مازال الكاتب المثير للجدل كمال داود، محط جدل وسط قطاع واسع من الكتاب والمثقفين الجزائريين، بسبب آرائه وتصريحاته ومواقفه، إذ صرّح الكاتب الجزائري الحاصل على الجنسية الفرنسية مؤخرًا، عقب فوزه بجائزة غونكور الأدبية عن عمله "حوريات"، بأنه "فرنسي أكثر من الفرنسيين".
سبق لكمال داود أن خاض نزاعًا قضائيًا، بسبب أن أحد الإسلاميين دعا السلطة لإخضاعه لحكم الإعدام
بالعودة إلى تصريحاته السابقة، فقد كانت خرجات كمال داود واحدة من تصريحات كثيرة نالت قسطًا واسعًا من النقاشات، فقد اعتبر في تصريحات سابقة أن العربية "احتلال وسيطرة"، وأثار في مناسبة أخرى مسألة الميراث بين الرجل والمرأة، ولست نهاية بانتقاده للحراك الشعبي وفق أيديولوجية "باديسية نوفمبرية" وأن مسيرة الجزائريين فشلت.
سبق لكمال داود أن خاض نزاعًا قضائيًا، بسبب أن أحد الإسلاماويين دعا السلطة لتنفيذ حكم الإعدام في كمال داود، وهو ما استثمر فيه صاحب رواية "ميرسو تحقيق مضاد" وخاض ضده معركة قضائية انتهت بفوزه بالقضية.
تباينت آراء الجزائريين حول كمال داود، واختلفت حول تصرحاته، بين من يرى أن صاحب جائزة غونكور، يكتب إرضاء للمستعمر القديم، ويرتمي في أيديولوجية تجسّد رؤية الفرنسيين للجزائريين، وبين من يرى أن الكاتب متمسك بهويته الوطنية، ويصفه بالمفكر الذي كسر الطابوهات.
إلى هنا، يكتب صلاح الدين في تدوينة فيسبوكية: "المعروف عن كمال داود أن آراءه مفرِقة لا يجتمع عليها المجتمع و لكنه على غير العادة جمع الجزائرين على شتمه، وهذا ما يعرف بـ kamel daoud paradox".
وفي السياق نفسه، يقول جلال حيدر: "كمال داود ليس مناضلًا ولم يكتب أدبًا ملتزمًا لهذا كان من السهل أن يرتمي في الأحضان الفرنسية، لم تكن لديه قضيّة، لماذا لم يجرف هذا السيل كاتب ياسين مثلا ؟ أو حتى بوجدرة".
ويرد الكاتب هيثم سعد زيان، على طلب حول إبداء رأيه في هذا الموضوع قائلًا: "الكاتب الجزائري بداية والفرنسي نهاية، منحت له جائزة غونكور الفرنسية (Prix Goncourt) والتي تقدّر قيمتها المالية بـ 10 يورو، منحت له الجائزة عن روايته (الحوريات) سيناريو من سيناريوهات العشرية السوداء في الجزائر".
ويردف: "الحقيقة، ليس لي رأي حول القيمة الأدبية، الفنية للرواية لأنّي لم أقرأها ولا أظنها ترقى إلى مستوي ما كتبه، كاتب ياسين، محمد ديب ورشيد بوجدرة والذين حرمتهم الحسابات السياسية الاستعمارية من الفوز بهذه الجائزة. لكن لي رأيًا إنسانيًا حول الموضوع، إنّ الذي (كائنا من كان) يبرّر الإبادات الجماعية التي ترتكب في فلسطين وفي غير فلسطين، لا يستحق أن يلتفت إليه أصلًا".
وعلق سعد زيان في هذا السياق: "كمال داود فكّر كفرنسي وكتب بالفرنسية عن شأن يخص الجزائر ولا أظنه كان ليكتب بنفس السخرية بالفرنسية عن شأن يخص فرنسا".
وختم منشوره "خلاصة القول: عليه أن يعيد الجنسية الأصلية الجزائرية للجزائر وسيكون حرّا فيما يقول".
ثمن الجائزة التي حصل عليها كمال داود يقول عبد العزيز بن صالح، في منشور له على فيسبوك هو رواية لا تمت إلى واقع الجزائرييين بصلة، ويعرض في منشوره مقطعًا من رواية داود جاء فيه.
