15-مايو-2024
1

أحد الأطفال الناجين (صورة: فيسبوك)

بعد الصدمة الأولى التي أحدثتها فاجعة غرق خمسة أطفال بمنتزه الصابلات بالجزائر العاصمة وما رافقها من اتهامات لمؤطري الرحلة بالإهمال، ظهرت أصوات تدافع عن هؤلاء وتطالب بعدم تحميلهم المسؤولية كاملة قبل الانتهاء من التحقيق ومعرفة ملابسات ما حدث فعلا.

أولياء التلاميذ الذين كانوا في الرحلة نشروا بيان يعلنون فيه دعمهم للمؤطرين

وتدخل أولياء التلاميذ الذين كانوا ضمن الرحلة المشؤومة شخصيا، للدفاع عن المؤطرين والتأكيد على أنهم من الأشخاص المؤتمنين والمعروفين في منطقة عين بوسيف بحسن السيرة، وذلك عبر نشرهم بيانا تم تداوله على نطاق واسع على مواقع التواصل.

وقال أولياء التلاميذ المشاركين في رحلة 11 أيار/ماي 2024 المنظمة من طرف دار الشباب مزاري الحسن بعين بوسيف: "نعلن أننا قمنا بمنح أبنائنا تراخيص للذهاب في الرحلة وعلى علم بالوجهة مع طاقم التأطير الموثوق فيهم والذين نزكيهم ونشهد لهم بالانضباط والحرص وحسن الخلق والنية الحسنة هو الأمر الذي جعلنا نستأمنهم على فلذات أكبادنا".

وأضافوا: "إننا اليوم إذ نحرر هذا البيان وقلوبنا تعتصر على أبنائنا الذين استشهدوا رحمهم الله وفي ذات الوقت قلوبنا وجلة على أبنائنا الذين هم في العناية المركزة نتمنى من الله عز وجل أن يشفيهم وفي ذات الوقت قلوبنا مع إخواننا المؤطرين الذين رافقوا أبناءنا وقدر الله أن حدث ذلك الحادث الذي لا نشك قيد أنملة في ضمائر إخواننا المشرفين على الرحلة في التقصير أو التهاون" .

وتابع البيان: "إذ نوضح للرأي العام مدى ثقتنا التي كانت ولا زالت في إخواننا المشرفين على الرحلة الذين قدر الله عليهم هذا الابتلاء، فإننا نعلن دعمنا المطلق لهم ووقوفنا الدائم معهم كما أننا ننتظرهم في أقرب وقت لتأطير أبنائنا والاستفادة في خدماتهم التربوية المميزة كما كانوا دائما" .

وختم الأولياء بالقول: "إذ نعرب عن ثقتنا اللامتناهية في عدالتنا وفي دولتنا بكل أجهزتها وعلى رأسهم السيد رئيس الجمهورية فإن هذا البيان يعتبر دعما لإخواننا".

وكانت مصالح الأمن قد أوقفت سبعة أشخاص مشتبه في تورّطهم في حادثة غرق التلاميذ في شاطئ منتزه الصابلات، بالعاصمة، يوم السبت الماضي.

وأوضحت النيابة العامة أن التحقيق سيشمل "مدى توفر الشروط القانونية والتنظيمية المتعلقة بحماية الأطفال المعنيين بمثل هذه النشاطات والمحافظة على السلامة الجسدية، مع تحديد المسؤوليات ضدّ كل من يثبت ضلوعه في واقعة الحال."

وتداول روّاد مواقع التواصل رسالة مكتوبة بخط اليد لأحد المؤطرين (المربي قويديري عبد الرحمن)، تضمنت دعوة للرفق بمن أشرفوا على الرحلة وعدم التعامل بالعاطفة دون معرفة ملابسات ما حدث.

