قررت أم آلاء منذ عامين الدخول في مشروع اقتصادي لمساعدة أسرتها لتخطي وضعها الاجتماعي جراء غلاء الأسعار، وذلك بعرض أطباق جزائرية تعدها في المنزل على الزبائن بالاستعانة بصفحتها على فيسبوك، والتي لقيت صدى على مستوى مدينة الشفة بولاية البليدة.
عديد الجزائريين سئموا من خدمات مطاعم الأكل السريع والتبعات الصحية التي تنجر عنها، ويبحثون اليوم عن أطباق تقليدية بتحضير منزلي متقن
تجربة أم آلاء بدأت تأخذ انتشارا في الفترة الأخيرة في عدة ولايات من الوطن، بالنظر إلى أن عديد الجزائريين سئموا من خدمات مطاعم الأكل السريع والتبعات الصحية التي تنجر عنها، ويبحثون اليوم عن أطباق تقليدية بتحضير منزلي متقن.
عند البحث عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، يمكن ملاحظة تزايد العروض المتعلقة ببيع الأكل المنزلي الجاهز وعبر مختلف ولايات البلاد من شرقها إلى غربها، وهو ما يعكس تزايد الطلب على هذه الوجبات حتى وإن ما تزال نشاطا تجاريا جديدا مقارنة بما هو موجود في بعض الدول.
أطباق متنوعة
عند الاطلاع على صفحة " أم ألاء لبيع المأكولات المنزلية"، يظهر أنها تقدم قائمة مأكولات متنوعة بين التقليدي والعصري، وإن غلبت الأطباق التقليدية على المعروض، بالنظر إلى عودة الجزائريين إلى الاهتمام بتراثهم في مختلف المجالات ومنها المأكولات.
وتشهد الجزائر في السنوات الأخيرة تزايد المطاعم التي تهتم بتقديم الأطباق التقليدية، وبالخصوص مع ارتفاع الطلب عليها، جرّاء موجة الاهتمام والترويج الذي يلقاه المطبخ الجزائري من قبل ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، وبالخصوص بعد تصنيفه من قبل هيئات ومواقع متخصصة في المرتبة الأولى عربيا وأفريقيا، كونه يعد من بين أهم المطابخ المهمة والمتنوعة عالميا.
في الصدد، قالت أم آلاء لـ"الترا جزائر" إن نشاطها اليوم مقتصر على مدينة الشفة بولاية البليدة، بالنظر إلى أن إمكاناتها المالية لا تسمح لها بتوسيعه خارج هذا النطاق الجغرافي، لكنها تؤكد أنها تحرص على ضمان التنوع في الأطباق المقدمة من يوم إلى آخر، وبلذة تجعل زبائنها يؤكدون على تميز ما تعرضه، خاصة وأنه يقدم بأسعار معقولة أقل من تلك المعروضة في مطاعم بيع الأكلات التقليدية التي انتشرت هي الأخرى في السنوات الأخيرة.
وفي عاصمة الشرق الجزائري قسنطينة، بدأت ثلاث سيدات قبل 5 أشهر مشروعهن المنزلي أيضا، والمتمثل في تقديم أكلات تقليدية وشعبية عبر البيع عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وقالت سيدة من المشاركات في مشروع "الأكل الجاهز المنزلي قسنطينة" لـ"الترا جزائر" إن معظم الأطباق المقدمة من الأكلات التقليدية الشعبية الموجودة بقسنطينة مثل "تريدة الموس" والشخشوخة وحمص بالعصبان وغيرها، بالنظر إلى أن هذا ما يطلبه الزبائن، وبالخصوص مع بداية تسجيل برودة في الطقس، والذي يتطلب تناول أطباق ساخنة وتقليدية مقوية.
إقبال
أكدت عضو في مشروع "الأكل الجاهز المنزلي قسنطينة" في حديثها مع "الترا جزائر" أن تجربة عملها الجديد تسير بشكل حسن رغم بدايته الصعبة، بالنظر إلى أن هذه الخدمة لم تكن معروفة للجميع، إلا أن الطلب يتزايد مع مرور الوقت، حيث يتم الاستجابة لـ 20 إلى 30 طلبية في اليوم الواحد، وبسعر يقدر بـ650 دينارا للطبق الواحد الذي يحتوي على لحم أحمر أو دجاج على الأقل، حسب طبب الزبون.
