09-سبتمبر-2024
الرئيس تبون

عبد المجيد تبون يُنتخب لعهدة ثانية(الصورة: فيسبوك)

لم تُخالف النتائج المؤقّتة التي أعلنت عنها السلطة الوطنية للانتخابات، توقعات سياسية وحزبية وإعلامية بفوز المترشح الحرّ، عبد المجيد تبون في انتخابات السابع أيلول/ سبتمبر الحالي، واستمراره في منصبه لعهدة ثانية، وكانت أرقام تصدره النتائج المفرج عنها غير مفاجئة للداعمين له طوال حملته الانتخابية، وحتى بالنسبة لمن هم خارج دائرة دعمه برسم المرشحين الآخرين. 

فوز تبون بالعهدة الرئاسية الثانية، كان شبه مؤكد من حيث الشكل بالمقارنة مع المنافسين الاثنين، فكلاهما دخلا التجربة الانتخابية من بوابة الرئاسية للمرة الأولى

أمام الأرقام المؤقتة المقدمة من السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، فإنّ الرئيس تبون فاز بأكثر من 5 ملايين صوت من بين الأصوات المعبّر عنها، وبنسبة تقدر بنسبة 94.65 بالمائة، متقدّما بمسافة طويلة عن منافسيه الاثنين: إذ نال مرشح حركة مجتمع السلم، عبد العالي حساني شريف 178797 صوتاً أي نسبة 3.17 بالمئة، ومرشح جبهة القوى الاشتراكية، يوسف أوشيش، الذي تحصل على 122146 صوتاً، أي نسبة 2.16 بالمئة. 

وأعلن محمد شرفي، رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات أن معدل نسبة المشاركة المؤقتة داخل الوطن بلغت 48,03 بالمائة وفي الخارج 19,57 بالمائة.

وقال المتحدث في تصريح للتلفزيون للعمومي، أن هذه النسبة ليست نهائية بسبب "عدم ورود كافة المعطيات من التمثيليات في الخارج وقد يطول الأمر إلى غاية الفجر".

وأضاف أن تأخّر الإعلان عن هذه النسبة الذي كان مبرمجا على الساعة التاسعة والنصف، بسبب بعض العراقيل على مستوى بعض الولايات التي شهدت اضطرابات جوية، مشيرا إلى أنّه سيتم الإعلان عن نسبة المشاركة النهائية بعد حساب العدد الإجمالي للمصوتين.

وبغض النّظر عن تثبيت جميع محاضر النتائج عبر الولايات الـ58، فإنها تعتبر أكبر من تلك التي تم تسجيلها في الانتخابات الرئاسية الماضية التي جرت عام 2019، وبلغت حينها 41.14% داخل البلاد و9.69% خارجها.

عهدة ثانية

اللافت أنّ الشارع كان ينظر إلى سباق انتخابي -رئاسي غير متكافئ في الخلفية النظرية وعلى الورق أيضا (إبان أيام الحملة الانتخابية التي استمرت 20 يوماً)، ولم يكن أيضا متكافئ بالنظر العدة الميدانية التي رسمها تبون خلال الخمس سنوات المنقضية من فترة الولاية الأولى في سدة الحكم.

شكلا فإن خبرة تبون في استمالة الشعب الجزائري عبد خطاباته الأربعة فترة الحملة الانتخابية كانت مبنية على مدّ جسور العمل في قطاعات ذات حيوية كبرى أهمها السكن ورفع أجور الموظفين وإعلان إقرار القوانين الأساسية الناظمة للعمل الصحي( مختلف المجالات الطبية والشبه الطبية) فضلا عن فتح ورشات الاستثمارات   على مستوى القطاعات الاقتصادية الكبرى، إلى الخبرة والتجربة التي يمتلكها الرئيس تبون فضلا عن الدعم الذي لقيه قبيل الترشح وخلال الحملة الانتخابية.

فوز تبون بالعهدة الرئاسية الثانية، كان شبه مؤكد من حيث الشكل بالمقارنة مع المنافسين الاثنين، فكلاهما دخلا التجربة الانتخابية من بوابة الرئاسية للمرة الأولى، وبالرغم من الحملة الانتخابية النظيفة، ورغم التعهدات والالتزامات المقدمة من كلييهما، إلا أن تبون كان الأوفر حظا نظرا للمشاريع التي تمكن من تنفيذها في الميدان، بالإضافة إلى الوعود والالتزامات التي تعهد بتنفيذها في السنوات الخمس المقبلة. 

بين 2019 و2024 مسافة بعيدة، بالنظر لعامل الظرف الذي نظمت فيه الانتخابات، إذ وُسِمت باستحقاقات ما بعد الحراك الشعبي، والتي حاولت فيها السلطة إعادة تهدئة المياه المتحركة بعد أسابيع من مسيرات شعبية، أدّت إلى تنحي الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة من الحكم (1999-2019). .

في نظر المهتمين بالشأن السياسي في الجزائر، فإن العهدة القادمة هي مسألة تثبيت الالتزام بالعهود وتنفيذ الوعود في علاقة بإتمام بعض المشاريع، والمضي نحو التنمية والإبقاء على سياسات الدعم الاجتماعي ورفع من منسوب المشاريع الاقتصادية التي تمتص البذالة وتفتح مناصب شغل لامتصاص البطالة. 

ما الذي تغير؟

يقول المحلل السياسي فؤاد سلاحي لـ" الترا جزائر" بأنّ متغيرات الساحة السياسية فرضت منطقها، إذ أثبت الرئيس تبون "قوته في مسألة الإصلاحات التي أقبل عليها منذ اعتلاءه سدة الحكم في 2019، بدءً بإقرار دستور جديد، وفتح ملفات الفساد والإعلان عن محاربته في مختلف المؤسسات العمومية، فضلا عن المضي نحو إنجاز كثير من المشاريع وفتح بوابة الاستثمارات. 

وأضاف بأنّ الاستمرارية كانت العنوان السياسي الكبير خلال الأشهر الأخيرة، خُصوصا وأنّ الرئيس التزم بمواصلة الإصلاحات على أكثر من مستوى، مع خلق مناصب شغل تستهدف امتصاص البطالة.

المحلل السياسي فؤاد سلاحي لـ" الترا جزائر": متغيرات الساحة السياسية فرضت منطقها، إذ أثبت الرئيس تبون "قوته في مسألة الإصلاحات التي أقبل عليها منذ اعتلاءه سدة الحكم في 2019

اللافت أنّ تبون عرض خلال برنامجه الانتخابي عدة محاور كبرى لـ"ورشاته الإصلاحية"، خاصة وأنّ الإصلاح السياسي الذي باشره في عهدته الأولى (2019-2024)، لم يكن هيّنا، إذ أعقب مسيرات الحراك الشعبي أمام بناء المؤسسات ضمن برنامج " الجزائر الجديدة"، ومحاولة إغلاق ملفات ملغّمة متعلقة بالفساد.

في المقابل من ذلك وبعيدا عن " العهدة الاقتصادية بامتياز" كما لوّح لها في تجمعاته الانتخابية، فإنّ أغلب الظن اليوم أنّ ملفات أخرى مازالت مطروحة على طاولة الرئيس، في علاقة بالحريات فضلا عن الجانب البيروقراطي الذي يمنع الإسراع في تدوير عجلة الاستثمارات في شتى المجالات دون اللجوء فقط إلى عائدات الريع النفطي.