أجلت الحكومة الجزائرية مطالبتها باستعادة جماجم ثوار المقاومة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي من السلطات الفرنسية إلى غاية انتهاء الانتخابات الفرنسية، حتى لا يكون هذا الملف ورقة سياسية يتلاعب بها مرشحو الرئاسة في فرنسا بحسب تصريحات وزير المجاهدين الجزائريين (قدماء محاربي الثورة التحريرية الجزائرية) الطيب زيتوني.
أجلت الجزائر مطالبتها باستعادة جماجم ثوار المقاومة الجزائرية ضد الاستعمار من السلطات الفرنسية إلى غاية انتهاء الانتخابات الفرنسية
وشدد المسؤول الجزائري على أن الحكومة لن تسكت عن الملفات التاريخية العالقة بين الجزائر وفرنسا وخصوصًا قضية استرجاع أرشيف الثورة الجزائرية وجماجم الثوار وعددها 36 جمجمة لقيادات المقاومة الشعبية ضد الجيش الفرنسي بعد احتلال الجزائر(1830-1962).
اقرأ/ي أيضًا: ذاكرة الجزائر الجمعية.. الحركي بعيد عن الغفران
وتعود هذه الجماجم إلى قيادات المقاومة الشعبية الجزائرية ضد جيش الاستعمار الفرنسي، وعمرها أكثر من قرن ونصف من الزمن، وبحسب المؤرخين، فقد وهب أطباء عسكريون خلال الفترة الاستعمارية هذه الجماجم للسلطات الفرنسية تم وضعها في خزانة حديدية موجودة الآن في متحف الإنسان والتاريخ الطبيعي بباريس، ويمكن لزوار المتحف الإطلاع عليها، أهمها رأس محمد بن علال بن مبارك الضابط والذراع الأيمن للأمير عبد القادر الشيخ بوزيان قائد مقاومة الزعاطشة في منطقة بسكرة جنوبي الجزائر في سنة 1849 ومحمد لمجد بن عبد المالك المعروف باسم شريف بوبغلة والرأس المحنطة لعيسى الحمادي الذي كان ضابطًا لدى شريف بوبغلة وموسى الدرقاوي وسي مختار بن قديودر الطيطراوي وغيرها من الجماجم، التي تؤرخ لفترة هامة من التاريخ الجزائري.
واعترف وزير المجاهدين الجزائري، بأن قضية استرجاع الجماجم لم تلغ من أجندة المفاوضات الجزائرية الفرنسية حول مخلفات الذاكرة التاريخية بين البلدين، بل هي بحسبه دائمًا "مجمدة" إلى حين انتهاء الرئاسيات الفرنسية، كما أعلن عن تشكيل لجان مشتركة جزائرية-فرنسية تضم عددًا من الشخصيات لمناقشة ملفات تاريخية بين البلدين بالتنسيق مع وزارة المجاهدين والخارجية الجزائرية، فعلاوة عن استرجاع جماجم ثوار المقاومة الوطنية ينتظر أن يفتح البلدان ملف التعويضات الخاصة بالتجارب النووية في الجنوب الجزائري علاوة على المطالبة بالأرشيف الوطني الجزائري وخرائط عمليات التفجيرات النووية وكذا بالنسبة للمفقودين خلال الاحتلال الفرنسي.
اقرأ/ي أيضًا: تصريحات ماكرون تفتح جراح الماضي بين فرنسا والجزائر
وعلى الأرض، طالبت عشرات الجمعيات التاريخية المحلية السلطات الجزائرية بالتحرك واستعادة الأرشيف الجزائري واستعادة الجماجم، معتبرة أن وجود الجماجم في متحف فرنسي "عار" تحمله السلطة الجزائرية في الجزائر المستقلة على ظهرها، مؤكدة أن "حق الأرشيف والجماجم والتعويضات عن جرائم فرنسا الاستعمارية المقترفة ضد الجزائريين خلال 130 سنة "هي الخطوات الواجب تخطيها والتفاهم حولها بين الجانبين من أجل تأسيس علاقات جديدة وجيدة بين البلدين، وطي الصفحة التاريخية المؤلمة دون تمزيق صفحات من التاريخ الجزائري.
منذ عقود من الزمن ظلت هذه الملفات "عالقة" بين الجزائر وباريس، حيث تتهم الجزائر فرنسا بـ"انعدام الرغبة والجدية" في معالجة هذا الموضوع "الشائك" بحسب الأستاذ في تاريخ الثورة التحريرية بجامعة الجزائر الباحث عبد الحميد قاسي، حيث يؤكد لـ"ألترا صوت" أن هذه الملفات ظلت لسنوات طويلة حبيسة الأدراج، وشكلت حائلًا دون تطبيع العلاقات بين البلدين في شتى المجالات، رغم علاقات "الواجهة" بحسب تعبيره التي تتسم بالزيارات لشخصيات سياسية المتبادلة بين البلدين.
كما أضاف نفس الباحث أن "الورقة التاريخية بين البلدين تبقى خطوة اللارجوع بين السلطات الجزائرية والفرنسية حتى وإن كثف الجانبان الزيارات وتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية وجلب الاستثمارات بالملايير من الدولارات، إلا أن "حاجز التاريخ يكبح مختلف نوايا تطور واستمرار العلاقات الثنائية"، بحسب تعبيره.
وفي سياق ذي صلة، وصلت الجزائر إلى تسجيل وجمع 16 ألف ساعة من الشهادات الحية للفاعلين الثوريين وغيرهم من الشهادات المرتبطة بالحقبة الاستعمارية وبالثورة التحريرية (1954-1962) وهذا بهدف كتابة التاريخ الجزائري والرد على مختلف الكتابات التي اتسمت بالزيف والطعن في الثورة التحريرية الجزائرية ورموزها وتخليدها للأجيال.
اقرأ/ي أيضًا: