22-أغسطس-2024
أدوات مدرسية

سوق جواري لبيع الأدوات المدرسية (الصورة: فيسبوك)

رغم عدم الإعلان حتى الآن عن موعد بداية السنة الدراسية الجديدة من قبل وزارة التربية، إلّا أن الثلاثينية آمال شرعت في اقتناء المستلزمات الضرورية التي يحتاجها أبناؤها في موسمهم التعليمي الجديد، في محاولة لاقتناء هذه الملتزمات بأقل التكاليف، كون أسعارها مرشحة للارتفاع في الأسابيع المقبلة.

منظمة "حماية المستهلك":  أي ارتفاع في أسعار الأدوات المدرسية في الأسابيع المقبلة سيكون غير مبرر

وأصبح التحضير المسبق للدخول المدرسي من العادات  الاستهلاكية التي بدأت تترسخ وسط العائلات الجزائرية، تجنبا لارتفاع الأسعار وتفاديا للازدحام الذي ستشهده المحلات خلال شهر أيلول سبتمبر المقبل، وبالخصوص عند تحديد وزارة التربية للتاريخ الرسمي لانطلاق السنة الدراسية 2024/2025.

تكاليف إضافية

يلفت المنسق الوطني للمنظمة الوطنية لحماية وإرشاد المستهلك ومحيطه، فادي تميم، في تصريحه لـ"الترا جزائر" أن الدخول المدرسي أصبح يشكل في السنوات الأخيرة تكاليف إضافية تثقل كاهل المستهلك الجزائري، بالنظر لأنه أصبح يتزامن مع مناسبات تتطلب إنفاقًا كثيرًا مثل العطلة المدرسية ورمضان عيدي الأضحى والفطر، لذلك تحاول العائلات بكل الطرق التخفيف من تكاليف الدخول المدرسي.

وتختلف خطة تعامل كل أسرة مع هذا الموعد الهام في توزيع النفقات، حيث يشير محمد الأمين وهو وأب لطفلين في الطور الابتدائي أنه يقتني الملابس التي تتضمن المئزر والمحفظة والكتب قبل الدخول المدرسي تجنبا للطوابير والازدحام، وكذا لأن الأسعار قد ترتفع مع بداية السنة الدراسية، وفق ما قاله لـ"الترا جزائر"، مضيفا أنه يؤجل فقط اقتناء الأدوات المدرسية إلى غاية إعطاء الأستاذ قائمة هذه الأدوات للتلاميذ لاقتنائها.

ورغم أن وزارة التربية، أصبحت تنشر في السنوات الأخيرة قائمة الأدوات المدرسية المطلوبة لكل قسم دراسي في الأطوار الثلاثة، إلا أن الكثير من الأولياء يرجئون اقتناء المستلزمات المدرسية، بالنظر إلى أن بعض المعلمين والأساتذة لا يلتزمون بالقوائم المنشورة من قبل الوزارة، حيث يضيفون بعض المستلزمات أو يحذفون أخرى، وهو ما يجعل العائلات تتفادى الاقتناء المبكر للكراريس وباقي الأدوات تجنبا لإنفاق دون جدوى.

وجراء هذه التكاليف الإضافية، قال الثلاثيني سالم لـ"الترا جزائر" إنه سيكتفي باقتناء الأدوات المدرسية والمحفظة فقط لابنه الذي يدرس في السنة الأولى ابتدائي، وسيكتفي الطفل البالغ من العمر ست سنوات بارتداء ملابسه التي اشتراها في عيد الأضحى، لأن ميزانية الأسرة لا تسمح بشراء ملابس جديدة مرة أخرى.

غير مبرر

بالنسبة للمنسق الوطني للمنظمة الوطنية لحماية وإرشاد المستهلك ومحيطه، فادي تميم، فإن أي ارتفاع في أسعار الأدوات المدرسية في الأسابيع المقبلة سيكون غير مبرر. مؤكدا أن المنظمة لاحظت أنه لا ارتفاع في أسعار هذه السلع طوال هذا العام، لذلك ستكون أي زيادة في أثمانها خلال الدخول المدرسي مضاربة وجب على الجهات المختصة محاربتها.

لكن هذا الثبات في الأسعار لا يتوقعه محمد الأمين، الذي بدا متأكدا في حديثه مع "الترا جزائر" أن "الأسعار ستقفز إلى أسعار أعلى مع التهافت عليها وزيادة الطلب لاقتنائها مع بداية الدخول المدرسي".

ويقر محمد الأمين، ناشط جمعوي، أن أسعار الكراريس بقت ثابتة طول العام دون زيارة، لكنه يبين أن سعرها الحالي هو بالأساس مرتفع ويشكل عبء على العائلات التي لديها عدة أطفال يدرسون، وبالخصوص إذا كانوا في الطورين المتوسط والثانوي اللذين يتطلبان كراريس كثيرة وبعدد صفحات مرتفع.

