20-أبريل-2021

الانتخابات التشريعية امتحان صعب للسلطة (صورة أرشيفية/ رياض كرامدي/ أ.ف.ب)

يعدّ الأسبوع الجاري حاسمًا في مسار القوائم المرشّحة للانتخابات التشريعية المقرّرة في الـ 12 حزيران/جوان المقبل، إذ ينتهي في منتصف ليلة الجمعة المقبل، آخر أجل لإيداع القوائم لدى السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، واستكمال الملفات وتوقيعات الناخبين.

تعزِف بعض الكفاءات والنخب من الترشّح تحت عباءة الأحزاب السياسية المعروفة في الساحة

في نهاية هذا الأسبوع سيُفرج عن العدد الأولي للقوائم المرّشحة قبل معالجتها من قِبَل اللّجنة التي يتعيّن عليها أن تُعلن في غضون ثمانية أيّام عن القوائم النهائية المؤهّلة للتّنافس على المقاعد النيابية الــ 405 في الغرفة السفلى للبرلمان الجزائري.

اقرأ/ي أيضًا: قرابة 25 مليون ناخبًا مسجلون في التشريعيات

 

أيّام معدودات وتغلِق السّلطة خطوة القوائم المرّشحة، والانتهاء من إعداد ملفّات المرشحين سواءً في القوائم الحزبية أو القوائم المستقلّة، واستخراج كافة الوثائق المطلوبة منها، وبتشكيل القوائم النهائية للمرشّحين حسب كل ولاية، لتقديمها الى لجنة الانتخابات.

السّرعة القصوى 

ومن دون شكّ، فإن الراغبين في الترشّح ستكون أيامهم متسارعة، وآخر فرصة على مستوى جمع التوقيعات المطلوبة تحسبًا للانتخابات البرلمانية في الجزائر، حيث يتعيّن على كلّ حزب جمع 25 ألف توقيع، تكون موزّعة على 23 ولاية على الأقلّ، على ألا يقلّ عدد الاكتتابات في كل ولاية عن 300 توقيع، ليتم قبول قوائم الحزب في كل الولايات ومناطق الجالية، فيما يتعيّن على القوائم المستقلة جمع 100 اكتتاب عن كل مقعد من المقاعد المطروحة للمنافسة في الولاية. 

من جانبها تقول السّلطة المستقلة للانتخابات، في آخر البيانات الإحصائية التي كشفت عنها، وجود أكثر من أربعة آلاف قائمة بين حزبية ومستقلّة أعلنت عن نيتها الترشّح وسحبت استمارات التوقيعات، ورغم أن هذا الرقم لازال أوليًا ولم يتم دراسته بعد، إلاّ أنّه مهمّ برأي متابعين للعملية الانتخابية؛ إذ يُفيد حسبهم بأنّ قانون الانتخابات الجديد وضع للرّاغبين في ممارسة المرحلة النيابية والسياسة من بوابة البرلمان فرصة خوض التجربة الانتخابية رغم ضيق الوقت بالنسبة للعديد من المتقدّمين لها، على اعتبار سنّ قانون جديد، والإفراج عن مكونات سياسية متعددة فضلًا عن بروز معتبر لقوائم الأحرار.

كما ستفصل الهيئة الرسمية، هذه الأيّام في قوائم الأحزاب الكبرى للإعلان عن القوائم، وهي أحزاب عادة ما تعرف صراعات حادّة بين كوادر الأحزاب كجبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، وأيضًا الأحزاب الفاعلة التي تعرف بالانضباط الحزبي كحركة مجتمع السلم وحركة البناء الوطني.

عزوف أم مخاوف؟

حزبيًا دائمًا، لجأت بعض الأحزاب إلى مسألة "توظيف أسماء للترشّح في قوائمها"، حيث لم تتردد بعض الأحزاب على إعلان انفتاحها لقبول ترشح بعض الكوادر من غير قاعدتها النضالية في قوائم الحزب، وهو ما أعلن عنه حزب "العدل والبيان" بقيادة النائبة السابقة في البرلمان نعيمة صالحي، أعلن عن طلب مرشّحين في صفوفه، معبرًا عن "انفتاحه على الكوادر من غير المناضلين، ويركز في مطلبه على الشباب للانتماء انتخابيا تحت قبعة الحزب". 