وأشارت المتحدثة ذاتها إلى أن أغلب زبائنهن من الموظفين الذين يفضلون تناول أطباق تقليدية محضرة في المنزل بعد أن ملوا من وجبات مطاعم الأكل السريع، وهو ما جعل هذه التجربة تسير في الطريق الصحيح، خاصة وأنها كسيدة تلقى دعما من العائلة كون العمل في مجال الأكل المنزلي الجاهز يساعد المرأة على التوفيق بين واجباتها المنزلية وتربية الأبناء وتحقيق دخل مالي خاص بها، مبينة في الوقت ذاته أنهن يضمن توصيل الأطباق للزبائن على مستوى قسنطينة.
أما أم آلاء، فقالت لـ"الترا جزائر" إن مستوى الإقبال يظل محدودا بالنظر إلى أن إمكاناتها لم تسمح لها بالتعاقد مع من يقوم بتوصيل الطلبيات، لذلك فعملها مقتصر على زبائنها المعتادين الذين يطلبون إعداد الأطباق في مواقيت معينة، آملة أن تستطيع توسيع هذا النشاط مستقبلا لتتمكن من تغطية حاجياتها اليومية.
ويرجع المنسق الوطني للمنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك فادي تميم إقبال الجزائريين على الأكل المنزلي الجاهز إلى مللهم من وجبات الأكل السريع التي غزت البلاد في العقود الأخيرة، وهو ما لا يتناسب مع عاداتنا الغذائية التي كان يتبعها أجدادنا في سنوات خالية.
تنظيم
يدرج المنسق الوطني للمنظمة الجزائرية لحماية وإرشاد المستهلك فادي تميم في حديثه لـ"الترا جزائر" ظهور بيع الأكل المنزلي الجاهز ضمن التطورات التي يعرفها المجتمع، والتي تساهم في ظهور خدمات معينة استجابة لمتطلبات المستهلكين.
وقال تميم إن هذا النشاط التجاري لايشكّل أي مشكل بالنسبة لمنظمة حماية المستهلك، خاصة وأنه يساهم في تحسين دخل العديد من العائلات الجزائرية لتلبية طلباتها المتزايدة، إضافة إلى أن ظروف طبخ هذه الأطباق لا تبعث على الشك مطلقا بشأن نظافتها وجودتها، بالنظر إلى أن المرأة الجزائرية معروفة بحرصها على التفاني في عملها واحترامها لشروط النظافة.
فادي تميم لـ"الترا جزائر": ظهور بيع الأكل المنزلي الجاهز يندرج ضمن التطورات التي يعرفها المجتمع، والتي تساهم في ظهور خدمات معينة استجابة لمتطلبات المستهلكين.
وأضاف تميم أن بيع الأكل المنزلي الجاهز باعتباره نشاطا تجاريا جديدا يحتاج إلى تأطير قانوني لحماية الطرفين المتعامل التجاري والمستهلك، وذلك خدمة لمصلحة الطرفين، خاصة مع وجود توجه للحكومة يعمل على دعم المقاول الذاتي والعمل الحرفي.
وشدد تميم على ضرورة دعم هذه النشاطات التي تدخل ضمن المقاولاتية المنزلية التي تشمل الألبان والزيوت، وهي منتجات كانت موجودة سابقا في السوق المحلي بتحضيرها من قبل العائلات، مثل تصبير الطماطم بالطريقة التقليدية، وهي مهمة تقع على عاتق الغرف الحرفية على مستوى الولايات، لكن مع الحرص على التأطير القانوني لهذه النشاطات حماية للصحة العمومية ولحقوق العاملين في هذا المجال باعتبارهم يساهمون في الحفاظ على الموروث الغذائي للجزائريين، وحماية المطبخ الجزائري في الوقت ذاته.