03-سبتمبر-2024

مركز انتخابات بالعاصمة ( تصوير: مصعب رويبي/الأناضول)

يدخُل المسار السياسي في البلاد، غدًا الأربعاء، مرحلة الصّمت الانتخابي التي تستمرّ إلى غاية الـ 7 أيلول/ سبتمبر الحالي، وهو موعدُ الاستحقاق وفتح صناديق الاقتراع أمام النّاخبين، وسط آمال المترشّحين الثلاثة المعلّقة على تحقيق نسبة مشاركة مهمّة وتصويت المواطنين واختيار المرشّح الأنسب.

أنهى المرشّحون الثلاثة معركة الميدان على مدار 20 يومًا، حاولوا خلالها استقطاب المواطنين الناخبين، وجمعهم في القاعات، بغية إقناعهم بالمشاركة والانتخاب

صخب سياسي

بعد أيامٍ من الصّخب الانتخابي والتجمّعات الشّعبية واللّقاءات الجوارية للمرشحين الثلاثة والداعمين لهم من أحزاب ومكوّنات المجتمع المدني، ومعها يشهد الشارع حالة عادية، إلى حدّ ما، إذ عَرف آخر يوم من الحملة الانتخابية ضغطًا كبير واشتدت المنافسة من حيث الخِطاب الموجّه للمواطنين على عدة مستويات.

ودعت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، 24 مليونا و351 ألفًا و551 ناخبًا للتصويت، على ثلاثة مرشّحين وهم: مرشح جبهة القوى الاشتراكية، يوسف أوشيش، ومرشّح حركة مجتمع السلم، عبد العالي حساني شريف، والمترشح الحرّ، عبد المجيد تبون.

سباق افتكاك الأصوات

بالأرقام سجلت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، ما يربو عن 24 مليون ناخب، وهذا بحسب تصريحات رئيس الهيئة الرسمية محمد شرفي، لتكون الكرة في ملعب المترشحين لإقناع الناخبين ببرامجهم.

منذ يوم الـ 15 من شهر آب/ أوت الماضي إلى غاية الثالث من شهر  أيلول/ سبتمبر الحالي، خطت الأسماء الثلاثة المحطة الأولى من عُمر السّباق نحو الانتخابات الرئاسية المقررة في الـ 7 أيلول/ سبتمبر الجاري، ومباشرة الصمت الانتخابي وتحضير المداومات والمراقبين للعملية الانتخابية.

بالنسبة للثلاثي الذي يخوض المنافسة نحو قصر المرادية بالعاصمة، انتهت مهمتهم أمام كشف الأوراق التي يراهنون عليها لافتكاك أصوات الناخبين، بعد مرورهم عبر امتحان جمع التوقيعات للترشح للسباق، ثم تصفيات السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، وأخيرًا القرار النهائي للمحكمة الدستورية، وعرض البرامج لثلاثة أسابيع.

من الميدان إلى الصندوق

أنهى المرشّحون الثلاثة معركة الميدان على مدار 20 يومًا، حاولوا خلالها استقطاب المواطنين "الناخبين"، وجمعهم في القاعات، بغية إقناعهم بالمشاركة والانتخاب.

كانت محاور البرامج محلّ تركيز من قِبَلِ المرشحين الثلاثة، إذ صرح مرشّح جبهة القوى الاشتراكية، يوسف أوشيش، بأنّ الهدف الأساسي للمشاركة هو زرع النظر للمستقبل و"قطع الطريق أمام أولئك الذين يريدون زرع الكراهية والانقسام بين الجزائريين".

مرشح الأفافاس (43 سنة) لفت أنه يسعى لتحقيق مشروع وطني، يحمل "رؤية ورسالة أمل لكلّ الجزائريين الراغبين في غد أفضل".

بعد غياب الحزب عن الرئاسيات لمدة 25 سنة، نشّط مرشّح جبهة القوى الاشتراكية العديد من التّجمعات الشعبية في الولايات، ووجد تجاوبًا لافتًا عند المواطنين.

وفي علاقة بالملف الاجتماعي؛ التزم أوشيش بـ "مكافحة البطالة خاصة في أوساط الشباب"، موضحًا في عديد لقاءاته الجماهيرية بأهمية " الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات كل منطقة من مقومات طبيعية وبدورها تؤهل لإنشاء مشاريع توفر الشغل وتمتص البطالة".

وفي السياق؛ وعد بتحسين المعيشة للجزائريين وذلك عبر عملية "مراجعة الأجور والرفع من قيمة المِنح الموجّهة للفئات الهشة".

كما يُراهن المرشح على معطيات حالية، إذ قدم "رؤيتهّ بإمكانية التغيير وعدم الركون على هامش الأحداث".

لأول مرة يخُوض مرشّح حركة مجتمع السلم، عبد العالي حساني شريف،  المواجهة العلنية، خاصة بعد غياب الحركة عن المنافسة الانتخابية الرئاسية، منذ ربع قرن من الزمن، كما اعتبر هذه الاستحقاقات "فُرصة" للاستمرار على نهج بيان نوفمبر 1954.

