22-يوليو-2019

مهرجان 'أحكي فن" يعرف نشاطات ثقافية مختلفة في الشارع (فوزي الواضح)

على بعد 60 كيلومترًا من مدينة تيزي وزو شرقي الجزائر، تقع قرية الساحل التابعة إداريًا لبلدية بوزقن، ستصبح تلك القرية الهادئة النائمة على سفح جبل جرجرة، قبلة لأهل الفن والثقافة، إذ تستضيف الطبعة السادسة عشر من مهرجان "احكي فن" المعروف باسم "Raconte-Arts"، هذه التظاهرة الشعبية التي تكرّس فكرة الثقافة في الشارع وفلسفة الثقافة للجميع.

يشارك في هذه التظاهرة أزيد من 420 فنانًا من داخل الوطن وخارجه

تتواصل أيّام التظاهرة على مدار أسبوع كامل، من الـ19 إلى الـ26 من جويلية/ تمّوز الجاري، عبر برنامج متميّز يجمع بين الحكاية والكتاب والسينما والمسرح والرسم والغناء، تتحوّل فيه قرى منطقة القبائل الهادئة إلى مزار لفنّانين وكتّاب ومثقّفين، وتتحوّل أزقّة القرية الضيّقة إلى ما يشبه بساطًا أحمرًا في الهواء الطلق.

اقرأ/ي أيضًا: لماذا الحكايات في حياتنا؟

شهدت سنة 2003، إنطلاق أوّل طبعة للمهرجان، كانت مدينة أث ينّي (عاصمة الفضّة)، أوّل مدينة تحتضن المهرجان الذي كان نتاج تفكير عميق من رابطة الفنون السينمائية والدرامية بتيزي وزو، من أجل خلق حركية ثقافية داخل القرى الصغيرة المنتشرة في منطقة القبائل، والتي تعاني من نقص فادح في المراكز والمؤسّسات التي من شأنها التكفّل بالشأن الثقافي هناك.

 لقد أراد المنظمون أن يكون المهرجان فرصة لقاء مباشر بين الثقافة وسكان تلك القرى، وإرساء قواعد الثقافة الشعبية، أو "الثقافة للجميع من غير استثناء"، فصار بإمكان سكان تلك القرى حضور عروض فنية ومسرحية دون عناء التنقّل إلى عاصمة الولاية أو ولايات أخرى. الهدف الرئيسي من المهرجان كان "تكريس مبدأ لا مركزية الثقافة".

تعتبر الحكاية أو القصة جزءًا كبيرًا من الموروث الثقافي الشفوي في الجزائر وفي منطقة القبائل خاصّة، وهو ما تسعى إدارة المهرجان لإحيائه، وإعطائه الاهتمام اللاّزم من أجل حمايته من خطر الزوال، كما يتضمّن برنامج التظاهرة عروضًا سينمائية ومسرحية، ورشات تدريبية في مختلف الفنون، مسابقات في الرسم، محاضرات ومعارض للكتاب، وحفلات يُحييها عدد من الفنانين، طبعة هذه السنة تجمع أزيد من 420 فنّانَا من الوطن وخارجه، إذ تشهد هذه  مشاركة ضيوف من عدّة دول ذات ثقافات مختلفة. وقد كانت البداية بحضور السفير الهولندي في أوّل يوم من المهرجان بعد أن أعجب بالصور التي شاهدها في نسخة العام الماضي.

ينتظر المنظمون إقبالًا كبيرًا من طرف الجمهور الذي يقصد التظاهرة من كل ربوع الجزائر في شكل من أشكال السياحة الثقافية، كما يدعون إلى الاهتمام بالتاريخ المحلّي لقرى الجزائر ومدنها القديمة.

تنظيم مهرجان وسط قرية صغيرة تخلو من أي منشآت ثقافية كبيرة، ولا تتوفّر حتى على فندق لإيواء المشاركين، يثبت لنا مرّة أخرى أنّ الفعل الثقافي هو مسؤولية الجميع، وأنّ الحراك الثقافي لن يتأتى من دون انخراط كامل لكافة شرائح المجتمع، فلقد تبرّع سكّان القرية لإيواء المشاركين في مختلف فعاليات المهرجان، كما تمّ إعادة ترميم منازل قديمة ومهجورة لجعلها مراقد خلال فترة المهرجان.

وزارة الثقافة الجزائرية تتجاهل مهرجان "أحكي فن" رغم تواصله على مدار 16 سنة

من الناحية المالية، يعتمد المنظّمون على المساعدات التي يتلقونها من بعض أصدقاء المهرجان، خاصّة مع الشحّ الكبير في ميزانيات الثقافة بالمدن الصغيرة، إذ تقف السلطات المحليّة شبه عاجزة على تقديم الدعم، فيما تبقى نقطة الاستفهام تحوم حول تجاهل وزارة الثقافة هذا المهرجان الذي يعتبر الوحيد من نوعه، بينما تُصرف أموال طائلة من أجل سهرات غنائية تدوم لساعتين أو ثلاث، أمر اعتبره المنظمون إجحافًا في حقّ شباب متطوّعين صمدوا لستة عشرة سنة على التوالي. وجعلوا من هذا المهرجان أكبر مهرجان شعبي في الجزائر.

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

الشيخ ريمون.. نوبة مفقودة في مالوف قسنطينة

جراحات الذاكرة التاريخية في الرواية الجزائرية المعاصرة