26-يوليو-2024

(الصورة: الجزائر مباشر)

شهدت الجزائر تحولًا جذريًا في مجال جاذبية الاستثمارات الأجنبية بفضل تنفيذ قانون الاستثمار الجديد، والذي دخل حيز التنفيذ قبل عامين.

الخبير الاقتصادي أحمد الحيدوسي لـ "الترا جزائر": القطاعات الإستراتيجية التي تحظى بالأولوية اليوم في الجزائر هي قطاع المناجم والتعدين

 

وقد أثمر هذا التحوّل عن جذب أكثر من 130 مشروعًا استثماريًا، سواءً كان ذلك بالشراكة مع المستثمرين المحليين أو الاستثمار المباشر، وفقًا لآخر حصيلة للوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار الصادرة شهر جويلية/ تموز الجاري.

 هذه الاستثمارات لم تقتصر فقط على الكم، بل طالت أيضًا قطاعات استراتيجية مثل الفوسفات، الحديد، والزراعة، مما يعكس الجاذبية الاقتصادية للجزائر، حيث أنه بفضل الموقع الجيوستراتيجي، والموارد الطبيعية، واليد العاملة المؤهلة، أصبحت الجزائر وجهة مثالية للاستثمارات الأجنبية، إلا أنه ومع ذلك، فإن تسريع وتيرة الإنجاز وإزالة العقبات البيروقراطية تبقى تحديات حاسمة لمستقبل الاقتصاد الجزائري.

ويتحدث خبراء وأخصائيون عن عراقيل ومقاومة لا تزال تستهدف المستثمرين سواء المحليين أو الأجانب، فما مدى صحة ذلك وما طبيعة هذه المقاومة؟
منحى تصاعدي

وفي السياق، يرى الخبير الاقتصادي أحمد الحيدوسي أن حجم الاستثمارات الأجنبية في الجزائر عرف منحنىً تصاعديًا بعد دخول قانون الاستثمار الجديد حيز التطبيق قبل سنتين، حيث تم تسجيل ما يزيد عن 130 مشروعًا استثماريًا جديدًا، سواءً بالشراكة مع المستثمرين المحليين أو من خلال الاستثمار المباشر.

والمميز في هذه الاستثمارات، يقول محدث "الترا جزائر"، إنها مست قطاعات استراتيجية تعول عليها الحكومة الجزائرية لبعث عجلة الاقتصاد مستقبلًا، كما أنها تحظى بميزة تنافسية قادرة على تقديم قيمة مضافة للاقتصاد ورفع قيمة الإنتاج وخلق فرص عمل جديدة، قائلاً: "الاستثمارات الأجنبية في الجزائر نوعية من حيث الحجم والقيمة، على غرار الاستثمار في مجال الفوسفات والحديد والصلب وخام الحديد والمجال الفلاحي عبر الشراكة مع الإيطاليين والقطريين".

ويؤكد المتحدث أن الجزائر من الناحية الاقتصادية تمتلك مقومات وخصوصيات تجعل منها بيئة استثمارية ومؤسساتية بامتياز، سواء تعلق الأمر بالطاقات والمواد الأولية واليد العاملة المؤهلة، ناهيك عن العوامل اللوجستية المتعلقة بتكاليف الشحن والنقل البحري والبري بالنظر إلى الموقع الجيوستراتيجي للجزائر.

ويعتبر الخبير الاقتصادي أن القطاعات الإستراتيجية التي تحظى بالأولوية اليوم في الجزائر هي قطاع المناجم والتعدين، والقطاع الفلاحي، إضافة إلى الصناعات الغذائية والصيدلانية، والقطاع الميكانيكي، وكل ما يتعلق بالتكنولوجيات الحديثة والخدمات الرقمية والبرمجيات.

ويشدّد المتحدث على أن أهم تحد يواجه تطور الاقتصاد في الجزائر، خاصّة فيما يتعلق بالاستثمارات الأجنبية، يقول الحيدوسي، يتمثل في عامل الوقت وضرورة تسريع وتيرة الإنجاز ورفع العراقيل البيروقراطية في وجه المستثمرين، والتي تعتبر العدو الأول الذي ينخر الاقتصاد الوطني، إضافة إلى توفير العقار الصناعي للراغبين في الاستثمار، حيث يوجد أكثر من ثمانية آلاف طلب مسجل لدى الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار، فضلا عن تسجيل 130 طلبًا أجنبيًا للاستثمار في الجزائر.

