فريق التحرير - الترا جزائر
تفاعل سياسيون ونشطاء جزائريون مع خبر إطلاق عدد كبير من سجناء الرأي، كانوا اعتقلوا في فترة الحراك الشعبي ووجهت لهم تهم مختلفة؛ تتعلق بالإخلال بالنظام العام والتخابر مع جهات أجنبية ودعم حركات انفصالية وغيرها.
في هذا السياق، دعا كثيرون إلى إطلاق بقية السجناء ممن اعتقلوا في ظروف مشابهة، مطالبين أن يشمل هذا القرار الذي جاء عقب توقيع مرسومي رئاسيين، بمناسبة الذكرى السبعين لثورة التحرير، واستفاد بموجبه أربعة آلاف محبوس من العفو الرئاسي.
وكان رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، وقع مرسومين رئاسيين، يتعلق الأول بالعفو عن المحكوم عنهم نهائيًا في قضايا تتعلق بالقانون العام، أما المرسوم الثاني فيتعلق بالقضايا المخلة بالقانون العام، وهي الصيغة التي تُستعمل للحديث عن معتقلي الرأي مثلما يصفهم حقوقيون.
ووفق اجتهادات بعض المتابعين، فإن قضايا الإخلال بالقانون العام تشمل جرائم العنف والاعتداء والفساد واستغلال السلطة والمخدرات والإرهاب، وتهديد أمن المجتمع والتخطيط لهجمات إرهابية ونشر الكراهية والتحريض على العنف والتجمهر غير المرخص.
ورغم أن السلطة لا تعترف بوجود معتقلي رأي في البلاد، يصّر حقوقيون وهيئات دفاع محبوسين على الحديث عن اعتقالات مسّت فئات خرجت في الحراك الشعبي للتعبير عن رأيها، وأخرى كان اعتقالها بناء على منشورات فيسبوكية منتقدة للنظام، كُيّفت لها تهم تهديد الأمين والتحريض على التجمهر والتواطؤ مع جهات أجنبية في كثير من المرات.
إلى هنا، علّق عثمان معزوز، رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية منذ شبّاط/فيفري 2022، في منشور له عقب الإعلان عن إطلاق سراح عدد من سجناء الرأي قائلًا: "إن التجمع يرحّب بقرار الإفراج عن المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي بارتياح كبير".
وأضاف معزوز أن حزب "أرسيدي" لم يتوقف عن الدفاع عنهم والوقوف إلى جانبهم والمطالبة ببراءتهم، وأردف أنه في هذا " اليوم الاحتفالي بالذكرى السبعين لاندلاع حرب التحرير الوطني، لا بد من التذكير بنضال الجزائريين وتضحياتهم الجسيمة من أجل التحرير والعدالة والكرامة".
وأشاد في السياق نفسه،"بشجاعتهم وصمودهم في الكفاح ضد المحن القاسية طوال فترة سجنهم الظالم"، متمنيًا في الوقت نفسه أن يكون هذا "الانتصار" ضد التعسف وبارقة أمل في مستقبل مليء بالحرية والنقاش الحر والحوار الصادق والبناء مع الجزائريين.
من جهته قال محسن بلعباس، الرئيس السابق لـ "أرسيدي"، أن خروج سجناء الرأي "يمثل لحظة مهمة، وتذكيرًا بأن الحرية الحقيقية ليست دائمًا تلك التي تحددها الجدران والأقفال، بل تلك التي تكمن في النزاهة والوفاء للذات".
وأضاف: " هؤلاء الرجال كانوا أحرارًا قبل خروجهم ولم يتمكن السجن من إخماد أرواحهم أو النيل من عزيمتهم. ومع عبورهم عتبة السجن، يؤكدون على ما كانوا عليه دائمًا: رجال أحرار، ثابتون ومتمسكون بقناعاتهم".
من جهته، نشر الكاتب والسياسي عبد العزيز غرمول، منتقدًا إنكار السلطة لوجود معتقلي رأي في سجونها قائلًا: "حتى الأمس القريب كان الرئيس يقول أمام الصحافة لا يوجد لدينا سجناء رأي؛ بل قال إنه طلب من رؤساء أحزاب تقديم أسماء ممن يعتبرون سجناء رأي ولم يجبه أحد".
وتابع: "اليوم تم إطلاق سراح سجناء ومعتقلين لم يرتكبوا جرائم ولم ينخرطوا في خلايا إرهابية ولم يعتدوا على الحق العام"، واعتبر أن تهمتهم الوحيدة هي أن تعبيرهم عن رأيهم، وتمت إدانتهم وتخوينهم وتجريمهم وشيطنتهم ووضعهم في السجن بتهم التآمر وحيازة أفكار مسلحة والمتاجرة بمعلومات مهلوسة والتخابر مع جهات أجنبية".
