29-أغسطس-2024
تبون

مترشحون للرئاسيات الجزائرية (الصورة: الترا جزائر)

تُواجه القنوات التلفزيونية في الجزائر، موجةً من الانتقادات من مرشّحي المُعارضة وملاحظين، إذ يرجّحون انحيازها لـ "مرشّح السلطة" وانتهاك أحكام التشريعات الإعلامية الموجبة للإنصاف في تغطية المترشحين أثناء الحملة الانتخابية.

قال المترشح عبد العالي حساني إن القنوات التلفزيونية تكتفي ببث المقاطع التي يُروج فيها لأهمية الموعد الانتخابي

إلى هنا، اعترضت مديرية المترشّح عبد العالي حساني شريف لدى السلطة المستقلة للانتخابات على طريقة التناول الإعلامي للانتخابات، وطالبتها كتابيًا بالتدخّل لفرض تكافؤ الفرص وعدم الانحياز لمترشّح على حساب مرشحها.

في هذا السياق، كتب أحمد صادوق مدير حملة حساني في تدوينة له، نشرها بعد انطلاق الحملة الانتخابية "تُخصّص محطات تلفزيونية حيزًا زمانيًا محدودًا للمترشّح مقارنة بما يحصل عليه مساندو الرئيس المترشح عبد المجيد تبون".

ولفت الى أن مبدأ تكافؤ الفرص"غير محقّق من حيث التغطية الإعلامية، لبعض القنوات الخاصة والعمومية ما يخالف حسبها الميثاق الذي أمضاه ممثلو وسائل الإعلام مع سلطة السمعي البصري تحت إشراف السلطة المستقلة للانتخابات، الذي ينصّ في عمقه على الوقوف بمسافة متساوية بين المرشحين الثلاثة".

هذا الميثاق الصادر في 29 تموز/جويلية برعاية وزارة الاتصال يتضمّن على مجموعة من المبادئ أهمّها الحرص على أن تكون التغطية الصحفية للنشاطات والعملية الانتخابات متوازنة وغير منحازة.

ويُطالب الميثاق الصحافيين باجتناب أي إغراءات أو امتيازات بأي شكل من الأشكال مقابل معلومات لنشرها أو بثها".

"شاهد ماشافاش حاجة"

تجاوبت السلطة المستقلة للانتخابات مع الشكوى، ببيان ناشدت فيه القنوات التلفزيونية العمومية والخاصة الامتناع عن أيّة معاملة تفضيلية إزاء أيّ مترشح للانتخابات الرئاسية المسبقة، و"ضمان تغطية منصفة وموضوعية أثناء الحملة الانتخابية لجميع المرشحين للانتخابات الرئاسية"، و"الإنصاف في المشاركة في الحصص المبرمجة والتوقيت المخصص للمرشحين أو ممثليهم للتعبير وفي معالجة المعلومة وتغطية المرشحين أثناء الحملة الانتخابية".

وأعلنت في بيانها أنها رفعت الانشغال إلى هيئة السمعي البصري الموكل لها تطبيق أحكام القانون ذات الصلة بالحياد في الحملات الانتخابية.

وتُتيح لها تلك الأحكام  في (المادة 276)، معاقبة القنوات المخالفة لقواعد الإنصاف في الحملة الانتخابية بتسليط غرامة مالية وإلغاء البرنامج محل الاحتجاج، أو تعليق الرخصة الممنوحة للقناة لمدة لا تقل عن شهر واحد.

 لكن باستثناء التلفزيون العمومي لم يتغيّر الوضع كثيرًا، رغم مناشدات المترشح حساني بنفسه، حيث سجل في تصريحات له أن هذه القنوات لم تكتف بالتحيز الإعلامي الممارس ضدّه؛ بل في اختيار المقاطع المختارة من قبل هذه القنوات لبثها في نشراتها الرئيسية حيث تكتفي حسبه ببث المقاطع التي يروج فيه لأهمية الموعد الانتخابي، مما جعله يقلّص من الحديث عن الترويج للمشاركة في الانتخابات.

عاودت إدارة حملة حساني الاحتجاج بلهجة غاضبة، معتبرةً أن المحطات تجاوزت "كل الخطوط الحمراء"، و"داست على أخلاقيات المهنة وقانون الانتخابات الذي يفرض الوقوف بمسافة متساوية من المرشحين، وضمان التغطية العادلة بينهم".

