تنتهي الآجال القانونية التي حدّدتها الحكومة للالتزام بتعميم استخدام التّجار لأجهزة الدفع الإلكتروني بتاريخ 31 ديسمبر/ كانون الأول من سنة 2024.
زبدي: تنفيذ هذه الإجراءات سيعزّز التحول نحو الاقتصاد الرقمي ويوفّر للمستهلكين خيارات دفع أكثر مرونة
وأعلن وزير المالية لعزيز فايد خلال مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2025 بالغرفة السفلى للبرلمان، بأنّه لا تمديد للآجال مرة أخرى، حيث تمّ إقرار القانون عبر المادة 110 لقانون المالية لسنة 2020 وفرض عقوبات على التجار الذين يتأخرون في تعميم استخدام أجهزة الدفع.
وقبل ذلك؛ تمّ تأجيل هذا القرار عدة مرات، لكن الأمر أصبح اليوم بالنسبة للجهات الرسمية غير قابل للتمديد، فهل سيتمكّن 1,5 مليون تاجر خلال هذا الفترة قبل نهاية العام الحالي من الالتزام بهذا القرار؟
مطالب لتمديد آخر
وفي هذا السياق، اقترح رئيس المنظّمة الوطنية لحماية المستهلك، مصطفى زبدي، على الحكومة تمديد المهلة القانونية الممنوحة للتجار لتعميم الدفع الإلكتروني، والتي تنتهي في 31 ديسمبر / كانون الأول المقبل، مشددًا على ضرورة اتّخاذ إجراءات ردعية في حال عدم التزام التجار بهذا الموعد.
وقال زبدي في إفادة لـ "الترا جزائر"، أنّ الهيئات الوطنية ومنظّمات المجتمع المدني، بما في ذلك حماية المستهلك، تعمل على التوعية بأهمية تعميم الدفع الإلكتروني في المعاملات التجارية، مشيرا إلى أن بعض المؤسسات التجارية، مثل المساحات الكبرى والصيدليات، بدأت بالفعل في اعتماد هذه الوسيلة، إلا أنّ هذا التوجّه يظلّ محدودًا، ويتطلّب المزيد من الجهود لتحقيق انتشار أوسع.
ومن خلال معطيات السوق واحتياجات التجار، بأنّ تتوقع المنظمة الوطنية لحماية المستهلك، كما أوضح زبدي، صعوبة التزام الجميع بالمُهلة المُحدّدة لتعميم أجهزة الدفع الإلكتروني، إذ أرجع ذلك إلى "وجود مقاومة من بعض التجار، وذلك بسبب التهرب الضريبي ورغبة بعضهم في عدم التصريح بمداخيلهم".
وأضاف أنّ هذا الموقف يُعرِّض مبادرة الدفع الإلكتروني لـ"الفشل"، وذلك على غرار ما حصل مع تجارب سابقة في هذا المجال مثل فرض الفوترة على التجار.
وأكد المتحدث على أنّ الوصول إلى نسبة عالية من المعاملات التي تتم عبر الدفع الإلكتروني هو هدف مشروع تسعى الدولة لتحقيقه، رغم بعض العراقيل التي يواجهها هذا المسار، مثل تحفّظ بعض التجار وتخوف المستهلكين، حيث تعمل المنظمة في هذا الإطار يقول زبدي على تعزيز وعي المواطنين بأهمية الدفع الإلكتروني وتبديد مخاوفهم من خلال حملات توعية مستمرة.
كما شدّد زبدي على أن تغطية جميع التجار بالدفع الإلكتروني قبل نهاية السنة يعد تحديًا كبيرًا، واعتبره هدفًا صعب المنال في هذه الفترة القصيرة.
ولأجل ما سبق ذكره؛ دعا زبدي إلى تمديد المهلة القانونية وإقرار إجراءات ردعية ضد كل تاجر يتخلف عن الالتزام بتوفير هذه الخدمة.
واللافت أنّ هذا المقترح في إطار تعديل قانون المالية لعام 2024، الذي شدد على تنفيذ المادة 111 من قانون المالية لعام 2020، والتي تلزم جميع التجار بتوفير خدمة الدفع الإلكتروني كجزء أساسي من معاملاتهم، إذ يرى زبدي في المقابل بأنّ تنفيذ هذه الإجراءات سيعزّز التحول نحو الاقتصاد الرقمي ويوفّر للمستهلكين في الجزائر خيارات دفع أكثر مرونة وأمانًا.