وقال مرشّح "حمس" (62 سنة)، خلال التجمعات واللقاءات التي نشّطها بأنّها "خُطوة نحو مواصلة بناء اقتصاد قوي يحقّق الرخاء للجزائريين ويحافظ على الأمن الاجتماعي للجزائريين".

كما أعلن مرشّح "حمس" عن ضرورة إعادة تهيئة إدارية لمختلف الولايات، برسم تحويل مدن لولايات جديدة، معبّراً عن التزامه بالتّخطيط وتنفيذ مشاريع تخصّ تطوير التنمية التحتية في كل منطقة، وذلك عبر حصرها في استراتيجية يعدها الخبراء، "من خلال مقاربة اقتصادية واجتماعية، كما قال.

وفي هذا المضمار؛ شدّد على أنّ "فُرصة" يرتكز على إنجاز منشآت كبرى، والعمل على تنفيذ عدة مشاريع تستحقها كل منطقة، وفي دائرة اهتمامات وانشغالات المواطنين، وتستجيب أيضًا لاحتياجات مختلف الفئات.

من خلال عرضه للالتزامات في خطابه بقسنطينة ووهران ثمّ جانت، رافع المترشح الحرّ، عبد المجيد تبون على ضرورة استكمال مسار البناء، لافتًا إلى أنه أوفى بتعهداته خلال فترة حكمه، مع طرح حزمة من التعهّدات للفترة الرئاسية القادمة (2024-2029)، إن تمّت تزكيته من الشعب لمرة الثانية.

كما وعد المترشح الحرّ من خلال برنامجه " من أجل جزائر منتصرة" "بتوفير كل الإمكانيات لتجسيد المشاريع بمناطق الجنوب في كل المجالات، كما شدد على "دعم الشباب من أجل تحقيق التنمية".

من جهته، نشّط إبراهيم مراد، مدير الحملة الانتخابية للمترشح الحرّ، عبد المجيد تبون، عدة تجمعات قادته إلى مختف الولايات بالوطن، حيث أكد على أنّ تبون "يحمل فكرة استمرارية العمل على تعزيز المشاريع التنموية"، بما يخدم المواطن، لافتًا إلى أنه يسعى لـ"دعم الجبهة الوطنية الداخلية ضد المؤامرات التي تستهدف البلاد".

وبالإضافة إلى تعزيز مكانة الجزائر في بين الدول، يراهن الرئيس المترشّح على نتائج محققة في الميدان، من المهم الاستمرار في تجليها في الفترة المقبلة.

من جهتها، نشّطت القيادات الحزبية، تجمّعات ولقاءات جوارية عبر عدّة ولايات، واقترابها من المواطن، وعرض برنامج المرشح الحرّ، عبد المجيد تبون، "الجزائر منتصرة".

وشهدت هذه اللقاءات الحزبية، تجاوبًا لانشغالات المواطنين، وفسح المجال إلى تقديم بعض المقترحات المرتبطة أساسا بالطابع المحلي لكل ولاية ويفترض فيها أن تتماشى مع " الواقع" واقتراح حلول لبعض المشاكل، في علاقة بتحقيق الأمن الغذائي وتطوير الفلاح وتنفيذ المشاريع الكبرى بهدف التنمية المحلية.

بالإضافة إلى التواصل المباشر للثلاثي الانتخابي، اعتمد المرشحون والأحزاب على التواصل الإلكتروني، في صفحات المداومات والحسابات الشخصية لهم في وسائط الفضاء الافتراضي، الأقرب للمواطن، وطبيعة الوصول إليها بشكل أسهل.

ميدانيًا، اختلفت الظروف التي هيأتها السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، خلال نشاطات الحملة الانتخابية، وإعداد العشرات من الفضاءات  بشأن ذلك.

واعتبر المحلّل السياسي، فؤاد رحماني، بأنّ الحملة تميّزت بالخوض في شتّى الملفّات الأقرب من المواطن بالدرجة الأولى، وعرفت من حيث الزخم عدة مستويات، ففي الأيام الأولى كانت بطيئة، ثمّ رفع منسوب الخطاب من المرشّحين، وطرح انشغالات المواطنين مباشرة أعطى لها زخمًا هادئًا.

وقال في تصريح لـ" الترا جزائر" إنّ الحملة الانتخابية تستجيب للوضع الذي تعرفه الجزائر والتحديات المحيطة بها ما جعل الجميع من مرشحين التركيز على الحديث عن " التفاف الجزائريين حول الوحدة والعمل على مشاريع تحقق تحسين المعيشة، وإيجاد حلول للمشاكل".

الاقتراب من المواطنين وشحذهم وجذب اهتمامهم في كل نشاطات المعنيين بالانتخابات " أعطى نوعًا من الدافعية للمشاركة في التجمعات من قبل المواطن"، وهو مؤشّر على مشاركة لافتة يوم الانتخابات.

يرى ملاحظون أن خطابات المترشحين،ركزت على أعداد المصوتين في الانتخابات بشكل طغى على هدفهم من الترشح

يرى ملاحظون أن خطابات المترشحين،ركزت على أعداد المصوتين في الانتخابات بشكل "طغى" على معظم التجمعات التي نشطوها، ما يعطي انطباعًا أن نجاح الانتخابات يكمن في كثرة المصوتين بها، بغض النظر عمن سيفوز.