30-يوليو-2019

الجزائر كانت أوّل دولة يزورها السبسي بعد تولّيه الحكم (ناصر الدين زيبار/Getty)

هل لاحظتم تفاعل الجزائريّين مع رحيل رئيس الجمهوريّة التونسيّة الأستاذ محمّد الباجي قايد السّبسي؟ لا أتحدّث عن الجزائر الرّسميّة، التّي نكّست الأعلام وأعلنت الحداد، فتلك خطوة متوقّعة ومألوفة، بل عن الأوساط الشّعبيّة، التّي لم نتعوّد منها على الالتفات إلى من يرحل من الحكّام إلا إذا كان رحيلهم حقوقيًّا، مثل صدّام حسين ومحمّد مرسي.

لقد كان البعض يقول إنّ شغف قطاع واسع من الجزائريّين برجب طيّب أردوغان كان لداعٍ أيديولوجي

صحيح أنّ هامشًا من هذا التّفاعل كان بسبب الإحساس الشّعبيّ بواجب الجوار والتّبادل الإنسانيّ المباشر بين الشّعبين، فنحن "دار واحدة" فعلًا وليس قولًا فقط، لكنّني أرى أنّ ثمّة خلفيةً أخرى في لا وعي الشّعب الجزائري، هي أنّه كان ولا يزال يتمنّى لو كان يملك رئيسًا منتخبًا ديمقراطيًّا مثل السّبسي، فلا يغشّه ولا يخونه ولا يكذب عليه ولا يُطلق أيادي الفساد، فتعيث في مُقدَّراته ومَقْدِراته ويموت في مستشفى بلاده، من غير أن يخلّف فخاخًا تهدّد مسار الدّولة وتجربتها الديمقراطية. وهذا ما خيّب فيه بوتفليقة الشّعبَ الجزائريّ.

اقرأ/ي أيضًا: قايد السبسي من الثورة إلى الحراك.. رجلٌ في قلب التاريخ الجزائري

ثمّة مفاصلُ معيّنة تشترك فيها الذّات الجمعيّة مع الذّات الفرديّة في الإحساس بالحاجة إلى الأمان، الذّي يمثّله طرف قويّ وأمين في حياتها العامّة والخاصّة. الحاجة إلى الحاكم الحكيم. وقد أدّى غياب بوتفليقة عن لعب هذا الدّور إلى أن تمثّله الشّارع الجزائريّ في رؤساء آخرين، مثل رئيس تركيا ورئيسة كرواتيا، التّي اكتشفها في مونديال روسيا، وها هو يتمثّله في الرّئيس الباجي.

لقد كان البعض يقول إنّ شغف قطاع واسع من الجزائريّين برجب طيّب أردوغان كان لداعٍ أيديولوجي، بحكم أنّه يمثل النّموذجّ الإسلامي النّاجح، وكان شغفهم بكوليندا غرابار كيتاروفيتش لداعٍ جنسيّ، بحكم استعراض مفاتنها في مونديال روسيا. وكنت أقول إنّ تعلّق الجزائريّين بالرّئيسين الأجنبيين كان سيكون ضعيفًا لو كان حضور الرّئيس بوتفليقة مرتبطًا بالقوّة والحزم والحرص على المصالح العامّة.

قراءة الحراك الشّعبيّ والسّلمي خارج حاجة الجزائريين إلى رئيس منتخب إمّا غباء أو ديكتاتوريّة مغلّفة

وإنّ قراءة الحراك الشّعبيّ والسّلميّ، خارج حاجة الجزائريّ إلى رئيس حقيقيّ يُفرزه مسار انتخابيّ حقيقيّ هي إمّا غباء أو عماء أو ديكتاتوريّة مغلّفة. وهذا ما تدلّ عليه طريقة تعاطي السّلطة القائمة بشقّيها المدنيّ والعسكريّ مع المطالب الأصليّة للحراك.

ــــــــــــــــ

قاع الفنجان

ــــــــــــــــ

ساهلة ماهلة. من رفض أن يموت موتة الباجي، سيُرغم على أن يموت موتة بوتفليقة، والعياذ بالله ربِّ العالمين

 

اقرأ/ي أيضًا:

لماذا تفاعل الجزائريّون مع رحيل القايد السّبسي؟

لماذا يتدفّق الجزائريون إلى تونس؟