021 بعد التحاقها بعامين فقط بالفريق الوطني (2018)، وفي هذه التظاهرة احتلت المرتبة الخامسة كأول مغامرة لها، وتعتبر الأولى في الملاكمة النسوية التي تحقق هذا الإنجاز في انتظار ذهبية باريس 2024.

خليف فتاة مكافحة من أجل الملاكمة التي تعشقها ومن أجل تطوير حياتها على المستوى العائلي والشخصي، فلم تستسلم، وقاومت كل الصعوبات وتحدت كل العوائق، فخاضت منازلتين منازلة الملاكمة ومنازلة الحياة.

 عقبة كبيرة واجهتها وتواجهها إيمان خليف اليوم هي التنمر حول مزاعم "أهليتها الجنسية" والتي بدأت حملتها سنة 2023 عندما جرى استبعادها من قبل الاتحاد الدولي للملاكمة في بطولة الملاكمة للسيدات قبل المقابلة النهائية، لتستمر الحملة الشعواء ضد خليف في أولمبياد باريس لكن اللجنة الأولمبية الدولية أنصفت خليف.

شاركت إيمان خليف في 51 نزالًا، فازت بـ42 منازلة منها 6 مواجهات فازت فيها بالضربة القاضية

تتويجات

على صعيد الألقاب والتتويجات، سجل حافل لإيمان خليف وهي في ريعان الشباب، خزانة مليئة بالميداليات والذكريات الجميلة فوق الحلبة، وتتمنى أن تثريها بألقاب أخرى وأبرزها ذهبية الألعاب الأولمبية وهي حلم كل الرياضيين المشاركين... وهذه أبرز إنجازات بطلة الجزائر وإفريقيا.

-فضية بطولة العالم باسطنبول 2022

-ذهبية ألعاب البحر الأبيض المتوسط وهران 2022

-ذهبية موبوتو بطولة إفريقيا للملاكمة هواة

-بطلة الجزائر لـ 9 مرات.

-بطلة أفريقيا 3 مرّات

-ذهبية كأس بوكس إيندفون الدولية للملاكمة 2024

-ذهبية دورة أمريكا المفتوحة للملاكمة 2024

-شاركت إيمان خليف في 51 نزالًا، فازت بـ42 منازلة، خسرت تسعة منازلات وفازت في ستة مواجهات بالضربة القاضية.