13-مايو-2024
حصاد القمح

كثبان القمح (صورة: فيسبوك)

مع بدء حملة الحصاد والدرس في الجنوب الجزائري، غزت صور "كثبان القمح" مواقع التواصل مع تفاؤل كبير باقتراب الجزائر من تحقيق الاكتفاء الذاتي من هذه المادة الاستراتيجية، غير أن الوصول لهذه الغاية لا يزال وفق مختصين يتطلب وقتا أكبر.

مديرية المصالح الفلاحية بولاية تيميمون، تتوقع إنتاج 350.000 قنطار من مختلف أنواع الحبوب في ختام حملة الحصاد والدرس لموسم 2023-2024 بزيادة تقدر بـ27 بالمائة مقارنة بالموسم الفارط

وتبدو الصور المعروضة للوهلة الأولى من قلب الصحراء، كأنها كثبان رملية لكنها في الواقع جبال من قمح وشعير قادمة من مستثمرات فلاحية كانت إلى وقت قريب أراض قاحلة فتحولت إلى جنّات غنّاء تجود بمختلف أنواع المحاصيل.

ونشرت صفحة "ديسكوفر ألجيريا" صور الحصاد مع تعليق يقول: "لا ليست رمال إنها كثبان من القمح  من الصحراء الجزائرية.. الله يبارك ما شاء الله اكتفاء ذاتي من القمح". وتنبأت صفحة أخرى، بأن ولاية أدرار ستكون سلة غذاء الجزائر المقبلة

وتداول رواد مواقع التواصل فيديو لأحد المستثمرين وسط الحقول يقول فيه إنه تمكن في ظرف سنة فقط من استصلاح ما يقارب 500 هكتار بصحراء أدرار في الجنوب الغربي، وحقق محصولا وفيرا من القمح والفرينة ومختلف الحبوب.

وأوضح هذا المستثمر القادم من ولاية ميلة شمال البلاد، أن الإعانات التي تلقاها من الدولة ساهمت في نجاح مشروعه، خاصة من جانب التراخيص المتعلقة بحفر آبار المياه المتوفرة بكثرة في المنطقة.

ووفق مسؤولي مديرية المصالح الفلاحية بولاية تيميمون، يتوقع إنتاج 350.000 قنطار من مختلف أنواع الحبوب بالولاية في ختام حملة الحصاد والدرس لموسم 2023-2024 بزيادة تقدر ب 27 بالمائة مقارنة بالموسم الفارط.

وأوضح مدير القطاع، توفيق بن منصور، في تصريحات صحفية أن ارتفاع إنتاج الحبوب المتوقع يعود إلى توسع المساحة المخصصة لهذه الشعبة الإستراتيجية، والتي قفزت من 6.316 هكتار في الموسم المنقضي إلى 8.331 هكتار في الموسم الجاري.

وأشار إلى أن هذه الزيادة في المساحة المزروعة بالحبوب تحت الرش المحوري، تحققت بفضل التحفيزات والتسهيلات المقدمة من طرف الدولة للمستثمرين، لاسيما فيما يتعلق بمعالجة الملفات في حينها وتذليل كافة العراقيل التي كانوا يعانون منها في وقت سابق.

وقد تم تسخير لإنجاح حملة الحصاد والدرس، 15 آلة حصاد و40 شاحنة لنقل المحصول إلى صوامع التخزين بما فيها الموجهة للاستهلاك أو تكثيف البذور، وفق مدير تعاونية الحبوب والبقول الجافة لولاية أدرار، مختار يعيشي.

وتعمل من جهتها مؤسسة سونلغاز على ربط المستثمرات الفلاحية بالكهرباء في قلب الصحراء، وذلك في إطار البرنامج الوطني المسطر من قبل وزارة الفلاحة والتنمية الريفية ومجمع سونلغاز الذي بلغ 95 بالمائة، وفق ما ذكره مدير الطاقة والمناجم، صديق أوسيف.

ولا تزال أراض كثير تحتاج من يستصلحها. ففي حديثه، قال والي تيميمون لدى إشرافه على إعطاء انطلاق هذه الحملة بالمحيط الفلاحي مقيدن (200 كلم جنوب- شرق تيميمون)، أن الأبواب مفتوحة أمام المستثمرين الفلاحيين الراغبين في الاستثمار بالولاية التي تتوفر على مقومات طبيعية هائلة، على غرار الأراضي الزراعية الشاسعة القابلة للاستصلاح والمياه الجوفية.

إمكانية تحقيق الاكتفاء؟

وتبدو هذه الإرادة على تطوير الفلاحة الصحراوية مشجعة، إلا أن الحديث عن تحقيق اكتفاء ذاتي من القمح هو سابق لأوانه، وفق الصحفي المتخصص في المجال الفلاحي جلال نكار.

وقال الصحفي في منشور له على فيسبوك: "لا تغرنكم صور حصاد القمح هذه الأيام.. فكمية الإنتاج تحتسب بالطن والقنطار ولا تحتسب بالصور ، والإنتاج الجزائري من الحبوب يبقى بعيدا عن الاكتفاء، ولو أن هنالك نية من أجل تحقيق هذا الهدف، لكن المبتغى لا يتحقق بالنيات فقط".

وأضاف: "احتياجات الجزائر من القمح تقارب حوالي 10 مليون طن سنويا. أما الإنتاج المحلي يقدر بحوالي ربع الاحتياج ، يعني أننا نستورد ثلاثة أرباع ما نحتاج وننتج الربع".

ويخلص نكار إلى القول إن الجزائر لديها حلان لا ثالث لهما، أما الأول فهو "مضاعفة الإنتاج في نفس المساحة المزروعة حاليا (حاليا المساحة المزروعة تتراوح بين 2 و 3 مليون هكتار)، أي مضاعفتها أربع مرات بالوصول إلى معدل إنتاج 40 قنطار في الهكتار(حاليا ننتج بين 10 و 20 قنطار فقط في الهكتار)، وبهذا المعدل سنصل إلى إنتاج كل احتياجاتنا من القمح، وهو معدل ممكن جدا وليس بعيدا وأعرف فلاحين ينتجون أكثر من هذا المعدل، لكن يستلزم إمكانيات ويستلزم سقيا تكميليا فلا يمكن المراهنة على التساقط المطري في شمال افريقيا".

والحل الثاني وفق المتحدث هو "توسيع المساحة المزروعة الى الضعف على الأقل  وهذا يقودنا إلى الصحراء باعتبار أن المساحات الكبرى لا توجد في الشمال، لكن الزراعة الصحراوية تحتاج إمكانيات أكبر من الزراعة في الشمال،  فالتربة ضعيفة الخصوبة والمعادن وتحتاج كمية أكبر من الاسمدة، والتساقط المطري ضعيف جدا والقمح هنالك يحتاج لسقي كامل ودائم و ليس سقي تكميلي مثل الشمال  فضلا عن الطرقات والمخازن والنقل والكهرباء الفلاحية وغيرها".