03-أغسطس-2024
(الصورة: فيسبوك) مجلس شراكة اقتصادي

مجلس شراكة ثلاثي بين الجزائر وتونس وليبيا (فيسبوك/الترا جزائر)

تقرر رسميًا بتاريخ  الـ 22 تموز/جويلية الماضي، إنشاء مجلس شراكة إقتصادي جزائري _ تونسي _ ليبي، لترتيب ملفات الشراكة بين الفاعلين الاقتصاديين للدول الثلاث، تماشيًا مع الإرادة السياسية المعبر عنها في اجتماع قادة هذه الدول شهر نيسان/أفريل 2024 بتونس.

هشام صفر لـ "الترا جزائر": التفاوض بين تونس، الجزائر، وليبيا يجب أن يكون على أساس تكامل مؤسساتي

ويؤكد بيان لمجلس التجديد الاقتصادي الجزائري، وهو أكبر تجمع ونقابة لرجال الأعمال في الجزائر، أنه وتماشيًا مع الإرادة السياسية المعبر عنها في الاجتماع التشاوري الأول من طرف قادة الدول الثلاثة،  والتي مثلها كل من عبد المجيد تبون، رئيس الجمهورية الجزائرية، وقيس سعيد، رئيس الجمهورية التونسية، ومحمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي بدولة ليبيا، وعزمهم على دعم مقومات الأمن والاستقرار  وتعزيز التكامل الاقتصادي الشامل في الدول الثلاثة والمنطقة ككل، تقرر إنشاء مجلس أعمال إقتصادي ثلاثي.

ويضيف البيان الذي تلقت "الترا جزائر" نسخة منه: "يندرج ذلك أيضا ضمن السعي الراسخ إلى تعزيز دور القطاع الخاص في دعم الجهود المشتركة للتنمية والتعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري وتعزيز قدرة الدول الثلاثة على مجابهة التحديات والتكيف مع التحولات الاقتصادية الراهنة".

وبإجماع خبراء الاقتصاد، فتحقيق التكامل الاقتصادي بين الجزائر وتونس وليبيا يمثل خطوة حيوية نحو تعزيز الوحدة المغاربية وتطوير الاقتصاد الإقليمي، رغم أن هذا التكامل يتطلب رؤية واضحة وشروطًا محددة وتحديث وسائل النقل بين الدول الثلاث وتطوير التجارة البينية وتسهيل مرور السلع عبر الحدود وأمورا أخرى.

فإذا كانت الإرادة السياسية اليوم متوفرة لتعميق التعاون وزيادة المبادلات التجارية بين الجزائر وتونس وليبيا، يبقى السؤال المطروح: "ما المطلوب توفيره مستقبلًا لنجاح الإتفاق الاقتصادي الثلاثي بين هذه الدول"؟

هذه شروط نجاح الشراكة الثلاثية

ويرى الخبير الاقتصادي وعضو لجنة المالية السابق بالمجلس الشعبي الوطني الهواري تيغريسي في إفادة لـ"الترا جزائر'" أن التكامل الاقتصادي ضروري بين الجزائر وتونس وليبيا لإعادة بعث الوحدة المغاربية، ولكن يجب أن يتم وفق رؤية واضحة وشروط محددة، مشيدا بالعديد من العوامل التي ستساهم في تحقيق هذه الوحدة وتسهلها منها الدين المشترك، واللغة الواحدة، والقرب الجغرافي. ويتحدث تيغريسي عن وجوب تطوير وتحديث وسائل النقل بين هذه الدول "ليبيا، تونس، الجزائر"، وهذا سيتيح، حسبه، تطوير التجارة المشتركة بين هذه البلدان ويخفض تكلفة التكامل الاقتصادي حينما يكون النقل صعبا أو شبه منعدم، فحرية مرور السلع بين ليبيا وتونس والجزائر تتطلب تنوع الثروات والإمكانات من جهة وسهولة قطع هذه الثروات الحدود من دولة لأخرى من جهة أخرى، وهو ما يعزز التبادل التجاري حسبه.

 بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تكون هناك إرادة سياسية أكثر عمقًا بين هذه البلدان لتعزيز التعاون الاقتصادي وزيادة المبادلات التجارية، التي تعتبر اليوم ضعيفة مقارنة بالإمكانات المتاحة والطلبات المسجلة، وهي الإرادة التي عبر عنها رؤساء هذه الدول الثلاث في لقائهم بتونس شهر أفريل/ نيسان المنصرم.