ومن خلال تصريحات بعض الشخصيات، فتحت الأحزاب أبوابها للكوادر والشباب للترشح في صفوفها، وهو ما أعلن عنه رئيس حركة البناء الوطني، عبد القادر بن قرينة، لافتًا إلى أن أكثر من 65 في المائة ممن ترشّحوا تحت مظلة الحركة عم من خارج قاعدتها النضالية، ومن فئات مجتمعية مختلفة. 

يبدو أن هذه المعطيات، ليست سابقة في تاريخ الممارسة السياسية في الجزائر، فبالأرقام يوجد في الساحة أكثر من 76 حزبًا معتمدًا، سبق لها أن قدمت عروضًا لأشخاص ورجال أعمال للترشّح في قوائمها في المواعيد الانتخابية السابقة سواء التشريعيات أو المحلية والولائية، غير أنّ الإشكال الذي برز على سطح الأحداث هو ما جدوى وجود هذ الكم المعتبر الأحزاب وكيف تنشط فعليا؟

يطرح متابعون في الجزائر إشكالية طبيعة الممارسة الحزبية في الجزائر في المواعيد السياسية الكبرى، إذ كشف الباحث في العلوم السياسية، فريد بلعالية، من جامعة الشلف غرب العاصمة الجزائرية لـ "الترا جزائر"، أننا اليوم أمام معضلة حزبية نضالية، إذ تشتغل التشكيلات السياسية حسبه عكس التيار السياسي والعملية السياسية برمتها، مضيفًا أن "الحزب أفرغ من كينونته ووجوده في الساحة السياسية".

من الواضح أن الحراك السياسي والشعبي الذي تعرفه الجزائر منذ شباط/ فيفري 2019، قدم صورة مختلفة جدًا عن هذه الأحزاب السياسية، إذ وصف الأستاذ بلعالية بعضها بأنها " احترقت جماهيريًا"، مشيرًا إلى أن القوائم الانتخابية في التشريعيات القادمة ستمتحِن صلابة المنظومة الحزبية في الجزائر، وتختبر نوعية بنائها وطبيعة عملها في الميدان". 

  ترشّح بلا قيود 

الملفت للانتباه أيضًا، أن فترة جمع التوقيعات بالنسبة للمترشّحين، أفرزت ظاهرة جديدة، إذ تعزِف بعض الكفاءات والنخب من الترشّح تحت عباءة الأحزاب السياسية المعروفة في الساحة، في مقابل سباق محموم للأخيرة لأجل تكوين قوائمها وتأثيثها بوجوه معروفة أو بكفاءات ذات سيرة ذاتية مقبولة. 

هذا الرفض عززه أولًا المعطى السياسي بفضل قانون الانتخابات الجديد، الذي منح الفرصة للكوادر للترشّح وإغراءات سياسية استقطبت الكثيرين على حد تعبير وليد بودهان وهو دكتور بيطري تقدم لجمع التوقيعات في قائمة حرة بولاية خنشلة شرق الجزائر، مضيفا لـ "الترا جزائر" أن المعطى الثاني وهو ميداني إذ "باتت الأحزاب السياسية القديمة جزءًا من منظومة سابقة شكلت حاجزًا نفسيًا أمام الكتلة الشعبية أو بالأحرى لم تعد محلّ ثقة الشعب"، كما قال.

تتسلم اللجنة الوطنية للانتخابات قوائم المرشحين قبل انتهاء يوم 22 نيسان/أفريل الجاري

إجرائيًا، من المنتظر أن تتسلم اللجنة الوطنية للانتخابات قوائم المرشحين قبل انتهاء يوم 22 نيسان/أفريل الجاري، وهو آخر أجل دستوري لتسليم القوائم، وكذا لاستكمال آخر الاستعدادات الفنية وتعيين المندوبين المحليين وأعوان مكاتب الاقتراع. 

 

اقرأ/ي أيضًا:

إسقاط العتبة والتساهل في مسألة المناصفة خلال التشريعيات المقبلة

قانون الانتخابات الجديد.. نحو حلّ مشكلة المال الفاسد والعزوف الانتخاب