29-يوليو-2024
المحكمة الدستورية (فيسبوك/الترا جزائر)

مع العدّ التنازلي للمرحلة الثانية من مسار الانتخابات الرئاسية في الجزائر، تُواجه المحكمة الدستورية، تحديات مهمة في تدقيق ومراقبة ملفات المترشحين الذين قُبلت ملفاتهم في مرحلتهم الأولى من قبل السلطة المستقلة الوطنية للانتخابات، للمرور إلى المنافسة الرئاسية في الـ 7 أيلول/سبتمبر المقبل، وهي التحدّيات المفصلية خصيصًا في علاقة بمراجعة الطعون التي قدمها الراغبون في الترشح بعدما رفضت السلطة الوطنية للانتخابات ملفاتهم.

أستاذ القانون عبد العالي فادن لـ "الترا جزائر": المحكمة الدستورية لها السلطة التقديريةوتخضع للقانون ولا تتجاوزه

رسم خارطة المنافسة؟ 

تترقّب الأوساط السياسية في الجزائر، ما ستسفر عنه هذه المرحلة أو الجولة الحاسمة، من عُمر المرحلة التقنية لتجهيز المنافسة الانتخابية، إذ يعتبرها المتابعون للشأن العام في البلاد أنها من بين أصعب المراحل في أي مسار انتخابي، فيما تعلّق بتدقيق ملفات لأسماء يحتمل أن تكون في السباق نحو قصر الرئاسة، فضلًا عن إنصاف الراغبين في الترشح سواءً بالإيجاب أو بالسلب.

في هذا المنحى، تبقى سُلطة "المحكمة الدستورية" لها حيز يتسع بقوة القانون؛ فمن ناحية تحتكم بما يجود به الدستور من مواد وفقرات قانونية ونصوص، ومن منظومة القوانين النّاظمة للعملية الانتخابية في البلاد، من ناحية أخرى، كما يفيد به خبراء القانون، إلاّ أنها في الآن نفسه" سُلطة عليا تسير وفق مدوّنة الأخلاق القانونية وقيمها التي يضمنها دستور البلاد.

في هذا الصدد فإنّ المحكمة الدستورية هي من يحدّد الخريطة النهائية للمرشحين، في علاقة بـ" تصفيات ملفات وكل ملف منفردا، فضلا عن معالجة التوقيعات بطريقة يدوية ثم آلية.

يذكر أستاذ القانون، غربي أحسن، في إفادة بحثية حول هذه المؤسسة عقب التغيير الدستوري الأخير لسنة 2020، أنّ المحكمة الدستورية، كمؤسسة رقابية مستقلة استحدثها المؤسس الدستوري، لتنوب عما كان يسمى بـ" المجلس الدستوري"، فدورها الأساسي "ضمان احترام الدستور وضبط سير المؤسسات ونشاط السلطات العمومية".

استقلالية القرار

وبالنّظر إلى مكوّنها من الكوادر القضائية رفيعة التكوين والمسار المهني، وهو فريق بـ 12عضوًا يمثّلون السلطة التنفيذية والسلطة القضائية والهيئة الناخبة.

وفي الشقّ آخر، يُضيف غربي في إفادته الأكاديمية، أنّ "المؤسّس الدستوري وسّع من صلاحيات المحكمة الدستورية مقارنة بالمجلس الدستوري سابقًا.

وفي غضون التعديلات دائمًا "ميّز الدستور المحكمة الدستورية بالعديد من الخصائص والمقومات التي لم تكن موجودة في المجلس الدستوري، وذلك من الناحيتين العضوية والوظيفية".

من خلال هذه الانعطافة البسيطة، فإنّ قرارات المحكمة الدستورية خاصة بمناسبة تنظيم الانتخابات الرئاسية المقبلة، وملفات الراغبين في الترشح فهي بعد قرار المحكمة "غير قابلة للطعن"، إذ كشف المدير العام للشؤون القانونية والقضاء الدستوري بالنيابة، أحمد إبراهيم بوخاري على أنّ المحكمة تلقت خمسة طعون تقدم بها راغبون في الترشح بعدما رُفضت ملفاتهم من قِبَل السّلطة الوطنية المستقلة للانتخابات.

في هذا الخصوص، ومن الناحية القانونية، فإنّ الطعن الأخير والخامس، وصل المحكمة خارج الآجال القانونية، أي استقبلته المحكمة بعد مضي ثلاثة أيام؛ أي 78 ساعة من الموعد القانوني وهو المحدد بـ 48 ساعة من تسليم قرارات السلطة (الخميس الماضي).

