قبل أيّام قليلة من الدروة الـ 24 من انطلاق معرض الجزائر الدولي للكتاب، المزمع تنظيمه ما بين 30 تشرين الأوّل/ أكتوبر الجاري، إلى غاية 9 تشرين الثاني/ نوفمبر الداخل. ودخولًا في جوّ التظاهرة، تُقدّم الروائية أمل بوشارب، مجموعة من النصائح لكلّ من يريد تأسيس مكتبة في بيته، أهمّها ألا يخشى القارئ الاختلاف، وأن يُقبل على قراءة واكتشاف كتبٍ تختلف عمّا ألّفه وعرفه، لغويًا وإيديولوجيًا وفكريًا.
أمل بوشارب: فتحت عينيَّ على مكتبة تضمّ مئات المؤلّفات في مختلف المجالات
ستكون أمل بوشارب، الكاتبة الجزائرية المقيمة في إيطاليا، حاضرة في الصالون الدولي للكتاب هذه السنة، من خلال عمل روائي جديد بعنوان "ثابت الظلمة"، الصادر عن منشورات الشهاب. تتحدّث في هذا الحوار الذي جمعها مع "الترا جزائر"، عن رحلتها في عالم الكتاب، بداياتها الأولى في القراءة، وعن مكتبتها الخاصّة.
اقرأ/ي أيضًا: حوار | نصيرة محمدي: ولّد الحراك الشعبي سلوكًا تحرريًا
في البداية، كثيرٌ من الكتاب تبدأ علاقتهم بالكتابة متأثّرين بالبيئة التي نشأوا فيها، هل كان لعائلتك أثرٌ على اهتماماتك الأدبية؟
أنا ببساطة فتحت عينيَّ على مكتبة تضمّ مئات المؤلّفات في مختلف المجالات؛ فأبي وبالرغم من أنه جرّاح عيون، إلا أنه مُغرم بالتاريخ وكتب الفلسفة والفكر والمؤلّفات الجيوسياسة، والكثير من الأدب شعرًا ورواية. وأذكر أنه كان يدخل إلى البيت كلّ يوم في المساء، وهو يحمل كتابًا، مجلة ثقافية أو علمية أو قصصًا لنا كما لو كانت خبزنا اليومي. أمّي أيضًا وهي طبيبة أسنان، كانت في أوقات الفراغ، وأنا أراقبها في طفولتي، تسجّل رؤوس أقلام من كتبها المفضّلة، وتقرأ لـ"حنّا مينة" و"ابن عبد ربّه".
أيّ من تلك الكتب أو المؤلّفين كان له أثر على توجّهاتك واهتماماتك؟
في الحقيقة مكتبة والدي تزخر بكميّة كتب وموسوعات مهمّة جدًا في الاستشراق، تشكّل مصدر فخرٍ كبيرٍ له، لاسيما مؤلّفات كارل بروكلمان، وعبد الرحمن بدوي، لذا سأختار من هذا الرف كتابًا أعتبره من أهمّ المؤلّفات التي ساهمت في توسيع مداركي الفكرية، وهو "الاستشراق" لإدوارد سعيد. أمّا من رفّ الأدب فرواية "الأم" لـ مكسيم غوركي، تركت أثرًا كبيرًا في نفسي، وأعتقد أن قراءتها شكّلت لحظة مفصلية في نموّي الوجداني.
الآن وقد حصلتِ على مكتبتك الخاصّة، كيف تصفينها لنا؟
مكتبتي بين الجزائر وإيطاليا، تضمّ الكثير من الكتب الفكرية والأدبية؛ كلاسيكيات، و"بيست سيلر"، كتب خيّبني بعضها، وشكّل البعض الآخر لي مفاجآة سارّة. كتبٌ موقّعة من أصحابها وأخرى لم أسجّل عليها تاريخ اقتنائها. كتبٌ اشتريتها من الأرصفة وأخرى من صالونات الكتاب بطبعات فاخرة. موسوعات مختلفة في العلوم والموسيقى، والكثير من القواميس. مؤلّفات فكرية وأدبية باللغات العربية، الإنجليزية، الإيطالية، الفرنسية وحتى الكورية من أيّام الجامعة. لكن الأكيد أنني لا أملك كتبًا مستعارة، فأنا لا أستعير عادة الكتب وأستمتع باقتنائها. وإن تعلّق الأمر بالكتب المفقودة فأنا إن استعرتها لا أتلكأ في قراءتها وأحرص على إعادتها لأصحابها في أقرب فرصة، والأهمّ من ذلك عدم دلق القهوة عليها وأنا أتصفّحها، فأنا بالأساس لا أشرب القهوة.
هل الحصول على مكتبة أمر سهل على الشباب؟ ما هي الصعوبات في ذلك وما هي نصائحك لهم لإنشاء واحدة؟
أكيد أسهل وأسرع طريقة لإثراء مكتبتك هي الوقوع في الحب، وبعدها مباشرة تفعيل بروتوكولات التبادل الثقافي بين الزوجين، وفتح الحدود بين المكتبات. أما إن كان الزوج/ة لا يملك/تملك مكتبة، فالأمر لا يستحق بالأساس عناء الوقوع في حبه/ا، وقد يكون من الأفضل في هذه الحالة حمل المال المخصص للعرس، والتوجه لمعرض الكتاب والاستمتاع بما لذ وطاب من الكتب. في المقابل هناك، احتمالية أخرى قد تكون أسوأ من أن تقع في حب شخص لا يملك مكتبة، وهي أن تجد أن مكتبته أو جزءًا كبيرًا منها مطابق لمكتبتك.
هذا النوع من التزاوج قد يؤدي إلى كارثة جينية على ذريتك المعرفية وبنات أفكارك مستقبلًا، لأن الخارطة الوراثية المتطابقة للزوجين لا تصنع أطفالًا أذكياء. لذلك أنا أشجع على الزواج المختلط. وأنصح جميع من يود أن يؤسس مكتبته الخاصة أن لا يخشى الاختلاف، وأن يُقبل على قراءة واكتشاف كتب تختلف عما ألفه وعرفه، لغويًا وإيديولوجيًا وفكريًا، فهذه الكتب بالتحديد هي ما قد يصنع ثراءه المعرفي وتوسع آفاقه الفكرية.
أمل بوشارب: أقترح على القارئ أن يطلع على أعمال علاوة حاجي، ميلود يبرير، عبد الوهاب عيساوي وسارة النمس
في ختام الحوار، هل يُمكن الحديث عن ثلاث روايات جزائرية نالت إعجابك؟
بما أنّنا في زمن السرعة، أقترح ثلاثية محمد ديب حتى لا نُطيل على القارئ بذكر أسماء مؤلّفين وعناوين كثيرة. لكنني أقترح أيضًا من جيلي محمد علاوة حاجي، ميلود يبرير، عبد الوهاب عيساوي وسارة النمس. هكذا أصبحوا أربعة.
اقرأ/ي أيضًا: