17-أبريل-2021

من مسلسل "عاشور العاشر" (يوتيوب)

 
كان بثّ المسلسل الكوميديّ "عاشور العاشر" في جزئه الأوّل، خلال الموسم الرّمضانيّ لعام 2015 على قناة "الشّروق تي. في".؛ لمخرجه جعفر قاسم (1966)، وتدور أحداثه المتخيَّله في القرن العاشر راصدةً سيرة الملك عاشور (صالح أوقروت) في تعامله مع أسرته ورعيّته والممالك المجاورة؛ فوق توقّع الجزائريّين، إذ كان تبرّمهم من مستوى الدّراما الرّماضيّة المحلّيّة واضحًا؛  فسرعان ما فرض نفسه خلال أيّام البثّ الأولى، بما أهّله لأن يتصدّر نسب المشاهدة، حسب معهد إيمار الفرنسي.
إعلان صالح أوقروت عن انسحابه خلق جدلًا شعبيًّا وفيسبوكيًّا عن مدى قدرة جعفر قاسم على تجاوز هذا المطبّ 
واستطاع فريق المسلسل الذّي استقطب نخبة من الوجوه المعروفة مثل سيد أحمد أقومي ومدني نعمون وياسمين عمّاري ومحمّد يبدري، أن يحافظ على تميزه في موسمه الثاني عام 2017، وبُثّ على القناة نفسها، بما جعله يخلق نجومًا جددًا من الجيل الجديد. 
حالت إكراهات إنتاجيّة دون حضور موسمه الثّالث، ضمن الشّبكات الرّمضانيّة للأعوام الموالية، لكنّه بقي في أذهان ووجدان الجزائريّين الذّين راح قطاع واسع منهم يستحضر، في مواقع التّواصل الاجتماعيّ، مقاطعَ من حلقاته العشرين في الموسم الأوّل والثّلاث والعشرين في موسمه الثّاني، بالنّظر إلى كونه كان مستشرفًا لكثير من الأحداث السّياسيّة والاجتماعيّة، قبل حدوثها، خاصّة تلك المتعلّقة بالحراك الشّعبيّ منذ انطلاقه في مطلع عام 2019.

ما أن أعلن المخرج جعفر قاسم في النّصف الثّاني من عام 2020 عن إمكانية حضور الجزء الثّالث، ضمن شبكة رمضان 2021، حتّى أعلن الممثّل والبطل الرّئيسيّ للمسلسل صالح أوغروت عن عدم مشاركته فيه، بما خلق جدلًا شعبيًّا وفيسبوكيًّا عن مدى قدرة جعفر قاسم على تجاوز مطبّ انسحاب "عمّي صالح"، الذّي قام الجزءان السّابقان على تميّز وبراعة حضوره؛ بما توّجَهُ ملكًا على عرش الدّراما الجزائريّة، رغم أنّ البديل الذّي أُعلِن عنه كان ذا تجربة وحظوة شعبيّة هو الممثّل حكيم زلّوم (1974). 

كان الفضول الذّي خلقه هذا التّغيير في دور البطولة، بالإضافة إلى الغموض الذّي تركه المشهد الأخير من الموسم الثّاني، حيث صوّب مجهول سهمًا إلى الملك عاشور العاشر، من أكثر العوامل التّي هيّئت مسبقًا قاعدة مشاهدة معتبرة للجزء الثّالث من المسلسل الذّي انتقل من مسقط رأسه الأوّل "الشّروق تي. في" إلى التّلفزيون الحكوميّ، في مسعى إدارته الجديدة إلى استعادة الصّدارة في المشاهدة الرّمضانيّة.

وأظهرت الحلقة الأولى أنّ جعفر قاسم استغلّ معطى السّهم المجهول، فأُعلِن في سكّان المملكة العاشوريّة أنّ السّهم شوّه وجه السّلطان، وهو بين الحياة والموت، ممّا فرض استدعاء طبيب الملك دحمانوس الذّي يحكم مملكةً أجنبيّة للإشراف على وضع ملامح جديدة للسّلطان عاشور عوضًا عن ملامحه المشوّهة، تمهيدًا لظهور حكيم زلّوم بدلًا عن صالح أوغروت.

رغم ملاحظة أنّ السّهم وحدة لا يستطيع أن يُشوِّه وجهًا كاملًا، إذ كان المنطق يتطلّب مبرّرًا إضافيًّا، إلّا أنّ قطاعًا واسعًا من الفسابكة الجزائريّين أدرجوا حيلة جعفر قاسم ضمن خانة الذّكاء.
يقول المنتج التّلفزيونيّ خليل براهيمي، إنّ التفطّن إلى هذه الحيلة أنقذت المسلسل من الوقوع في الابتذال لو أنّه أظهر الممثّل البديل مباشرةً؛ وأنقذت ذكاء المخرج وكاتب السّيناريو من المحاكة الشّعبيّة بما كان سيؤثّر في نسبة المشاركة. غير أنّ العكس هو الذّي سيحدث، إذ سيطمئن المشاهد إلى أنّه لن يخيب في القادم من الحلقات".
يضيف محدّث "الترا جزائر": "علينا التّنبيه إلى أنّ بعض السّلاسل الدّراميّة لا تطلق جزءًا جديدًا لأنّ سياقها وذكاء القائمين عليها استدعيا ذلك؛ بل للحصول على مزيد من المال، وهو ما أوقعها في الابتذال". 

ولاحظ الصّحافيّ المتخصّص في السّمعيّ البصريّ محمّد علّال أنّه، رغم أنّ الحلقة كانت باردةً نوعًا ما وباهتةً  بصريًّا إلّا أنّ جعفر قاسم نجح في تجاوز أكبر عتبة أمامه، بعملية جراحيّة فنّيّة برّر  فيها استبدال صالح أوغروت المعروف بصويلح بحكيم زلّوم، "وفي المقابل كان المشاهد يترقّب الإسقاطات السّياسيّة. وهي أكثر شيء يبحث عنه في هذه السلسة تحديدًا". 

في سياق هذه الإسقاطات السّياسيّة، قال الفنّان إبراهيم حدرباش: "تبديل وجه شخصيّة عاشور العاشر ليس له تفسير إلّا أنّ الحكم السّابق هو نفسه الحالي. وهذا ليس برأيي الشّخصيّ، بل هو إيحاء لا أدري كيف لم ينتبه له التّلفزيون الوطنيّ! أم هو مقصود؟". 
أبدى قطاع واسع من الجزائريّين ارتياحهم إلى أنّ الشّبكات التّلفزيونية تضمّنت بعض ما هو جدير بالمتابعة
على عكس مطلع الموسم الدّراميّ الرّمضانيّ الفائت، أبدى قطاع واسع من الجزائريّين ارتياحهم إلى أنّ الشّبكات التّلفزيونية لبعض القنوات الحكوميّة والخاصّة، خلال هذا الموسم، تضمّنت بعض ما هو جدير بالمتابعة. ويأتي الجزء الثّالث من مسلسل "عاشور العاشر" لجعفر قاسم من بين هذه الأعمال.