أجمع نُقّاد وأدباء على أنّ المقاومة الثقافية الفلسطينية شكلت "سلاحًا جوهريًا" للحفاظ على الوجود الفلسطيني في ظلّ توسع محاولات الاحتلال طمس الهوية الفلسطينية.
الناقد الفلسطيني فخري صالح: أهمية المقاومة الثقافية تكمن في مجابهة عدو يسرق التراث الفلسطيني وينسبه لنفسه
وفي ندوة أدبية على هامش الصالون الدولي للكتاب، تحت عنوان: "أدب المقاومة في فلسطين: أقلام تحترق"، شدّد المشاركون على أن المقاومة الثقافية الفلسطينية على مرّ عقود متتالية ومن خلال الإنتاج الروائي والشعري والنقدي والسينما شكلت سلاحًا وأداة جوهرية لمقاومة محاولات الإبادة الثقافية واستهداف المكونات الثقافية الفلسطينية التي يمارسها الكيان الصهيوني.
وفي تصريح خصّ به الوكالة الرسمية، أبرز الناقد والمترجم الفلسطيني، فخري صالح، أن "الأدب الفلسطيني ساهم بغزارته في التعريف بالتراث وتاريخ النضال الفلسطيني منذ ثلاثينيات القرن الماضي، باعتباره مرآة للشعب الفلسطيني".
وأضاف أن "حيوية الشعب الفلسطيني ليست فقط في مقاومته اليومية للاحتلال، بل وفي تجذره وتمسكه بثقافته وتراثه"، مضيفا أن "هذا الإنتاج الأدبي يساهم في ترسيخ فكرة أن فلسطين موجودة"، وأن "شعلتها باقية في ضمير الشعب الفلسطيني والعربي وضمير العالم".
ووفق فخري صالح فإنّ "ما يميز مسار الأدب الفلسطيني المقاوم هو تواصل واستمرار الأجيال الأدبية التي تحمل قيمه". مع تعاقب أسماء معروفة للكتاب والشعراء الفلسطينيين، بدءا بأسماء شهيرة من قبيل إدوارد سعيد وغسان كنفاني ومحمود درويش وسميح القاسم وجبرا إبرهيم، ووصولا إلى جيل جديد من الشباب يحمل هموم القضية الفلسطينية بوعي ويكتب بلغات عديدة، ومنهم عدنية شبلي، إيزابيلا حماد، ابتسام عازم وباسم خندقجي.
واعتبر المتحدث أن "الأدب أداة لإبراز هموم الشعب الفلسطيني ونضاله اليومي من خلال النصوص التي تتولد جراء اللحظات الدموية التي يعيشها، ومنها ما يتعرض له أبناء غزة بفلسطين"، مؤكدا أنه "شعب محتل ومطرود، يواجه عملية إبادة جماعية هدفها الأكبر محوه من التاريخ والثقافة (..) وهنا تكمن أهمية المقاومة الثقافية لمجابهة العدو الذي يسرق أيضا التراث الفلسطيني وينسبه لنفسه بعد أن سرق الأرض".
وأوضح، في هذا السياق، أن "الأدب أبقى القضية الفلسطينية حية لأزيد من 100 عام، وحفر بعمق في تفاصيل التاريخ .."، ضاربا المثل برواية "الشوق والقرنفل" للشهيد البطل يحي السنوار التي كتبها في السجن وصدرت في 2004، واصفا إياها بأنها "تعكس في واقع الأمر سيرة المقاومة الفلسطينية منذ 1976 وإلى غاية بداية الانتفاضة الثانية".
شهادات..
ومن جانبها، تناولت الروائية حفيظة قارة بيبان، من تونس، مختلف النصوص الروائية التي تناولت القضية الفلسطينية على مر عقود، كإبداعات غسان كنفاني، غسان أبو شار، بشرى أبو شاور، إبراهيم نصر الله، ووصولا إلى الروائي الأسير باسم خندقجي المتواجد حاليا بالسجون الصهيونية والذي حاز جائزة البوكر لدورة 2024.
وعرضت الروائية التونسية بيبان تجربتها الذاتية في كتابة رواية حول المقاومة الفلسطينية من خلال مؤلفها الروائي "العراء"، وهو بمثابة "شهادة عن التاريخ الفلسطيني في تونس، وعمل جعل من القضية الفلسطينية المحور الذي يدور حوله عالم الرواية التخييلي وفي المستوى الدلالي".
لتردف أنّ الرواية "تتناص مع حدثين هامين" وقعا بتونس هما "نزوح الفلسطينيين إلى ميناء بنزرت في 1982 وحادثة إغتيال أبو جهاد في حمام الشط في 1985".
وعاد، من جهته، الناقد الجزائري قلولي بن ساعد، إلى محطات من إسهامات المفكر والناقد الفلسطيني العالمي إدوارد سعيد، باعتباره مثقفا موسوعيا وأستاذا للأدب المقارن وباحثا جامعيا خدم القضية الفلسطينية بمنهج علمي أكاديمي.
ولفت بن ساعد إلى كتابي إدوارد الشهيرين "الاستشراق" (1978) و"الثقافة والإمبريالية" (1993). ومشيرا أيضا إلى تجربته السياسية كعضو بالمجلس الوطني الفلسطيني إلى غاية إستقالته.
ومن جهته، أكد الشاعر الجزائري سعيد حمودي أن أدب المقاومة في فلسطين، سواء تمثل في القصيدة الشعرية أو الرواية أو المسرح، قد "أثبت تجذر الإنسان الفلسطيني على أرضه وعراقة تاريخه وانتمائه لهذه الأرض".
كما سلط الضوء على "مأساته وفضح البطش الذي يمارسه الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني". ليذكر بأنّ "القضية الفلسطينية ظلت حاضرة في وجدان الجزائر، حتى خلال فترة الثورة التحريرية."
وختم الشاعر حمودي أن "الثورة الجزائرية قاومت أيضا الإستعمار الفرنسي ثقافيا، من خلال تأسيس الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني ، على اعتبار أن الثقافة أداة للتعريف بالتراث الثقافي والهوية".
ومعلومٌ أنّ فعاليات الطبعة الـ27 لصالون الجزائر الدولي للكتاب لغاية 16 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري بقصر المعارض الصنوبر البحري (صافكس) بالعاصمة. بمشاركة 1007 ناشرين من 40 دولة، من بينهم 290 ناشرا جزائريا، يعرضون أزيد من 300 ألف عنوان.