يصل البرد في الشّمال الجزائريّ إلى درجات متطرّفة في الانخفاض، خاصّة في منطقة الهضاب العليا والسّهوب. ويكون من الصعب على الكائنات الحية الصمود ليلًا، فليس غريبًا أن يُعثر على جثة حيوان مات متجمدًا.
بادر جامعيون وبياطرة في مدينة الأغواط الجزائرية، إلى إطلاق مشروع بناء بيوت صغيرة للقطط المشردة في الشوارع
وانطلاقًا من المثل الشعبي القائل: "النار والدار فاكهة الشتا"، وفي ظل استغراق الجزائريين في أكثر من احتجاج شعبيّ على عدم الحصول على مساكن أو تأخّر توزيعها، إذ يُعرف عن الحكومة منح المواطنين مساكن بصيغ مختلفة، أشهرها الصيغة الاجتماعيّة، حيث يمكن لذوي الدّخل المحدود الحصول على مساكن مجّانية.
اقرأ/ي أيضًا: "الأغواط الزّينة".. روح المجتمع المدني في الجزائر
في ظل ذلك، بادر شباب جامعيون وبياطرة في مدينة الأغواط (400 كيلومتر إلى الجنوب من الجزائر العاصمة) إلى إطلاق مشروع بناء بيوت صغيرة للقطط المشردة في المدينة.
قطط الأغواط
تقول الطبيبة البيطرية ليليا لعمش، لـ"ألترا صوت"، إن الفكرة جاءت "حينما عثرنا على قطّ صغير في الشّارع بدون مأوى، حيث كان سيلقى حتفه، فقرّرنا البحث له عمّن يتكفّل به وأنشأنا صفحة (قطط الأغواط) في شهر كانون الأول/ديسمبر الماضي. ولم نكن نتوقّع أن تحقّق نجاحًا رائعًا".
وظهر من خلال الصّفحة أن قطاعًا واسعًا من شباب المدينة، يحبّ القطط ويربّيها ويملك منها فصائل مختلفة منها فصائل نادرة، حيث كان الانطباع السّائد لدى الرّأي العامّ أن الميل الأكبر للشّباب هو للكلاب بما في ذلك الكلاب الشرسة.
وبدأ العديد من الشباب في إرسال صور قططهم، حتى أطلقت الصفحة مسابقة ناجحة لأجمل صورة قط، وتنافس الشباب في وضع منشورات تتناول حياة القطط وما يتعلّق بطعامها وحمّامها وعلاجها وطرائق التكفّل بها وما قيل فيها من طرف الفنّانين والشعراء والفلاسفة.
من السوشال ميديا إلى الشارع
وبعد أن تمّ التّعارف بين محبّي القطط في المدينة من خلال الصّفحة، خرجوا إلى الميدان لتجسيد مشروع بناء بيوت لها. وكما أوضحت البيطرية ليليا لعمش، فإن هذه البيوت "تُصنع من عجلات السيارات والألواح الخشبية، وتُحشى بالأغطية الدافئة، ثم تُجمّل".
وأشارت لعمش إلى تفاعل السكان معهم بالتبرع والمساعدة: "ما أن يرانا السكّان حتّى يخرجوا إلينا بالأغطية وما تقتضيه بيوت القطط من مستلزمات، وهو ما ربط نجاح المبادرة باحتضان المحيط لها، حتّى أنّ البعض تطوّع بالتكفّل بالقطط في بيته، حيث تمّ التكفّل بـ50 قطًّا خلال 20 يومًا".
ولفتت الطبيبة البيطرية الناشطة في الحملة، إلى حرص القائمين على "قطط الأغواط"، على أن يقيموا بيوت القطط في أماكن قريبة من أعين الناس، وذلك بغرض أن يتوفر للقطط الطعام مما يتبرع به السكان، وكذا لحماية هذه البيوت من السرقة أو العدوانية.
وزيادة في التفاعل مع الحملة من قبل المواطنين، قالت لعمش إنه "مما يثير الفرح أنّ ثمّة شبابًا بات يجلب القطط المحتاجة إلى علاج من الشّارع إلى عيادتي". وتختم ليليا لعمش: "لقد بدأنا نحقّق هدفنا، وهو جعل العناية بالقطط ثقافة عامّة".
تفاعل المواطنون مع حملة بناء بيوت القطط في مدينة الأغواط الجزائرية، وعمدوا إلى التبرع بالطعام للقطط، والمواد اللازمة لبناء بيوتها
يقول الجامعيّ موتح أحمد نوفل، الذي يملك أربعة قطط، إنّه شعر بالسّعادة حين صادف الشّباب يشتغلون على بيوت القطط، موضحًا: "سبب سعادتي أنّ هناك وعيًا مختلفًا لدى الجيل الجديد، يتمثّل في رعاية الحيوان، الذي هو شريكنا. والخروج من الاكتفاء بالمطالب الاجتماعية إلى التكفّل بشركاء المحيط من نبات وحيوان". مستشهدًا بمقولة مارك توين: "كلّ إنسان يحبّ القطط أنا صديقه ورفيقه من غير تعارف أو مقدّمات".
اقرأ/ي أيضًا:
"لقد سكنتنا الجزائر".. لقاء بشابين يطوفان البلاد على الأقدام