واستطرد غرمول منتقدًا التواطؤ الإعلامي مع الخطابات التي أدانتهم يقول: "هؤلاء أعداء التطور المشهود والجزائر المنتصرة والحكم الراشد، كما سوّقت لهم صحافة الإشهار، وأحزاب المعالفة. وهم في الحقيقة قاموا بدورهم ومارسوا مهنتهم، وقالوا للرأي العام ما يشهدون عليه. قاموا بتعرية هذا الوهم السياسي والإعلامي عن طريق ما يقوله الواقع واثبتوا ذلك بالرأي والحجة والبرهان، فتم الزج بهم في الظلام".
يتفق ما جاء في منشور محمد هناد، مع ما كتبه عبد العزيز غرمول حول معتقلي الرأي، إذ يكتب هنا: "لقد ظل الرئيس عبد المجيد تبون، إلى غاية أمس، ينكر وجود سجناء سياسيين في الجزائر وأنه طلب من رؤساء أحزاب موافاته بقائمة لهؤلاء إن وُجدوا ولم يجبه أحد. لكن ها هو نفسه يعترف اليوم، وبطريقة رسمية، بوجود هؤلاء بإصداره مرسوم عفو خاص بهم منفصل عن المرسوم الخاص بمساجين القانون العام".
وأضاف هناد: "طبعًا، إخلاء سبيل هؤلاء خبر مُفرح للغاية لكنه يثير جملة من الأسئلة؛ هل تم إخلاء سبيل كافة المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي؟ فإذا كان الأمر كذلك، يمكن أن نستبشر بقدوم تغيير مأمول في الممارسة السياسية الجائرة التي سادت إلى يومنا هذا. وإلا فلا ǃ في هذه الحالة، يعتبر عفو أمس مجرد منّة وليس اعترافًا بالخطأ في حق المظلومين. أي أن هذا العفو لن يمنع من وقوع اعتقال الناس في المستقبل بسبب آرائهم".
وتحدث صاحب المنشور عن إخلاء سبيل الصحافي إحسان القاضي، وتساءل هنا إن كان "إخلاء سبيله يعني أيضًا السماح لمؤسسته الإعلامية باستئناف نشاطها؟ لقد سبق لي أن أشرت، يوم الحكم على الصحفي، أنه سيُطلق سراحه، في وقت ما، لكن مؤسسته ستبقى محظورة لأنها هي بيت القصيد".
وكتب حكيم بلحسل، القيادي في جبهة القوى الاشتراكية، أن "إن إطلاق سراح عدد من سجناء الرأي اليوم هو خبر رائع. سعيد جدًا لهم ولعائلاتهم".
واعتبر أن"جبهة القوى الاشتراكية جعلت دائمًا من إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين وسجناء الرأي ، خطوة أساسية لبناء جو من الثقة للتطلع إلى مشاريع الحوار الشامل والتسوية بشكل أفضل".
واعتبر صاحب المنشور أن "الجزائر في حاجة ماسة إلى الهدوء والسكينة بقدر ما تحتاج إلى حرية التعبير، في إطار قانوني وسلمي، لكن قبل كل شيء، هي بحاجة إلى منظومة قضائية مستقلة تضمن الحقوق وتحمي أولئك الذين يناضلون من أجل جزائر ديمقراطية حرة".
إلى هنا، يكتب حسن دباغي "لكي لا ننسى لا يزال هناك الكثير من سجناء الرأي في السجون".
واعتبرت نبيلة سماعيل في منشورها أن سجينات الرأي لم يستفدن من الإفراج، فحسب رأيها: "لم تستفيد إلى حد الساعة أية حرة مسجونة من العفو. هذا لا يتماشى مع قيمنا وأخلاقنا.الحرية لكل سجناء الرأي" .
وفي سياق الانتقادات، كتب محمد علوش "رغم الأهمية الكبرى، التي يكتسيها قرار الإفراج، عن سجناء الرأي ،فإن الأهم، هو وضع حد نهائي، لسياسة اعتقال أصحاب الرأي".
يطالب نشطاء وحقوقيون أن يشمل قرار العفو بقية سجناء الرأي، وطي صفحة الماضي، وتقديم ضمانات تشمل فتح فضاءات التعبير السياسية والإعلامية، وترمي إلى إسقاط الملاحقات القضائية بتهم تحد من نشاطهم.