دوّن الكاتب الصحفي سعد بوعقبة ما دار بينه وبين وزير الدفاع الراحل خالد نزار في لقاء مطول أطلعه فيه على مجموعة أسرار، قال إنه طلب منه نشرها بعد وفاته.
الجنرال الراحل خالد نزار حدّث بوعقبة عن ملفات ثقيلة أبرزها ما يُثار بأنه ضابط فرنسا، لأنه فرّ خلال الثورة من الجيش الفرنسي ملتحقًا بجيش التحرير الوطني
وقال بوعقبة في عمود نشره على موقع المدار، إن خالد نزّار بعد نحو شهرين عودته من إسبانيا "اتصل بي هاتفيًا وطلب مني أن أزوره في بيته،.. أمسكني 5 ساعات كاملة، وهُو يتحدّث..! أحسستُ خلالها بأنّهُ يُريد أن يُفرغ ما في قلبه".
وأضاف: "تحدّث معي بما لم أتعود عليه خلال لقاءاتي السّابقة معه، وذكر لي أمورًا، بعضها يمكن نشرهُ، والبعض الآخر لا يمكن نشره.. لكنّه ترك لي حرّية التقدير في ذلك، بشرط أن يقول ذلك بعد موته.. فقُلتُ له ضاحكا: " من يدري، فقد أموت قبلك.. فما يحدث في البلاد لا يُغري بالتمسّك بالحياة..!".
وفي اللقاء، تحدث نزار عمّا يُثار بأنه ضابط فرنسا لأنه فرّ خلال الثورة من الجيش الفرنسي ملتحقًا بجيش التحرير الوطني.
وقال وفق رواية بوعقبة: "يقولون عني بأن ديغول هو الذي أرسلني إلى الثورة الجزائرية لأعمل لحسابه! هل ديغول "طنه" (تعني مغفل) حتى يرسلني لأدك ثكناته بالهجمات التي قدتها ضدّ الثكنات الفرنسية في سنوت 59-60 و61، بالقاعدة الشرقية؟! المصيبة أنني درّبت في "الكاف" بعض هؤلاء الذين يقولون عن أنفسهم مجاهدين حقيقيين وأنا عميل! العميل لا يُدرب إلاّ العملاء..!؟"
وفي واقعة أخرى ظلت تلاحق نزار تتعلق بمسؤوليته في مقتل زوجته، قال اللواء الراحل مخاطبا بوعقبة "يقولون عني أنني قتلت زوجتي، وأنت تعرف الحقيقة وتكتم الشهادة.. لماذا لا تقول لهم بأنك كنت معي صدفة في مكتب وزارة الدفاع عندما أخبروني بالحادثة؟! ذنبي في الأمر إن كان لي ذنب، هو أنني تركت سلاحي في بيتي! استغلوا مرض ابني استغلالًا بشعًا في هذه القضية، فكان الألم مُزدوجًا.. ألم الابن المريض وألم استعماله في هذه التهمة الفظيعة..!
وعقّب بوعقبة في مقاله مبرئًا نزار: "نعم أشهد أنّني كُنت مع خالد نزار في وزارة الدفاع لحظة إبلاغه بحادثة نقل زوجته إلى المستشفى بعد إصابتها بطلق ناري.. خرج حينها مسرعا، ونسي قبعته.. وكان ينادي: هاتوا لي القبعة..وانطلق فعلا بدون قبعته العسكرية!"
وتابع الكاتب يقول: "تشاء الأقدار أن يترك وصية قبل وفاته تنسف نظرية قتله لزوجته من الأساس.. فقد فضل أن يُدفن بجانبها بمقبرة العالية، على أن يُدفن في مُربع الشهداء مع العظماء..! ومن يحنّ إلى مجاورة زوجته في المقبرة، لا يمكن أن يُطلق عليها النار في الحياة..!"
وحول مقتل الرئيس الراحل محمد بوضياف، سأل بوعقبة نزار عمّا إذا كان بعض منهم تحت إمرته غافلوه وقتلوا الرئيس الراحل دون علم منه، فأجاب نزار بغضب وفق الكاتب: "لا..لا يمكن أن يحدث ذلك.. لا يُمكن أن يحدث شيء كهذا دون علم مُسبق مني..! أنا كنت مسؤولا ولم أكن (طرطورا)! هل تتصور أن يحدث من ذلك في الثورة دون علم وزير الدفاع آنذلك كريم بلقاسم.. وهل تتصور أن يحدث شيء لا يعلم به وزير الدفاع الهواري بومدين في الستينيات والسبعينيات؟! أنا كنت ثالث وزير للدفاع من نوع كريم بلقاسم وبومدين على مستوى المسؤولية..!".
وبعد جنازة بوضياف، ذكر بوعقبة واقعة رواها له نزار في لقاء سابق وطلب منه رأيه حول ما إذا كان سينشرها في كتابه.
يقول نزار والرواية لبوعقبة: إنه قبل أن يدفن بوضياف بيوم اتصلت هاتفيا بأحمد طالب الإبراهيمي.. وكان في فرنسا، فقالت لهُ: أريد أن أراك.. فردّ الإبراهيمي بأنه سيأتي غدا لحضور جنازة بوضياف.. وحضر بالفعل الجنازة في العالية، وعند الانتهاء من مراسيم الدّفن، أخذته في سيارتي إلى مقر الرئاسة.. أعطيته فنجان قهوة، وكنت أريد أن أعرض عليه رئاسة المجلس الأعلى للدولة مكان بوضياف.. ولكن الدكتور طالب قال لي: إنكم صنعتم للمرحوم جنازة لم يكن يحلم بها!؟ فهالني ما سمعت، وقلت في نفسي، كيف يحسده حتى في جنازة، ثم عدلت عن إبلاغه بالأمر بعد ما سمعت..!
وأضاف بوعقبة: "طلب منّي نزار رأيي في نشر هذا النص في الكتاب، فقلت له: أنت مُتهم بمعاداتك للإسلاميين، ونشر هذا النص يُفيد الرأي العام، خاصة وأن الدكتور طالب الإبراهيمي مازال على قيد الحياة..".
وحول علاقته بآل بوتفليقة، روى نزار وفق ما ينقل بوعقبة، أنهم أرادوا الانتقام منه بسبب بعض مواقفه السياسية، فأرادوا سجن أبنائه بسبب شرائهم قطعة أرض في منطقة بوشاوي من فلاحين استفادوا منها في إطار تمليك الأرض للفلاحين.
كما حاولت جماعة بوتفليقة، حسب الكاتب، إقلاق نزار من خلال الضغط عليه في موضوع استغلال رخصة الانترنيت ذات التدفق العالي، التي كوّن بها نزار شركة تُشغل نحو 600 مهندس من خريجي الإعلام العالي في الجزائر، عندما سلطة الضبط رفع سعر الرُخصة إلى ثلاثة أضعاف بأثر رجعي.
وفي هذا الموضوع، نقل بوعقبة عن نزار أنه اتصل برئيسة سلطة الضبط حينها السيدة دردوري، وقال لها، من حقكم رفع سعر الرخصة، لكن ليس من حقكم تطبيق ذلك بأثر رجعي، لأن ذلك يُخالف القانون، فردّت عليه بأن الأمر متعلق بشقيق الرئيس السعيد.. فقال لها نزار: أبلغيه بأنه إذا لم يحل المشكل في ظرف يومين، فسأنتظره في مدخل الرئاسة وأفعل به ما يلزم..! ما دام الأمر يتعلق بالتعسف في استعمال السلطة.. وبعد يومين من ذلك.. حُل المشكل..!.