"خلال أسبوع العيد ( الأضحى) ، لا تقوم النساء بتمشيط شعرهن أو الاعتناء بأجسادهن ، بل دورهن يقتصر فقط على العمل في المطبخ والطهي وفي الشحوم وأحشاء الذبائح ( الكرشة و الدوارة) ".
وأضاف صاحب المنشور الآن فصاعدًا والتي فازت بجائزة سياسية قيل إنها أدبية، "مع العلم أن السيد دافيد (يقصد داود) يكذب كذبًا بَوَاحًا لأن نساءنا يتجملن ويذهبن لمحلات الحلاقة ويشترين أحسن الألبسة والمكياج اللائق والحناء ومنهن زوجتي وبنتاي وأقسم بالله على ذلك".
من جهته، يكتب زينو الطيب، وقد نشر فيديو سابق لكمال داود، تهرب فيه من سؤال حول القضية الفلسطينية، قائلًا: "هل يقصد تحرير البلد من الإسلاموية ؟ فيدور الأمر، لأنه يتحدث عن أرثوذكسية تبني القضية، وهي إسلامية كذلك.. فيدعو حينئذ الإسلاميين لتحرير البلد من أنفسهم قبل أن يحرروا فلسطين لأنهم هم المقصودون في هذا السياق".
وفي سياق التعليقات المدافعة عن كمال داود، ينشر محفوظ جوغرتا بجاوي على صفحته بموقع فيسبوك: "بعد بحثٍ قصير، استنتجتُ أن بعض الجزائريين يشعرون بالغضب تجاه المثقف الجريء كمال داود. أولاً، لأنه يرفض أن يُصنف كـ"كاتب عربي" ويفضل أن يُوصف بـ"الكاتب الجزائري"، تأكيدًا على هويته الوطنية. ثانيًا لأنه أصبح مفكرًا يضرب ويكسر الطابوهات".
وعلى هذا النحو، تكتب زحاف فورلو معلقة على انتقاد كمال داود "ماخليتوا رواية هوارية ما خليتو كمال داود، والكثير منهم يعجز عن كتابة موضوع إنشاء حول " الفلاح في الحقل يحرث".
ونقلت صفحة "بونة تقرأ" منشورًا للكتاب سعيد خطيب جاء فيه "عندما أصدر كاتب ياسين رواية (نجمة) كان يحمل جنسيّة فرنسيّة، وعندما أصدر محمّد ديب ثلاثيّته الشّهيرة، كان يحمل جنسية فرنسيّة. كلّ عام نحتفي بآسيا جبّار، التي حملت جنسية فرنسيّة. كل الآباء والأجداد الذين ولدوا قبل الاستقلال (1962)، حملوا جنسيّة فرنسيّة".
ويردف خطيبي "لاعبو منتخب الكرة يحملون – في جلّهم – جنسيّة فرنسية ، فازت الجزائر بميدالية ذهبية في الألعاب الأولمبية بفضل رياضيّة تحمل كذلك جنسيّة فرنسية. نالت الجزائر الأوسكار مع مخرج يحمل جنسيّة فرنسيّة. كذلك بعض نجوم الرّاي، الذين نستأنس بصوتهم يحملون جنسيّة فرنسيّة. هكذا هي صيرورة التّاريخ، تحتمل أن نتعايش معها لا أن ننكرها، مثلما نفعل اليوم مع الروائي كمال داود".
ويكتب عباس فولتار في تدوينة فيسبوكية "جائزة غونكور هي أرفع جائزة أدبية عالمية بعد نوبل والبوكر، حصل عليها القليل من ادباء العرب .الطاهر بن جلون سنة 1987 عن روايته "ليلة القدر". أمين معلوف سنة 1993 عن روايته "صخرة طانيوس". ليلى سليماني سنة 2016 عن روايتها "أغنية هادئة".
كذلك "حصل كمال داود على نفس الجائزة سنة 2015 لكن للرواية الأولى عن روايته (مورسو تحقيق مضاد) التي تعتبر مكمل او رد على رواية "الغريب" للبير كامو، وهذا الرواية كادت أن تعرضه للقتل بعد التهديد من قبل جماعات إسلامية متطرفة وذلك بسبب موضوعها الديني الرمزي حول قصة موسى وهارون".