ويرجع الناشط الجمعوي هذا الارتفاع الكبير في سعر الكراس إلى الزيادة التي سجلت في السنتين السابقتين، وهو ما يجعل ثباته على هذا السعر مرهقا للعائلات حتى ولم يرتفع هذا العام.

وبلغ سعر كراس 96 صفحة وهو الأكثر طلبا 59 دينارًا لدى تجار الجملة، فيما قدر ثمن كراس 192 صفحة بـ 158 دينار وكراس 288 صفحة بـ 235 دينار، وهما المطلوبان من قبل تلاميذ الطورين المتوسط والثانوي.

الحكومة استوردت 78 مليون دولار من الأدوات المدرسية لتلبية الاحتياجات الوطنية وضبط الأسعار 

لكن هذه الأسعار ترتفع أكثر عند البيع بالتجزئة، فعلى سبيل المثال يصل سعر كراس 96 صفحة إلى 80 دينار في المكتبات بالنسبة لعلامة "الهلال" التي تعد من بين أكثر الكراريس طلبا، فيما تتعدى ذلك أحيانا عند أحد الموزعين المعروفين وطنيا، والذي طالبه وزير التجارة الطيب زيتوني عند زيارته ولاية المدية بضرورة خفض أسعار مختلف الأدوات المدرسية التي يبيعها، خاصة وأنه يحصل على تسهيلات كثيرة من قبل الدولة.

ويرجع، فادي تميم، الارتفاع المسجل في الأدوات المدرسية إلى أن كثيرًا منها مستوردة، رغم دخول متعاملين محليين هذا المجال، لكن ذلك يبقى غير كاف، فعلى سبيل المثال الكراس الذي يظل أكثر الأدوات استعمالا وطلبا ويصنع اليوم محليا، تبقى المادة الأولية لتصنيعه المتمثلة في الورق مستوردة.

وحسب وزير الجارة الطيب زيتوني، فإن الحكومة "استوردت أزيد من 78 مليون دولار من الأدوات المدرسية من قبل 112 مستورداً، لضمان تلبية كل الاحتياجات الوطنية".

وأضاف زيتوني "قبل 2020 كانت الجزائر تستورد كل الأدوات المدرسية، لكن اليوم بتحول بعض المستوردين إلى المنتجين حققت الاكتفاء الذاتي في إنتاج بعض المستلزمات كالكراريس والأقلام  والأغلفة واللوحات التدريسية".

وأشار الوزير إلى منح 102 ترخيصاً مسبقاً لـ66 متعاملاً اقتصادياً في مجال تصنيع الأدوات المدرسية.

وبين وزير التجارة أن هدف الحكومة هو الوصول إلى تصنيع كل هذه المستلزمات محليا وتلبية الطلب الوطني، لافتا إلى أن البلاد أصبحت اليوم تصدر بعض المستلزمات مثل الأقلام بكميات كبيرة وبجودة عالية.

كراريس

ضبط

يعتقد الناشط الجمعوي، فادي تميم، أن من بين الآليات المفيدة في منع أسعار الأدوات المدرسية من الارتفاع هي الأسواق الجوارية التي تباع فيها مختلف المستلزمات بأثمان معقولة مقارنة بتلك الموجودة عند بعض تجار التجزئة.

وأكد وزير التجارة الطيب زيتوني لدى إشرافه على إطلاق المعارض الوطنية الخاصة بالمستلزمات المدرسية بالمدية أن "الأسواق الجوارية بالولايات أثبتت فعاليتها في كسر سلاسل الوسطاء الذين يستغلون هذه المناسبات لرفع الأسعار، وهي تجربة ناجحة تم تجريبها خلال شهر رمضان الماضي، حيث ساهمت هذه الأسواق في ضمان تموين منتظم واستقرار في الأسعار".

وكشف زيتوني عن إطلاق 182 معرضًا عبر ولايات الوطن، بمشاركة أزيد من 1358 متعاملاً، مشيرا إلى أن هذه التظاهرة ستتواصل لتشمل باقي الولايات بالتنسيق مع الولاة.

ويطالب المنسق الوطني للمنظمة الوطنية لحماية وإرشاد المستهلك ومحيطه فادي تميم بضرورة أن تعمّم هذه الأسواق الجوارية في كل الولايات، وفي مختلف المناطق حتى يتمكن المستهلك من الوصول إليها لكسر أسعار بعض تجار التجزئة المبالغ فيها.

وأشار فادي تميم إلى أن هذه الأسواق تلقى إقبالًا كبيرًا من قبل العائلات الباحثة عن التحضير المسبق للدخول المدرسي، وذلك بهدف توفير بعض النفقات التي لا يمكن ربحها لو أخرت العائلات تسوقها حتى انطلاق السنة الدراسية الجديدة.