في السنوات الأخيرة، صار المشاهدون لا يرونه في الأعمال الرمضانية الدرامية التي تبثها القنوات الجزائرية عكس ما كان في السابق، حيث ظهر في عدّة أعمال سينمائية وتلفزيونية مع مخرجين جزائريين، لكنّ فلسفته في مجال التمثيل وقوّة إبداعه مكّنتاه من التحليق عربيًا بالمشاركة في أعمال تاريخية عربية مهمة.. إنّه عبد الباسط خليفة الممثل الذي تخطّت شهرته خارج حدود الجزائر.
السيناريست ياسين بوغازي لـ"الترا جزائر": احترافية عبد الباسط خليفة شكلت جزءًا من أسباب غيابه عن المسلسلات الجزائرية التي تواجه انتقادات على كثير من الأصعدة
المتتبع لمشهد الإنتاج التلفزيوني العربي يلاحظ وجود قلّة الحضور الجزائري من ممثلين أو مخرجين لأسباب مختلفة ربما ترتبط بالعلاقات الفنية أو الاتفاقيات بين البلدان أو شركات الإنتاج التي تختار ما يناسبها من ممثلين سواء على مستوى توجهها أو "النجومية"، التي قد تُضيف للأعمال التي تنتجها، لكن وسط هذه "العتمة" هناك ممثل جزائري يحفظ ماء الوجه وهو الفنان عبد الباسط خليفة الذي مثل الجزائر قبل أن يمثل نفسه في عدّة أعمال فنّية عربية كبرى، ويسجل حضوره بانتظام في خارطة الدراما العربية.
جزائري في سماء العرب
وإلى جانب بطل "عذراء الجبل" عبد الباسط خليفة، يعدّ الممثل الكوميدي حكيم دكار ابن مدينة قسنطينة، من أوائل الجزائريين الذين اقتحموا المسلسلات العربية في إنتاجات مشتركة مع سوريا، حيث قدّم عمله الشهير "جحا 1999" و"ظل الحكايا" 2011، إضافة إلى الممثلة بهية راشدي التي رافقته في "ظل الحكايا" بدعم منه وبشهادتها كما أكدّت ذلك ذات مرّة في تصريح صحفي سابق، أو الممثل رشيد بن قوذيفة الذي شارك في مسلسلين ليبيين بعنوان "غسق" و"الزعيمان" لأسامة رزق.. وعدا ذلك لا يوجد ممثلون برزوا في الدراما العربية باستثناء الممثلة الجزائرية أمل بوشوشة المقيمة في بيروت التي كانت لها عدّة تجارب عربية.
وفي2019، برز ثُلة من الممثلين الجزائريين في مسلسل جزائري-سوري بعنوان "ورد أسود" جرى تصويره في البلدين أنتجته قناة "الشروق" (خاصة)، إضافة إلى مسلسلين إنتاج جزائري-تونسي بعنوان "مشاعر " و "حب الملوك" (بالشراكة مع قناة النهار الخاصة) والأخير جرى منعه بسبب تضمنه مشاهد منافية للقيم والأخلاق... وعدا ذلك تغيب المسلسلات ذات الإنتاج المشترك بين الجزائر وباقي البلدان العربية.
وبالتالي يظل عبد الباسط خليفة الشخصية الجزائرية الأكثر حضورًا ضمن نجوم التمثيل العرب، خاصة مشاركاته في الأعمال التاريخية.
ومن سوء حظ عبد الباسط خليفة الذي كان يتمنى الجمهور الجزائري مشاهدته في رمضان 2024، لم يظهر بسبب منع المسلسل المثير للجدل "معاوية" (إنتاج أم بي سي)، حيث كان لخليفة دور "قيس بن سعيد"، إذا يعد الجزائري الوحيد في هذا العمل التاريخي، إلى جانب عديد الفنانين العرب مثل المصري أحمد بدير.. وغيرهم.
