03-سبتمبر-2024
(الصورة: فيسبوك) الانتخابات الجزائرية

(الصورة: فيسبوك)

ينتهي اليوم الموافق لـ 3 من أيلول/ سبتمبر الحالي الأسبوع الثالث والأخير من الحملة الانتخابية التي بدأت في الـ 15 آب/ أوت الماضي، ويُسدل بذلك الستار في القاعات وتخفت معها أصوات المرشّحين، بعدما شهدت نقاشات سياسية من حيث محاور البرامج الانتخابية.

هناك إرث سياسي لا يُمكِن إغفاله، فرغم غياب حركة مجتمع السلم وجبهة القوى الاشتراكية في الاستحقاقات الرئاسية لـ 25 سنة، إلاّ أنّها في المقابل من ذلك تملك قاعدة سياسية ورصيد انتخابي في علاقة بالتشريعيات والمحليات، والمشاركة في قضايا الشأن العام. 

هناك إرث سياسي لا يُمكِن إغفاله، فرغم غياب حركة مجتمع السلم وجبهة القوى الاشتراكية في الاستحقاقات الرئاسية لـ 25 سنة، إلاّ أنّها في المقابل من ذلك تملك قاعدة سياسية ورصيد انتخابي في علاقة بالتشريعيات والمحليات، والمشاركة في قضايا الشأن العام. 

لذلك تميّزت الحملة على مراحلها خلال الـ 20 يوماً، بـ" مستوى معين من قوة التجنيد"، وذلك راجع بحسب المتابعين إلى القاعدة الشّعبية لكلّ المترشحين على اختلاف توجهاتهم، وعلى تباين المكوّنات السياسية التيقدّمت لهم الدعم والإسناد في طرح المشاريع الانتخابية. 

وعاء سياسي 

أبرزت الحملة الانتخابية عن عدة مشاهد، حتى قبل أن تبدأ بداية من سير المرشحين السياسية والمهنية في الآن نفسه، إذ يقول المحلل السياسي، عبد الكريم بن يحي، إننا:" اليوم نحن أمام أول محاولة ناجحة بدخول حزبين للانتخابات الرئاسية بعد مُقاطعة دامت ربع قرن، انتهت إلى مشاركة بثلاثة شخصيات تختلِف من حيث النضج السياسي والإداري، ومن حيث "خوض التجربة لأول مرة، وربما "على عجل"، بالنّسبة لكلّمرشّح حركة مجتمع السلم، عبد العالي حساني شريف، ومرشّح جبهة القوى الاشتراكية، يوسف أوشيش. 

إنجازات 

كانت قائمة المواعيد الخاصة بالمرشّح الحرّ، عبد المجيد تبون، جمعت شمل عدة ولايات سواء في شرق البلاد، أو غربها وجنوبها،  وحملتشكل التزامات على رأس خطاباته، وخطاب داعميه، فضلا عن ورقة المنجز الذي تمكن من تحقيقه في العهدة الأولى (2019-2024).

من خلال قراءة أفقية للخطاب السياسي المعلن عنه ميدانيا، اختار المرشح الحرّ على الكشف عن أوراق برنامجه الانتخابي من خلال " استكمال تنفيذ مشاريع التنمية"، والإعلان عن التزامات ذات بعد اقتصادي واجتماعي، في علاقة بالمعيشة اليومية للمواطن، وتبيته لـ " نداء الشعب للترشح، وأنه يعرض عليهم التزامات ينفذها إن تمت تزكيته للعهدة الثانية". 

ما يُميّز تجربة المرشح الحرّ عبد المجيد تبون ، هو حُضور المنجز بزخم الخِبرة وخطاب التفاوض مع مختلف الحساسيات السياسية وجذبهم إلى حلبة الفعل وليس ردّ الفعل. 

أما من خلال قراءة عمودية لتلك الالتزامات، يبدو أنّ المرشح تبون، يضع أمامه الملفات الاقتصادية على رأس هرم أولوياته، خلال الفترة القادمة، لما لها من أهمية في توفير السيولة المالية لتحقيق بعض المشاريع، والرفع من القدرة الشرائية وقيمة الدينار، والبدء في التفكير الجدي في التخلص من الاستيراد الخارجي، عبر تشجيع المنتج الوطني في مختلف المجالات، خاصة منها التحصين الغذائي والصناعي. 

ما يُميّز تجربة المرشح الحرّ، هو حُضور المنجز بزخم الخِبرة وخطاب التفاوض مع مختلف الحساسيات السياسية وجذبهم إلى حلبة الفعل وليس ردّ الفعل. 

مغامرة 

رغم أنّ الفارق بين المرشحين من حيث الخِبرة والتجربة، له وزن سياسي لافت، فإنّ تجربة الثنائي أوشيش وحساني هي الأولى من حيث العُدّة النّظرية والميدانية لذا يمكن أن تُقرأ سياسيا بأنّها "مغامرةانتخابية " وجب خوضها في سيرة ذاتية للحزبين (الأفافاس وحمس)، بينما المرشح تبون تعتبر محطة ثانية له، بعدما نال حظ الفوز في انتخابات 2019.

