16-أغسطس-2024
(الصورة: الترا جزائر)

المترشحون للانتخابات الرئاسية (الصورة: الترا جزائر)

بين المشاريع الثّلاثة للمرشحين للانتخابات الرئاسية المقرّرة في الـ 7 أيلول، سبتمبر المقبل، خطٌّ فاصل هو النّاخب والصندوق، لكنه الحلقة الأقوى في ميزان الإقناع بمضامين البرامج خاصة وأنها اليوم محاور على الورق، وتطرح قضية السياسة وسؤال التنمية.

ماهي الآليات التي سيوظفها الطامحون للرئاسة لاستخدامها في تنفيذ هذه المقترحات في كل هذه القطاعات؟

"جزائر مُنتصِرة".. إتمام مسار

اعتمد المرشحون للانتخابات شعارات مقتضبة، ظاهريًا تقتصد عدد الكلمات في اختصار جاذب، ولها دلالات من حيث المعنى باسقاطها على توجهاتهم السياسية.

أفرجت مداومة المرشح الحرّ عبد المجيد تبون عن عنوان البرنامج الانتخابي -الرئاسي للمرشح الحرّ، عبد المجيد تبون موسوم بـ: "من أجل الجزائر المُنتصِرة"، وهو العنوان الذي سيحمله خلال جولاته المسطرة في الداخل الجزائري، وداعميه أيضًا للعب على وتر المنجزات المحققة في العهدة الرئاسية الأخيرة (2019-2024).

انطلاقًا من تلك المنجزات، فسُلّة الرئيس – المرشح ممتلئة على حسب قول الداعمين من رؤساء الأحزاب، ومروره لعهدة رئاسية ثانية، إلاّ أنّ الكثير من الدلالات يوحي بها بدء من ارتباطه بالبلد وانتصارها في معركة البناء والتشييد.

مقارنة بالمرشحين الآخرين يوسف أوشيش عن جبهة القوى الاشتراكية، الذي عرض برنامجه "رؤية" وعبد العالي الشريف حساني عن حركة مجتمع السلم الذي عرض برنامجه " فرصة"، تحدث عن أمله في أن "يحتكم لتزكية شعبية لمواصلة مسارات التغيير، لافتًا إلى أنّ المنجزات المحققة في الميدان هي من يتكلم".

ويتّضح جليًا أنّ الاختيار الذي وقع على هذا الشعار في الحملة الانتخابية، للمرشح تبون يعدّ "حلقة جديدة من حلقات مسائل بناء الجزائر الجديدة"، كعنوان الفترة الرئاسية الأخيرة.

ومن خلال عرضه للالتزامات في خطابه الأوّل خلال الحملة الانتخابية، طرح حزمة من التعهّدات التي يستكمِل بها العهدة الرئاسية القادمة (2024-2029)، إن تمّت تزكيته من الشعب لمرة الثانية.

ومن بين الالتزامات التي يمكن أن يرصد لها جهدًا خلال الفترة المقبلة هي مواصلة مشاريع التنمية في شتى القطاعات خاصة منها بناء الملايين من السكنات، ورفع سلم الأجور وتعزيز القدرة الشرائية.

إعادة قاطرة عمل المصانع والمؤسسات في إطار قضايا مكافحة الفساد، وتشغيلها مجددًا لفائدة الصالح العام، هي من بين المحاور أيضًا، فضلًا عن توفير مناصب شغل.

"رُؤية" وزيادة الأجور "رؤية للغد" هو العنوان الذي اختاره يوسف أوشيش، مرشح جبهة القوى الاشتراكية للرئاسيات، لبرنامج يتطلع إلى نظرة للمستقبل، وبعث الأمل لدى المواطنين.

كما التزم أوشيش في أول يوم من الحملة الانتخابية، بتبني "نظام شبه رئاسي مع إعطاء صلاحيات أكبر للبرلمان من أجل تكريسٍ فعلي لمبدأ التوازن بين السلطات، إضافة إلى ضمان استقلالية العدالة من خلال إصلاح المحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للقضاء".

كما تعهّد بإصلاح الجماعات المحلية عبر "تكريس اللامركزية والديمقراطية التشاركية ومنح صلاحيات أكبر واستقلالية أكثر للسلطات المحلية المنتخبة” مع “إنشاء ولايات وبلديات جديدة وحذف الدائرة من التقسيم الإقليمي الوطني".

اجتماعيًا وعد مرشح الأفافاس بـ"رفع الأجر الوطني الأدنى المضمون إلى 40 ألف دينار، وإلغاء الضريبة على الدخل بالنّسبة للأجور التي تكون أدنى من 50 ألف دينار فضلا عن القيام بتسقيف أسعار المواد الغذائية.

في الجانب الاقتصادي، وضع برنامج المرشح أوشيش "رؤية شاملة للخروج من سياسة الريع وهذا بتنويع الاقتصاد، تحسين مناخ الأعمال، عصرنة النظام البنكي والمالي ومحاربة السوق الموازية".