ويجزم تيغريسي أنه يمكن رفع حجم المبادلات التجارية بين هذه الدول أيضًا عبر القضاء على البيروقراطية الإدارية وسن قوانين تسهل العملية، إذ يجب أن تتمتع هذه السلع والخدمات بحرية أكبر في المرور عبر قواعد الجمارك على سبيل المثال، وذلك من خلال تقليص أو إلغاء الرسوم الجمركية بين هذه البلدان الثلاثة لتعزيز حركة التجارة في المنطقة، كما أن السلطات في كل من الجزائر، تونس، وليبيا مطالبة بالمبادرة لخلق فرص تعاون إقتصادي بين هذه الدول.

ويعتقد تيغريسي أن المرحلة القادمة ستكشف عن دور القطاع الخاص في تجسيد هذه الشراكة، والذي يمثل في الجزائر أكثر من 85 بالمائة من النسيج الاقتصادي، في حين أنه حتى في تونس وليبيا يمثل القطاع الخاص نسبة هامة من الاقتصاد.

ويشدد المتحدث في هذا الإطار: "يجب تفعيل الشراكة وتطوير التجارة الداخلية وترقية المناطق الحدودية لتسهيل تبادل السلع، وهو ما بادرت به الجزائر وتونس مؤخرًا لتشجيع الاستثمار على الحدود عبر قوانين وتحفيزات مهمة، وتنفيذ مشاريع مشتركة مثل إتفاقات شراكة في مجال الفوسفات بين الجزائر وتونس".

توحيد القوانين الاقتصادية

من جهته، يتحدث الخبير الاقتصادي والنائب البرلماني هشام صفر في إفادة لـ"الترا جزائر" عن أهمية تبني سياسة موحدة في جميع القطاعات بين هذه الدول الثلاث، بحيث تعمل الجزائر وتونس وليبيا على توحيد قوانين القطاعات الإستراتيجية، لتقديم حلول فعّالة في ملفات الشراكة في هذه القطاعات.

كما يجب العمل مستقبلًا على تحرير حركة التجارة وتنقلات العنصر البشري والخدمات والسلع ورؤوس الأموال لتسهيل وتفعيل إبرام الصفقات، وإيجاد حلول متينة للتكامل الاقتصادي، مضيفًا: "إذا أردنا تحقيق وحدة إقتصادية حقيقية بين هذه البلدان، يجب توحيد القوانين".

ويرى هشام صفر أن المناطق الحرة ستزيد من حركة التجارة في هذه البلدان، إذ يجب إنشاء مناطق حرة على الحدود الجزائرية-التونسية، التونسية-الليبية، والليبية-الجزائرية لتعزيز التبادلات، بالإضافة إلى إنشاء مناطق صناعية لمشاريع مشتركة تجذب الاستثمار وتفتح شهية هذه الدول على التصدير نحو الأسواق العالمية، فهذا التطور سيوفر حسبه حلولاً بارزة في المراحل القادمة.

ويرى المتحدث أن التفاوض بين تونس، الجزائر، وليبيا يجب أن يكون على أساس تكامل مؤسساتي، يمنحها قوة في طرح وتسويق منتجاتها خارج الحدود ويعزز اقتصادها، وهو ما يعود بالفائدة على المواطن في هذه المناطق، فهذه الدول يمكن أن توفر حلولاً للوصول إلى الأسواق الإفريقية، خاصة عبر الطريق السيار بين الجزائر، تمنراست، ولاجوس، مما سيتضمن حلولا لتسويق المنتجات مستقبلا أيضا نحو أوروبا، والعكس صحيح.

ولتحقيق شراكة حقيقية، يجب، وفق المتحدث، تفعيل الاستثمارات وتنسيق السياسات في مجال النقل بين الجزائر، تونس، وليبيا، وترقية الخدمات اللوجستية والجمركية على الحدود لتوفير مرونة وحلول لتوسيع التبادلات.

الهواري تيغريسي لـ "الترا جزائر": المبادلات التجارية تعتبر اليوم ضعيفة مقارنة بالإمكانات المتاحة والطلبات المسجلة

 

 كما يجب أن تندرج هذه الشراكة ضمن معايير عالمية سلسة في مجال التبادل التجاري، وإيجاد حلول لعراقيل التعاملات الاقتصادية والمالية والجبائية، وتفعيل التجارة مع الدول الأفريقية.