من حيث المظهر، تمكّن أوشيش وحساني من فرض نفسهما داخل المعترك الانتخابي وتسيير حملة انتخابية بـ" نُضج وهدوء"، وهذا ما أعلن عنه الكثير من المتابعين رغم أنّها "قراءة حمالة"، ففي المقابل من ذلك، فالهدوء لم يعط للحملة الانتخابية زخمها ولم يدفع إلى فتح نقاشات تحرّك عجلة الفعل السياسي، في حدّ ذاته.

كما يمكن ملاحظة، "قوة التجنيد"عند حركة مجتمع السلم التي أعطت لمرشحها " الأمان" للذهاب للانتخابات دون التفكير في النتائج.

يمكن ملاحظة، "قوة التجنيد"عند حركة مجتمع السلم التي أعطت لمرشحها " الأمان" للذهاب للانتخابات دون التفكير في النتائج

كما أبرز أوشيش نوع من الشجاعة في مواجه الميدان، برداء المرشح لأعلى منصب في الدولة، ففي زمن قصير تمكّن من الدخول للولايات من دون " مخاوف الرفض" خاصة في المناطق المحسوبة على الأفافاس، بل أكثر من ذلك، فإنه أبان عن كاريزما القائد. 

اللافت أنّ تجربة أوشيش كشاب يخوض المنافسة من بوابة أعلى هرم المسؤولية، حسب المتابعين، ستُعطي للانتخابات "مصداقية أكثر"، كما أنّها أتاحت الفُرصة للقيادات الشابة أن تنخرط في هذا الفضاء.  

بالعودة إلى مسار الرجل الذي عرف سيرة ذاتية – مهنية فيها الكثير من الزخم السياسي لانخراطه في الأفافاس منذ سن الـ 19، يجعل من قوته تكمن في الخطابة والإفصاح عن آراء الحزب وإبراز تكوينه السياسي واحتكاكه بشخصيات معروفة في الحزب التاريخي. 

اقتصار تجربة السكرتير الأول لجبهة القوى الاشتراكية، فيدخوله غمار المنافسة هي الأولى بالنسبة للحزب منذ 25 سنة، والأولى بالنسبة لأوشيش ستكون في سيرته الذاتية لاحقاً، لكنها في الآن نفسه تكشف بالرغم من زخم التجربة في مناحي كثيرة؛ جزء من "الفراغ"في سيرته في مجالتسيير مؤسّسات الدولة، إذ لم يتقلّد أوشيش أي منصب حكوميأو إداري في علاقة بالتّسيير المركزي. 

أبان أوشيش عن التّجديد الفكري من أجل التكيّف مع المعطيات الوطنية والدولية في جوانبها المختلفة السياسية، والاقتصادية والاجتماعية، إذ عاد المرشح للفعل السياسي من بوابة الرئاسيات، وهي تجربة، يمكن البناء عليها في إعادة تشكيل الحزب من الناحية التنظيمية استعداداً للانتخابات المحلية والتشريعية المقبلة.

لكن المبالغة في خطاب التغيير والوعود دون تقديم الآليات لتنفيذ ذلك، يعدّ من "المطبات" التي وقع فيها الثنائي أوشيش وحساني. 

خُطوة 

ركز مرشح حركة مجتمع السلم، عبد العالي حساني شريف، على التوجه إلى الفئات كالشباب والمرأة الماكثة في البيت.

وبالرغم من اختلاف الاحتياجات من منطقة أخرى، إلا أن حساني حاول بلوغ المدن في الجنوب خاصة، والتطلع لاحتياجات الناس، كما دعاهم إلى التوجه بكثافة الى صناديق الاقتراع. 
في الكثير من اللّقاءات الجهوية، تحدث مرشح حمس عن رؤيته لتقسيم الولايات و"الاستغناء عن الدوائر، إذ يمكن تحويل رؤساء الدوائر الى ولاة وإطارات الدائرة إلى إطارات ولائية"، وذلك عبر "خلق ولايات جديدة تتميز بالانسجام الاجتماعي ووجود فرص الاستثمار".

وكثيرا ما دعا في خضم رحلته خلال أيام الحملة إلى أن "يصبح لكل ولاية عدد لا زيد عن متوسط 10 بلديات" وهو الامر الذي من شأنه أن يعطي الحركية الاقتصادية المحلية، ومشاريع التنمية وفتح مجالات الاستثمار.

كما تسهّل هذه المقترحات عملية تسيير مشاريع البلديات ومعرفة وضعيتها بشكل دقيق، كما تُزيح حالة الانسداد الذي شهدته عدة مجالس محلية في سابق الفترات، وتفتح المجال للمبادرة الفردية.

في السياق ذاته، وبغضّ النّظر عن دعمها لشخص دون آخر، يُلاحظ الحضور القوي للأحزاب سواء من الصف الأول أو الأحزاب التي توارت عن الأنظار في الخمس سنوات الأخيرة.

ونشطت أغلبها تجمعات مختلفة، حاولت من خلال استقطاب المواطنين لفائدة التحفيز على المشاركة القوية يوم الاقتراع.