عاشق الأعمال التاريخية
ومسيرة عبد الباسط خليفة على المستوى العربي بدأت بمسلسل "عذراء الجبل" (2003 )الذي أدّت بطولته رنا الأبيض، ثم شارك في مسلسل "عندما تتمرد الأخلاق" لفراس الدهني، ثم "عيسات إدير" للمخرج الأردني كمال اللحام، ثم مسلسل "النور" لعبد الباري أبو الخير، إلى جانب مشاركة عدد من الممثلين العرب، إضافة إلى تمثيله في مسلسل "ذاكرة الجسد" الذي يحمل عنوان رواية كتبها الروائية الجزائرية المعروفة أحلام مستغانمي وإخراج نجدة إسماعيل أنزور.
وبعد تأجيل عرضه، شاهد الجزائريون في 2019، على قناة "النهار (خاصة) نجمهم عبد الباسط خليفة في المسلسل الضخم "الرايس قورصو" إلى جانب عملاق الكوميديا صالح أوقروت وسيد أحمد أقومي، وسهى ولهى.. وغيرهم. للعلم المسلسل كتبه المصري وائل عبد الحميد وإخراج مواطنه عادل أديب.
عبد الباسط خليفة غاب عن رمضان 2024 بسبب منع المسلسل المثير للجدل "معاوية" من إنتاج مجمع "أم بي سي"
وتحت قيادة المخرج الإيراني جمال شورجة، يؤدي عبد الباسط خليفة دور "يحيى آغا" في فيلم تاريخي حول "أحمد باي" إنتاج جزائري-إيراني.. لكن للأسف لم يعرض الفيلم إلى غاية اليوم لأسباب تبقى غير معروفة.
غياب عن المسلسلات الجزائرية؟
وفي السياق يتساءل متابعون عن سبب غياب النجم عبد الباسط خليفة عن الشاشة الجزائرية في السنوات الأخيرة هل هذا الغياب بمحض إرادته أم أنّ التغييب مقصود؟
وفي السياق ذاته يقول السيناريست ياسين بوغازي في حديث لـ"الترا جزائر" عن عبد الباسط خليفة: "يملك عدّة مواهب أعتقد أنّ أهمّها إتقانه وإجادته للغة العربية بشكل جيد، علاوة على أنّه أوتي بسطة في الجسم تساعده في أداء وتجسيد الشخصيات التاريخية."
وأضاف بوغازي: "ومع التجربة صار باحترافية متقدمة قليلًا عما هو سائد عندنا على مستوى العقود والأجور، والالتزامات واختيار الكاستنيغ (مسابقة الأداء) وكلها مكونات مهمة في بناء شخصية الممثل الناجح وهي كلها متوفرة في عبد الباسط."
ومن خلال حديث بوغازي، يستشف أنّ "احترافية عبد الباسط خليفة، شكلت جزءًا من أسباب غيابه أو "تطليقه" المسلسلات الجزائرية التي تواجه انتقادات على كثير من الأصعدة سواء ما تعلق بالأجور، أو الأدوار، أو السيناريو.. وغيرها."
للإشارة، بدأت قصة عبد الباسط خليفة مع الفن، في ريعان الشباب، حيث كان بعمر الـ17 ربيعًا، أين شارك في أولى أعماله المسرحية مع عميد المسرح الجزائري مصطفى كاتب، ثم لمع نجمه في أعمال مسرحية أخرى مثل مسرحية "أهل الكهف" تأليف الكاتب المصري محمود ذياب. كما شارك في مسلسلات إذاعية، ثم بزغ نجمه في عالم التمثيل التلفزيوني، حيث بصم على أدوار مهمة مثل مشاركته في المسلسل التاريخي "عذراء الجبل" تأليف الكاتب ووزير الثقافة الأسبق عزالدين ميهوبي، مسلسل "دعاة على أبواب جهنّم" للمخرج الأردني رضوان شاهين ، مسلسل "طوق النار" للأردني بسام المصري..إلخ، إضافة إلى أعمال في السينما مثل فيلم "نجمة الجزائر" لرشيد بن حاج، فيلم "شوارع الجزائر".. وغيرها.