وقال في هذا الشأن:" هذا التوجّه يندرج في إطار سعي الحكومة إلى تعزيز التحول نحو الاقتصاد الرقمي وتسهيل المعاملات المالية للمستهلكين، حيث يُنظر إلى تعميم الدفع الإلكتروني على أنه خطوة أساسية لدعم الشفافية ومحاربة الاقتصاد الموازي".
تكوين خاص بالتجار
من جانبه، قال رئيس الجمعية الوطنية للتجار والمستثمرين والحرفيين، الحاج الطاهر بولنوار، إنّ تعميم الدفع الإلكتروني أصبح ضرورة لا بدّ منها لبناء اقتصاد قوي وشفاف، مؤكدا أنّ الجمعية تسعى بشكل متواصل إلى توعية التجار وتشجيعهم على استخدام وسائل الدفع الإلكتروني وتطبيقها في جميع الأنشطة التجارية.
وأوضح بولنوار، في تصريح لـ"الترا جزائر"، أنّ الجمعية قد بدأت فعلياً في تنفيذ حملات توعوية لحثّ التجار على أهمية التعامل بهذه الوسائل الإلكترونية، حتى قبل إقرار الحكومة لأهمية تعميم الدفع الإلكتروني وإلزام التجار بتطبيقه قبل نهاية ديسمبر الجاري.
وأضاف: "نحن ندرك أن هذا المجال يتطلب منا مواكبة التطور الرقمي، ونسعى لتحضير جميع التجار والحرفيين للاندماج في نظام الدفع الإلكتروني".
وفي هذا الإطار، نوّه بولنوار إلى أن الجمعية تسعى للتعاون مع الجهات المختصة لتنظيم ورشات عمل وبرامج تدريبية تساهم في رفع الوعي حول فوائد الدفع الإلكتروني ومميزاته العديدة.
كما أشار إلى أنّ استخدام هذه الوسائل الحديثة يتيح للتجار فرصاً أوسع للوصول إلى عملاء جدد، ويساهم في تحسين كفاءة المعاملات وتقليل التكاليف المرتبطة بالمعاملات النقدية التقليدية.
مزايا وتحديات
الانتقال إلى الدفع الإلكتروني سيعود بالفائدة على الاقتصاد الوطني، إذ سيساهم – حسب بولنوار- في تعزيز الشفافية وتقليل الاقتصاد الموازي، إضافة إلى تسهيل عمليات الرقابة والحوكمة المالية، مما يجعل النظام المالي أكثر استقرارا.
كما استغل بولنوار الفرصة ليدعو جميع التجار إلى الاستفادة من هذا التحول الرقمي الذي تشهده البلاد، مشيراً إلى أن الجمعية ستواصل جهودها لتقديم الدعم اللازم والتوجيهات الكافية لضمان نجاح هذه الخطوة المهمة على كافة المستويات.
ورغم أهمية تعميم عمليات الدفع الإلكتروني على كافة المستويات خاصة في المعاملات التجارية، أشار بولنوار إلى وجود بعض التحديات التي تعيق تعميم اعتماده في المعاملات اليومية للتجار.
ومن أبرز هذه الصعوبات؛ قال بأنها تتمثّل أساساً في ضعف تدفق الإنترنت في بعض المناطق، مما يعيق استمرارية الخدمة ويؤثر على سرعة وفعالية المعاملات الإلكترونية.
وأضاف أنّ هذا قد يتسبب في توقف عمليات الدفع بشكل مفاجئ، مما قد ينعكس سلباً على رضا الزبائن ويؤثر على سير العمل.
كما أشار بولنوار إلى أن بعض التجار يحتاجون إلى مزيد من الوقت من أجل تدريبهم على استخدام هذه التقنيات المتعلقة بالدفع الالكتروني بشكل صحيح خاصة في ظلّ وجود تخوف لدى المستهلكين من هذه التقنية.
وأكد في هذا الإطار على أنّ الجمعية تسعى إلى تقديم الدّعم اللاّزم للتجار، من خلال التنسيق مع الجهات المعنية لتوفير بنية تحتية أقوى للإنترنت وتقديم برامج تدريبية تهدف إلى تعزيز كفاءة استخدام أنظمة الدفع الإلكتروني، بما يساهم في تحقيق انتقال سلس وفعال نحو هذا النظام في مختلف أنحاء البلاد.