28-أغسطس-2021

(الصورة: مباشر)

في إطار البحث عن آليات إعادة التوازنات المالية الداخلية والخارجية، شدد الوزير الأوّل، وزير المالية أيمن عبد الرحمن، خلال اجتماع مجلس الوزراء على ضرورة تغطية نفقات التسيير من خلال الجباية العادية، وذلك بواسطة توسيع الوعاء الجبائي والتحصيل الضريبي.

مولود مدّي: نسيج المؤسّسات الصغيرة والمتوسطة لا يزال ضعيفًا وغير قادر عن إيجاد ديناميكية قوية

يُشار أن الحكومات الجزائرية السابقة اعتمدت على تغطية النفقات التسيير عبر صندوق الإيرادات العامة، التي قدّرت ميزانيته بـ 5564 مليار دينار محصلة من مداخيل البترول، والتي استهلكت خلال سنيتن تقريبًا، كما اعتمدت حكومة أحمد أويحيى الوزير الحكومة السابق على صيغة التمويل غير التقليدي، أو طباعة النقود التي قدرت بـ6565 مليار دينار أي 35 في المائة من الناتج الخام المحلّي.

اقرأ/ي أيضًا: بيع حصص المؤسسات العمومية.. تخلص من البيروقراطية أم ضرورة اقتصادية؟

نحو حوكمة الميزانية    

في سياق الموضوع، يقول سعودي محمد، الخبير الاقتصادي في حديث لـ "التر جزائر"، إن الاعتماد على الجباية العادية في تغطية النفقات التسيير هو من مبدأ حوكمة الميزانية، مضيفًا أنه لا يمكن أن تشكل الجباية البترولية موردًا لتغطية وتمويل كافة ميزانيات الدولة.

وتابع المتحدث، أن قرار وزير المالية من شأنه خلق توازن عقلاني في الموازنة العامة، وأن الوصول إلى تغطية ميزانية التسيير في حدود 85 بالمائة من الجباية العادية هو هدف الحكومة، والتي ممكن تحقيقها إذ ما تم مقارنه بالسنة المالية السابقة.

هنا، يوضّح سعودي أن الحكومة ستعتمد لتحقيق الرهان على ترشيد النفقات العمومية، وعقلنة مصاريف بعض القطاعات الحكومية، وإعادة النظر في نمط حياة هياكل وأجهزة بعض الإدارات.

استبعاد رفع الضرائب

من جهته، استبعد الخبير الاقتصادي لجوء حكومة أيمن عبد الرحمان إلى رفع الضرائب وبعض الرسوم خلال السنة المالية القادمة، واعتبر أن الجزائر تعيش فترة ركود اقتصادي نظرًا لانعكاسات أزمة كورنا على الوضعية المالية للبلد والمؤسّسات الصناعية والخدماتية.

وفي تقدير محمد سعودي، أن التوسيع التحصيل الضريبي يتمثل في البحث عن الضرائب غير المسددة، ومكافحة مجالات التهريب الجبائي، واستعادة الأموال المنهوبة، واسترجاع الأموال النائمة في السوق السوداء بعيد عن القنوات الرسمية، حيث يشار هنا أن حجم التهرب الضريبي بحسب بعض الخبراء يقدر بـ 12 ألف مليار دينار.

المؤسسات الصغيرة والمتوسطة

في مقابل ذلك، تتجه الحكومة إلى تعزيز وتقوية المؤسّسات الصغرة والمتوسطة، وهو ما تبيّن من تصريحات الوزير المنتدب لدى وزير الأول المكلف بالمؤسسات المصغرة، الذي أكّد أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تمثل ما لا يقل عن 97 بالمائة من إجمالي المؤسّسات، وتوظف ما لا يقل عن 56 بالمائة من اليد العاملة.

في هذا الصدد قال مولود مدي، المهتم بالشأن الاقتصادي والمالي، إن الجزائر ومنذ بداية الثمانيات تخلّت عن فكرة التحديث الاقتصادي اعتمادًا على الشركات العمومية الكبرى.

وأضاف محدثنا، أن الدولة توجّهت إلى فتح المجال أمام المؤسّسات الصغيرة والمتوسطة وخلق مؤسسات عبر صيغتي: الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب والوكالة الوطنية لتطوير الاستثمار. مستدركًا أن نسيج المؤسّسات الصغيرة والمتوسطة لا يزال ضعيفًا وغير قادر عن إيجاد ديناميكية قوية.

وبحسب مدي، فإن المؤسسات الصغرى التي تشغل 10 أشخاص هي السائدة حسب الديوان الوطني للإحصاء، غير أن "المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تعاني من محيط بيروقراطي يعيق تحولها إلى قيمة مضافة في النسيج الاقتصادي".

يُرجع المتحدث هذه العقبات إلى صعوبة الحصول على تمويل بنكي أو قروض مالية من مؤسسات مصرفية، إضافة إلى أزمة الحصول على عقار صناعي، وغياب الشفافية في إدارة ملف العقار الصناعي، على حدّ قوله.

كما أفاد المتحدث أن البيئة التي تشجع قطاع المؤسّسات الصغيرة والمتوسطة بحاجة إلى مناخ قانوني وضريبي مستقر، ونظام مالي متطور وسوق مالية عصرية، مؤكّدًا على ضرورة القضاء على مركزية القرار الاقتصادي والتوجّه نحو اللامركزية قصد التنويع النشاطات الاقتصادية.

دور المؤسسات الكبرى على غرار سوناطراك وسونلغاز خلق شبكات مؤسّساتية تعمل على تلبية حاجياتها من مواد مصنعة، وتزويدها بخدامات فرعية وتعمل على تمويلها قصد تشجيع خلق مناخ استثماري تكون فيه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة القاعدة الاقتصادية، يضيف محدّث "الترا جزائر".

تحتاج الحكومة إلى وضع آليات شفافة لمراقبة المال العام وترشيد طريقة تسييره

وعلى العموم، تحتاج الحكومة إلى وضع آليات شفافة للمراقبة المال العام وكيفية تسييره، والأمر بحاجة إلى تعزيز دور رقابة المؤسسات التشريعية وهيئات مكافحة الفساد، كما أن بعث المؤسسات الصغيرة والمتوسطة يشمل إعادة النظر في كيفية تمويل تلك المؤسسات والانتقال إلى التمويل الاقتصادي بدل الصناديق المالية الريعية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

نسيم ضيافات: لا أحد سيدخل السجن بسبب "أونساج"

إعادة جدولة جديدة لديون شباب "أونساج"