وبهدف تجسيد رؤيته على أرض الواقع، أكد على العمل من أجل تحقيق "السيادة الغذائية والتخطيط الزراعي والإنتاج الحيواني وتسيير العقار الفلاحي، منها إنشاء وكالة وطنية للأمن الغذائي".

وفي المحور المتعلق بالهوية والثقافة، يلتزم المترشح أوشيش من خلال برنامجه الانتخابي، بتعزيز اللغة الأمازيغية كبُعد من أبعاد الهوية الوطنية، إضافة إلى "إنشاء وكالة وطنية لحماية وترقية التراث التاريخي الجزائري"، هذا إلى جانب خلق "مدينة لتطوير الفنون والسينما".

"فُرصة".. الشراكة السياسية

مغامرة الرئاسيات التي غابت عنها حركة مجتمع السلم منذ 1995، يخوضها المرشح عنها عبد العالي حساني شريف، السباق برنامج أطلق عليه " فُرصَة".

ومن حيث الورقة التقنية، يرتكز على عدة أساسات ومحاور كبرى، منها التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وانطلاقًا من أهمية هذا المحور الذي يستهدف حسب حساني "تحقيق فرص جديدة للتقدم والازدهار من خلال تثبيت دور مدرسة الوسطية والاعتدال ومواصلة النضال من أجل تجسيد التحول الديمقراطي".

فكرة إصلاح النظام السياسي وتكريس الحقوق والحرّيات، أهم عنصر في ورقة "فُرصَة" بالإضافة إلى "تأكيد عناصر الهوية الوطنية" مع وضع "رؤية تنموية شاملة ومستدامة تضمن كرامة المواطن وتنهض بالاقتصاد وتحقق الاكتفاء وتشرك كل الجزائريين في نمو البلاد وازدهارها".

وأيضًا، من أهم الخطوط العريضة لـ"فُرصة" صون "حقوق المواطن وكرامته وتحسين قدرته الشرائية مع توفير مقومات الحياة الطيبة والعيش الكريم".

خارطة المرشح ستوسع أكثر في "تعميق الطابع الاجتماعي للدولة، صياغة نموذج اقتصادي واعد وتعزيز محورية الجزائر في المحيط الدولي"، وفي مجال التعهدات الاقتصادية، يسعى هذا البرنامج إلى "إرساء مقوّمات اقتصاد اجتماعي متنوع ومستدام، محوره الإنسان ومنهجه المشاركة"، حيث يضمن "معايير النمو السريع والمتوازن وبيئة أعمال جذابة واستثمار منتج للثروة".

من منطلق أنّ المعرفة والعلوم هي أساسات بناء الشعوب، لذا فإن " الفُرصة متاح اليوم أمام وضع مخطط لتطوير منظومة المعرفة وتشجيع المخابر البحثية في شتى المجالات، فضلا عن "ترسيخ الانتماء للأمة وترقية تراثها الثقافي"، بالإضافة إلى “تفعيل دور الذاكرة الوطنية وتحفيز الإبداع والابتكار".

من يدفع فاتورة الواقع؟

من حيث الشكل، فإنّ هذه الشعارات، تعدّ من بين أدوات التبليغ في الخطاب السياسي:" ما قلّ ودلّ" يقول أستاذ الاتصال السياسي بجامعة وهران فريد عناني لـ" الترا جزائر"، موضحًا بالقول: إنّها شعارات تستهدف "إيصال وتبليغ أفكارهم للناخبين بالاعتماد على جملة من الأساليب المتاحة والمشروعة التي توظّف مختلف أشكال الاتصال لغوي ورمزي للظهور بشكل دقيق وبسيط بُغية إقناع الناخبين للتصويت عليهم كهدف نهائي.

لكن من حيث المضمون والانتقال من الورق إلى الميدان، هناك أسئلة حارقة تُطرح على أصحاب هذه البرامج وأولها: ماهي الآليات التي سيوظفها الطامحون للرئاسة لاستخدامها في تنفيذ هذه المقترحات في كل هذه القطاعات؟ كما يطرح سؤال آخر، يتعلق بالأجل الزمني، فالبناء من جديد أم البناء على ما هو متوفر؟

كريم بومولة لـ" الترا جزائر": الأمنيات في البرامج الانتخابية تظّل كذلك حتى انتظار معركة الواقع

خلال بقية أيام الحملة الانتخابية التي بالكاد أنهت يومها الأول فقط، ينتظر على أساسها أجوبة من المرشحين، خصوصًا وأنّ طموحات تحسين الوضع الاجتماعي أهمّ متطلبات المواطن، بحسب المحلل السياسي كريم بومولة، قائلًا لـ" الترا جزائر" إنّ الأمنيات في البرامج الانتخابية تظّل كذلك حتى انتظار معركة الواقع أو بالأحرى "دفع فاتورة الحياة المعيشية ومواجهة التحديات". لذا فالسؤال الثالث المطروح خلال الأيام القادمة، من سيدفع الفاتورة؟