كما من الضروري تعزيز الرقمنة وتطويرها من أجل تسهيل عملية تبادل المعطيات وتسهيل إجراءات منح الرخص والحصول على التمويل، وكذلك تحديث القوانين والنظم المتعلقة بحركة رؤوس الأموال وعصرنة القطاع البنكي والمصرفي .

الاستثمار الأجنبي دون ملياري دولار

من جانبه، اعتبر عضو لجنة المالية والميزانية بالمجلس الشعبي الوطني عبد القادر بريش في إفادة لـ "الترا جزائر " أن حجم تدفق الاستثمارات الأجنبية في الجزائر لا يزال دون ملياري دولار سنويًا، وذلك رغم صدور قانون الاستثمار الجديد 22-18 قبل سنتين، والذي كان مرفوقًا بتأسيس الوكالة الوطنية لترقية الاستثمار، وهيئة التحكيم والطعن المنصبة على مستوى رئاسة الجمهورية، والتي تعد بمثابة ضمانات كافية للمستثمرين الأجانب الراغبين في ولوج السوق الجزائرية، ناهيك عن التحسينات التي طالت بيئة ومناخ الأعمال والاستثمار بشكل عام.

ويرى المتحدث أن الأرقام المقدمة من قبل الوكالة الجزائرية لتطوير الاستثمار حول عدد المشاريع الاستثمارية الأجنبية التي تم تسجيلها مؤخرًا في الجزائر، والتي فاقت 200 مشروع استثماري أجنبي، تؤكّد أن وتيرة هذه الاستثمارات في منحى تصاعدي، حيث يُرتقب أن تجد هذه الأخيرة طريقها نحو التجسيد، لا سيما بعد استكمال الأطر المؤسساتية المصاحبة لبيئة الاستثمار، وإنشاء الشباك الوحيد والمنصة الرقمية للمستثمر، إضافة إلى الوكالة الوطنية للعقار الصناعي.

كما أضاف بريش أن الحكومة تبذل جهودًا حثيثة لتوفير بيئة استثمارية جاذبة من خلال تحديث البنية التحتية وتحسين الخدمات اللوجستية وتبسيط الإجراءات الإدارية، مشيرًا إلى أن هذا التوجه يعزز من جاذبية الجزائر كوجهة استثمارية على الصعيد الإقليمي والدولي.

مقاومة التغيير

بالمقابل، يعترف بريش بوجود أطراف لم يحددها تعمل على محاربة أيّة محاولة للتغيير والانفتاح الاقتصادي في الجزائر، وذلك من خلال عرقلة أيّة مبادرة تهدف إلى تحريك عجلة الاستثمار المحلي أو الأجنبي على حدٍّ سواءْ.

كما يرى عضو لجنة المالية والميزانية بالغرفة السفلى للبرلمان أن صورة النموذج الاقتصادي ونظام الحوكمة المتبع في الجزائر اليوم غير واضحة المعالم، بالرغم من تأكيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في كل مناسبة على أن النظام الاقتصادي في البلاد مبني على الاقتصاد الحر والمحافظ على اجتماعية الدولة.

واعتبر بريش، أن المرحلة المقبلة تقتضي الوضوح والفصل في التوجه الاقتصادي للدولة وتحديد دورها في الحياة الاقتصادية من خلال تحقيق التكامل بين كافة الفاعلين في العملية الاقتصادية، مضيفًا أن الحكومة يجب أن تعمل على وضع استراتيجيات واضحة لزيادة حجم تدفق الاستثمارات الأجنبية، على غرار تعزيز الشراكة بين القطاع العام و الخاص وتقديم حوافز ضريبية وجمركية للمستثمرين.

عبد القادر بريش لـ "الترا جزائر ": حجم تدفق الاستثمارات الأجنبية في الجزائر لا يزال دون 2 مليار دولار سنويًا

كما يشدد -محدثنا-على أهمية تعزيز الشفافية ومحاربة الفساد لضمان بيئة أعمال نزيهة وجاذبة، وتساهم في جلب  المستثمرين الأجانب والمحليين على حد سواء.