02-أكتوبر-2019

في أحد أجنحة معرض الكتاب الدولي في الجزائر (بلال بن سالم/ أ.ف.ب)

تُحاول دور نشر جزائرية وعربية كلّ سنة، مغازلة القارئ الجزائري مع اقتراب موعد المعرض الدولي للكتاب في الجزائر "سيلا"، بأكبر عدد من الإصدارات على اختلاف مجالاتها، ويُحاول كثير من الكتّاب بدورهم، مواكبة هذه التظاهرة، والتسويق لأعمالهم الجديدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أيامًا قبل انطلاقها، باستعراض عناوينهم الجديدة، ونشر صورٍ لأغلفتها أو مقاطع نصّية منها. تطغى هذه الظاهرة في مجال الإصدارات الأدبية.

حضور روايات الكتّاب الشباب سيكون لافتًا هذه السنة، من خلال بعض الإصدارات الجديدة

يبدو أن إصدارات هذه العام ستكون مختلفة عن السنوات الماضية، تزامنًا مع التغيرات السياسية الأخيرة؛ فالحراك الشعبي الذي انطلق في شبّاط/فيفري الماضي، رافقه حراك آخر في مجال الإصدارات، جعله يخرج عن سيطرة الرواية على سوق الكتاب، نحو أفق أوسع، شمل النقد والدراسات الأدبية والشعر والفلسفة، وصولًا إلى وجود توجّه ملحوظ، نحو إصدارات تهتمّ بالشأن السياسي، وتواكب الأحداث الأخيرة.

اقرأ/ي أيضًا: رواية "الحي السفلي".. سجل سياسي لانتحار بطل كافكاوي

تقرّر موعد "سيلا" هذه السنة في طبعته الرابعة والعشرين، في الفترة الممتدّة بين 30 تشرين الأوّل/أكتوبر، والـ9 من تشرين الثاني/نوفمبر، ومع اقتراب موعد التظاهرة، سنكتشف من خلال منشورات ترويجية على مواقع التواصل الاجتماعي، قائمة اسمية لكتّاب جدد يخوضون تجربة النشر لأوّل مرّة، وآخرين يقتحمون مجالات غير تلك التي تعوّدوا الكتابة فيها.

نرصد في هذا المقال، بعض تلك الإصدارات التي أعلنت عنها دور النشر أو تحدّث عنها الكتّاب في حساباتهم بمواقع التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإلكترونية، وقد تميّزت إصدارات هذه السنة، بهجرة كثير من الكتّاب نحو دور نشر عربية، كداري المتوسّط والآداب.

من بين إصدارات الكتّاب الشباب الذين اقتحموا مجال الرواية هذه السنة، نجد واحدًا للكاتب العربي رمضاني، بعنوان "أناشيد الملح سيرة حراگ" أو "حراڨ"، وهي كما قال، "نشيد إنساني واقعي يستعرض واقع الهجرة إلى القارّة الأوروبية بتفاصيل موغلة في الألم، الحزن، الحلم، السخرية، الفرح، الغضب، أو بتعبير آخر، سيرة تفضح فشلًا اجتماعيًا وسياسيًا واقتصاديًا متراكمًا، يدفع آلاف الشباب للهرب إلى الضفّة الأخرى، بحثًا عن واقع أفضل، وتتعرّض الرواية لتغريبة المهاجر السوري والعراقي والفلسطيني والأفغاني، وبقية الشعوب التي طحنتها الحروب ودفعتها للهجرة والمخاطرة، قصد الوصول إلى عالم هادئ لا مكان فيه للجلادين والقتلة وسرديّات الموت، وبين الهرب والبحث عن ضوء ما، يجد المهاجر نفسه في زحمة عالم التهريب المتوحّش وجحيم الحدود والبحر".

عن الدار نفسها، أصدر الشاعر والكاتب خالد بن صالح رابع مجموعة شعرية له، حملت عنوان "يومياتُ رجلٍ إفريقيّ يرتدي قميصًا مُزهرًا ويُدخِّن L&M في زمن الثورة"، وهو عنوان يحمل في غرابته وطوله بعدًا فلسفيًا، قال عنه الكتاب إنه "صيحةٌ متأخّرة لرجل ينتمي ولو جغرافيًا إلى القارة الإفريقية، مخزن الأسرار والثروات المستغلّة، وجغرافيا الثورات والحرّية المسلوبة، رجل يرتدي قميصًا من زمن السبعينات ويدخنّ سيجارة شباب اليوم من حراقة ومشجعي فرق كرة القدم، ومن المشاة ومدخّني سجائر أل. أم في شارع جزائري ينبض بإيقاع مختلف".

خالد بن صالح كتب مجموعته الشعرية هذه كتجربة واصل من خلالها مغامرته مع قصيدة النثر، مراهنًا على أن "العبثية شيء أساسيّ كما السخرية، في مقاربة زمنين مختلفين، والجمع بينهما شعريًا من خلال 12 نصًا، جلّها طويل في شكلِ شريط مُقطّع، يشبه تمامًا هذه الحياة التي نعيشها بالتقسيط".

تستعد "دار المتوسّط" التي تنشط في إيطاليا، للمشاركة في "سيلا" أيضًا برواية ستصدر خلال الأيّام المقبلة للكاتب الجزائري عمارة لخوص، والذي يعود من خلالها للكتابة باللغة العربية، بعنوان "طير الليل"، وهي الرواية الأولى ضمن ثلاثية قادمة، كما ستكون هناك طبعة جزائرية يعلن عن ناشرها لاحقًا. أمّا في مجال القصّة، فيعود الكاتب صلاح باديس، بمجموعة قصصية بعنوان "هذه أمور تحدث" عن الدار نفسها.