ولكن إجرائيًا المحكمة بحكم القانون أيضًا لا يمكنها رفض تسلم أي ملف، وستُعالجهم معالجة "عادلة" مستعملة "روح القانون" أي الدستور، من حق أي طاعن أن يُقدم لها طعنه وهي من واجبها في المقابل من ذلك قبوله.

في هذا الشأن، أكّد بوخاري أنّه "تمّ إيداع طعن اليوم الأحد وسيتم دراسة هذا الملف مثله مثل باقي الملفات المودعة من طرف الراغبين في الترشح الذين رفضت ملفات ترشحهم من قبل السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات".

هذا التصريح نبّه إلى طرح السؤال التالي: هل ستدرس المحكمة هذا الطعن الذي وصل المحكمة خارج الآجال القانونية شكلاً أم مضمونًا؟

في هذا الصدد يقول أستاذ القانون عبد العالي فادن لـ "الترا جزائر"، إن المحكمة الدستورية لها السلطة التقديرية، وتخضع للقانون ولا تتجاوزه، موضحًا بأنّ دراسة الطعون على مستوى الشّكل تعني أنها ستدرسها أولًا: "من حيث احترام آجال الطعن ثم تتحقق من هوية الطاعن".

ومباشرة بعد ذلك، يواصل المتحدث بأنها، تقوم بذلك قبل الذهاب نحو مناقشة المضمون؛ وهو المرتبط بالحجج القانونية التي يقدّمها صاحب الطعن والأدلة التي يعتمد عليها في تعزيز موقفه، بـ "تمكينه" -حسب وجهة نظر الطاعن" من " حقه في الترشح".

احتمالات قانونية

إلى ذلك، وما هو متداول في الساحة السياسية، على الأقل هناك طعنان يمتلكان نسبيًا إمكانية لإعادة النظر و"ربما يمكن للمحكمة الدستورية أن تعطيهما قرارات مخالفة لقرار سلطة الانتخابات، ويتعلّق الأمر برئيس حزب التحالف الوطني الجمهوري، بلقاسم ساحلي، وسيدة الأعمال سعيدة نغزة، لكن هناك أمور للتدقيق في علاقة بالاستمارات وتكرارات التوقيعات التي يمكن أن تكون محل متابعة من العدالة.

ترقب قرارات المحكمة الدستورية في غضون الثالث آب/ أوت الداخل، كحدّ أقصى، هو الفيصل في النهاية، في مقابل هناك احتمالات أن تتجاوز انتظار الحسابات السياسية لكلا الشخصيتين.

لكن من خلال التّجارب السياسية السّابقة، يتأكّد أن قرار اللجنة مرتبط باعتبارات عديدة من بينها اعتبارين من مستويين اثنين وهما:

المستوى الأول لأنّ المحكمة الدستورية ذات سُلطة قانونية، ويعني ذلك أنّ قراراتها "غير قابلة للطعن، كما سبق وأن تم ذكره سابقًا، لكن في المقابل من ذلك، فإنّ أي قرار تتخذه بناءً على التحري والمراقبة للملفات، " قد يكون له تأثير على خريطة المترشحين".

هذا الأمر السابق الذكر، يمكن ملاحظته خصوصًا وأن المحكمة الدستورية، أقرت حسب تصريحات المدير العام للشؤون القانونية والقضاء الدستوري بالنيابة، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الجزائرية بأنّها تعمل على التحقق اليدوي لاستمارات الاكتتاب، ثم تحويلها مباشرة إلى مصلحة الإعلام الآلي، التي ستتولى الدراسة الآلية والمعلوماتية لها".

هذا الأمر يعني أنّ الملفات ستكون تحت مجهر القانون، ما يترتب عليه عدة تداعيات قد تحمل مفاجآت تخصّ المعنيين، خاصة من حيث التجاوزات.

من خلال التّجارب السياسية السّابقة يتأكّد أن قرار اللجنة مرتبط باعتبارات عديدة

 أما المستوى الثّاني من القرارات، فهو سيكون " تاريخي"، مهما كان وقعه على المعنيين بالطعون، لأن المحكمة أمام فرصة لإثبات استقلاليتها في حال ما إذا اتخذت قرار يذهب إلى إنصاف بعض الراغبين في الترشح، أو "إثبات " ما تفضلت به سلطة الانتخابات ولكن بالقانون وبأدلة دامغة.