واتهمت السلطة المستقلة للانتخابات وسلطة ضبط السمعي البصري بالعجز عن ضبط وردع ما وصفه بالانفلات ما يعبر-حسبها عن "فشل ذريع في المهمة ".

امتياز البث المباشر

بدورها رفعت إدارة جبهة القوى الاشتراكية احتجاجًا إلى سلطة الانتخابات تضمن جردًا بالتجاوزات المسجلة خلال 10 أيام الأولى من الحملة الانتخابية، أهمها التحيز في التغطية الإعلامية.

وقال جمال بالول، مدير الحملة الانتخابية للمرشح يوسف أوشيش في حديث إلى "الترا جزائر"، إنه "سجلنا عدّة انتهاكات للتشريع الانتخابي وقواعد المنافسة النزيهة، منها امتياز البث المباشر (لمرشح السلطة) وعدم تكافؤ التغطية الإعلامية".

امتد النقد أيضًا إلى الصحف الورقية المتهمة بالتحيز، واستندت الانتقادات إلى ما تعكسه الصفحات الأولى للجرائد والمساحات المخصصة لللانتخابات.

إلى هنا، تأسّف النائب أحمد بلجيلالي نائب حركة مجتمع السلم في تصريح لـ "الترا جزائر" عمّا وصفه بالتحيز، وقال إن "حرية الإعلام صارت في الحضيض، فالصحف لا تجرؤ على المساواة في حجم صور المرشحين". وتابع: "انظروا إلى تغطيتها لتجمع مرشح السلطة (في وهران) لقد احتل الصفحة الاولى لوحده في أغلب العناوين".

تُعد التجاوزات المنسوبة لوسائل الإعلام، جزءًا من انتهاكات سجّلتها المعارضة، وقعت خلال أول أسبوعين من الحملة الانتخابية، منها استغلال وسائل الدولة وانخراط الإدارة المباشر في دعم مرشح السلطة، وتكليف وزير الداخلية بمديرية حملة الرئيس المترشح تبون، وانخراط مسؤولي مجالس عمومية على شاكلة المجلس الأعلى للشباب والمرصد الوطني للمجتمع المدني في الحملة. وطرد طاقم مرشح معارض من فندق بالجنوب لإفساح مجال لمرشح السلطة.

أمر متوقع

وفي اعتقاد الباحث والمحلّل حكيم بوغرارة، فإن موقف حركة مجتمع السلم، سليم من الناحية القانونية، وقال في حديث إلى "الترا جزائر" من خلال متابعة بسيطة لوسائل الإعلام يمكن رصد حالة الارتباك وعدم القدرة على التخلص من أساليب الدعاية والعمل بضوابط وأخلاقيات المهنة وهذه ظاهرة في الإعلام الجزائري"، مبرزًا أن هذا الوضع وليد تراكمات فقطاع الإعلام يفتقد لتشريعات كاملة ومتكاملة وبيئة صحية لممارسة نشاطه بموضوعية واحترافية، على حد قوله.

واستدرك أن احتجاج حركة "حمس" مقبول جزئيًا في فترة الانتخابات ولكنها بحكم وجودها في البرلمان مسؤولة عن هذا الوضع حكم لسكوتها عن تأخّر صدور المراسيم التطبيقية ومنها ميثاق آداب وأخلاقيات المهنة، لأنها لم تمارس ما يكفي من الضغط لإلزام السلطة بالتعجيل بهذه النصوص".

حكيم بوغرارة لـ "الترا جزائر": من خلال متابعة بسيطة لوسائل الإعلام يمكن رصد حالة الارتباك وعدم القدرة على التخلص من أساليب الدعاية والعمل بضوابط وأخلاقيات المهنة

 وبدوره اعتبر رشيد حساني عضو قيادة "التجمّع من أجل الثقافة والديمقراطية" أن هذه الممارسات الإعلامية المتحيزة كانت متوقّعة والمرشحان (حساني وأوشيش) كانا على علم مسبق بما ينتظرهما، وقال لـ "الترا جزائر" في هذا السياق: "المترشّحان اختارا المشاركة في مسارٍ انتخابي مبرمجةٌ نتائجهُ ولا جدوى من الشكوى"، وتابع "الأمور محسومة ونحن نتطلع لما ستفعله السلطة بعد السابع سبتمبر".