يبدو أن حضور روايات الكتّاب الشباب، سيكون لافتًا هذه السنة، من خلال بعض الأعمال الجديدة الصادرة، منها رواية "سوسطارة"، وهي باكورة كتب حنان بوخلالة، صدرت عن "دار خيال" للنشر والترجمة، تسترجع فيها الكاتبة قضية مفقودي العشرية السوداء وتفتح ملفّاتهم العالقة من خلال بطلة روايتها، حيث سيكتشف القارئ أنّ الديكور العام للنصّ، تؤثّثه ذكريات امرأة تجاه الفضاء العاصمي. من جهتها أعلنت الكاتبة الشابة سارة النمس عن روايتها الجديدة "جيم" مع دار الآداب اللبنانية، بعد رواية "ماء وملح" الصادرة عن الدار نفسها.

أمّا دار"ميم" للنشر، فقد خاضت هذا السنة حراكًا في مجال النشر، من حيث عدد الإصدارات التي أعلنت عنها، على صفحتها بموقع التواصل فيسبوك، حيث تنوّع جديدها بين الرواية، القصّة، الشعر، النقد الأدبي، الفلسفة والدراسات والسياسة، ومن بين أبرز عناونيها نذكر كتاب الدكتور لونيس بن علي، "الكتابة على أطراف النهر"، يقدّم فيه الكاتب سيرة سردية، وتأمّلات في الحراك الشعبي.

من جهتها، قدّمت الشاعرة نوارة لحرش، عن الدار نفسها، إصدارًا جديدًا بعنوان "رعاة المعنى"، وهو كتاب يضم مجموعة حوارات مع كتّاب وشعراء، من بينهم اسكندر حبش، نصيرة محمدي، ميلود حكيم، عمر أزراج وغيرهم.

أمّا في الترجمة، فيعود الكاتب عبد العزيز بوباكير، بإصدارين جديدن؛ هما "الانتلجنسيا المغاربية: أفكار ونزاعات لكاتبه فلاديمير ماكسيمينكو"، إضافة إلى "موريسكي في الجزائر"، ويتناول فيه رحلة كارل ماركس إلى الجزائر.

وممّا جاء في رفوف الدار، ديوان للشاعر عبد القادر رابحي "تمامًا كما عرفته"، وكتاب الدكتورة آمنة بلعلى "خطاب الأنساق"، وهو عمل يتحدّث عن التحوّلات التي عرفها الشعر منذ مطلع الألفية الثالثة، إضافة إلى الرواية السياسية "مملكة المور" لبوعلام بطاطاش.

الكاتب مراد بوكرزازة، سيكون حاضرًا أيضًا بروايته الجديدة " لو"، الصادرة عن "دار نوميديا للنشر والتوزيع"،  أمّا عن دار البرزخ، قدّم لنا الكاتب صلاح باديس ترجمة لكتاب "كونغو"، للكاتب الفرنسي إيريك فويار، وهو عمل بنسخة مزدوجة اللغة في إصدار واحد، يسرد تاريخ المستعمرات الأفريقية التي تقاسمها الأوروبيون، والمعاناة التي عانتها تلك الشعوب المضطهدة، حيث اعتبر الكاتب صلاح باديس أسلوب الكاتب إيريك فويار، "من أقوى الأساليب التي تعلّم منها لكاتب ظلّ لامرئيًا لعشر سنوات".

الكاتب جمال بلقاسم، أصدر عن "دار الوطن"، مجموعة من النصوص بعنوان "الروبوتوتات والإمبراطورية: نصوص على ظهر الحمار الذهبي"، قال في تقديمه للكتاب في تدوينة فيسبوكية، إن على الكتابة أن تستعيد ما سحب من الإنسان وتعالى منه.

في السياق نفسه، وعدت "دار بوهيما" للنشر، بالكثير من المفاجآت أيضًا، سيكتشفها القارئ في أوّل تجربة قصصية للكاتب بكر حمادي بعنوان "عرس بابا" إضافة إلى صدور كتاب "فيلسوف بلا حدود.. مطارات مع نعوم تشومسكي في مشكلات الراهن"، وهو عبارة عن حوارات مترجمة لنعوم تشومسكي، حديثة ومنوّعة المواضيع، عن الإعلام والبروباغندا، الأناركية، اللسانيات واللغة، السياسة الدولية، التغير المناخي وتحديات الساعة.

إصدارات كثيرة في معرض الكتاب الدولي في الجزائر واكبت رياح التغيير

عمومًا، يمكن القول إنّ كثيرًا من الإصدارات التي ستكون حاضرة في معرض الكتاب الدولي في الجزائر، واكبت رياح التغيير والانفتاح على تجارب سردية جديدة، تزامنًا مع الحراك الشعبي، حيث شجّع هذا المناخ المتّقد، العديد من الأقلام على الكتابة والنشر وقراءة الأحداث وتناولها سرديًا وأكاديميًا، لعلّ القارئ الجزائري يسترجع شيئًا من نهمه الذي خبا مع مشاغل الحياة السياسية والاجتماعية.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

قصص "أخبار الرازي".. هل يحكم الجنون العالم؟!

رواية "بلزاك والخياطة الصينية الصغيرة".. قدرة الأدب على تغيير مصائر الناس