 

وكتب هذا المؤطر يقول: "بسم الله الذي قدر كل شيء علما، بسم الذي جعل لكلِّ شَيْءٍ كتاب ، بسم الله الذي كتب على نفسه الرحمة وأمر عباده بالتراحم بينهم أما بعد، رسالة إلى الرأي العام ، إلى كل من له عقل رشيد وفكر سَدِيد.. ارحموني.. ارحموا حسن نيتي، ارحموا إخلاصي وتفاني طيلة 36 سنة.. ارحموا حسرتي على تلاميذي و حسرة أهلى عليّ.. كما أخذ القَدَرُ مِنَّنا تلاميذنا أخَذَ آلاف الأبناء وهم مُتَشَبِّثُون بأيدي آبائهم. لا أحد منكم يعرف كيف جَرتَ الأحداث، ولا أحد منكم عرف الظروف التي حالت دون ذلك فرجاء رجاء لا تأخذكم العاطفة فتكبوا بذلك الزيت على النار منشوراتكم وتعليقاتكم المؤذية كونوا إيجابيبين.. تضامنوا معنا".

وكان التفاعل واسعا مع قصة المؤطرين، حيث اعتبر البعض موقف أولياء التلاميذ شهما ورجوليا برفضهم إلقاء الاتهامات جزافا على المشرفين على الرحلة.

وفي السياق، كتب الخبير التربوي بن زهرير بلال في تعليقه أنه لا يجب أن نلقي باللوم على المؤطرين فقط ون كان لهم جانب من المسؤولية لكن من يلوم متسائلا أين أعوان الحماية الذين من المفروض يحرصون على عدم اقتراب المواطنين من الأماكن الممنوعة  فما بالك بالأطفال، وعن المسؤول عن التأخير في إخراج الأطفال وعن غياب الحراسة في المنطقة. مشيرا إلى أن الكل يتحمل وزره ومسؤولياته .

أما الكاتب الصحفي محمد علواش فانتقد توجيه الاتهامات للحلقة الأضعف وهي الجهة التي نظمت الرحلة.

وقال في تدوينة له: "بالعودة إلى مأساة "منتزه الصابلات" كالعادة، كثر "الضجيج" و"الصراخ" في الساعات الأخيرة، وراح كل واحد ينصب نفسه "محققا" فوق العادة، يوزع الاتهامات و"قاضيا" يصدر الأحكام... وما لاحظته، وخاصة على مستوى وسائل الإعلام، أن الاتهامات وجهت مباشرة إلى "الحلقة الأضعف" في المعادلة، والمتمثلة في "الجهات" التي نظمت "رحلة التلاميذ"، سواء عن قصد أو غير قصد، وذلك بهدف "التغطية" على "المسؤولين الحقيقيين" و"المسؤولين الرئيسيين" عن حدوث الكارثة"

وأوضح علواش أن المسؤول الأول عن مأساة "تلاميذ ولاية المدية" بمنتزه الصابلات سياسيا وقانونيا وأخلاقيا هي وزارة الداخلية وولاية الجزائر العاصمة، ومن ورائهما السلطات العليا، التي سمحت "بافتتاح" منتزه الصابلات أمام الزوار منذ سنوات، رغم أنه لا يزال ورشة مفتوحة وغير مكتملة ولا يتوفر على شروط استقبال مئات الآلاف من الزوار يوميا وخاصة من ناحية الأمن والسلامة.

أما المسؤول الثاني عن الكارثة حسبه، فهي إدارة "المؤسسة المسيرة لمنتزه الصابلات" ومن ورائها "الأجهزة الأمنية" المكلفة بالسهر على سلامة الآلاف من الزوار الذين يقصدون المكان يوميا وحمايتهم.

وأشار الصحفي إلى أن الشواطئ الملحقة بمنتزه الصابلات هي جزء لا يتجزأ منه، وهي ليست مخصصة للسباحة فقط، وإنما هي فضاءات للتنزه، حيث يتواجد الآلاف من الزوار على جنباتها على مدار الساعة قصد الاستمتاع بمناظر البحر ونسماته، وطوال السنة، ولذلك فإن مسؤولية إدارة منتزه الصابلات في حراستها على مدار الساعة وطوال أيام السنة تبقى قائمة.

وكان التلاميذ الخمسة قد شيّعوا ليل الأحد، بمقبرة غالية في بلدية عين بوسيف، في ولاية المدية، إلى مثوراهم الأخير وسط جو جنائزي مهيب.